طارق صالح يتجه غرباً: الإمارات تتخلى عن «أبو العباس»؟
بعد وصول المحافظ الجديد المعين من قبل «الشرعية»، أمين محمود، إلى تعز، والبدء بممارسة مهامه بجملة من القرارات، التي يؤكد مراقبون أنها «تحمل مفارقات مصاغة إقليمياً، ولا تمت لواقع المدينة المفخخة بالمناكفات والتصنيفات بأي صلة»، برزت تغيّرات كثيرة وعلى كل المستويات، ربما أبرزها الحديث عن ضغوط إماراتية لإيلاء قائد الحرس الخاص السابق للرئيس الراحل علي عبدالله صالح، العميد طارق صالح، قيادة جبهة الساحل الغربي، بالإضافة إلى تصنيف فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي قيادات عسكرية في تعز «إرهابية»، والشراكة مع المصنف على قائمة الإرهاب عادل فارع «أبو العباس»، والتي يرى مراقبون أنها «قد يترتب عليها تصنيف القيادات المذكورة في قائمة الإرهاب من قبل وزراة الخزانة الأمريكية تماماً كما حدث لأبو العباس في تقريرهم السابق». كل هذه المستجدات والتطورات المتسارعة تضع جملة أسئلة، أبرزها: هل ستسلم الإمارات تعز والساحل الغربي لطارق صالح؟ وماذا عن «المقاومة الجنوبية»؟ هل تستطيع الإمارات الاستغناء عن «أبوالعباس» في هذه المرحلة؟ لتنفذ أجندتها من خلال العمل المنظم بين الجناح السياسي، المحافظ الجديد، والجناح العسكري، طارق صالح؟ وإن حصل ذلك فهل «الإصلاح» سيقرر المواجهة أم أنه سيستسلم من باب «مكرهاً أخاك لا بطل»؟
مصدر في السلطة المحلية، كشف في حديث إلى «العربي»، أن «هناك نشاطاً مكثفاً يقوم به أتباع الرئيس الراحل علي عبدالله صالح في تعز، وعن طريق المحافظ الجديد أمين محمود، الذي يرتبط بشخصيات محسوبة على صالح، في مقدمتهم الوزير رشاد العليمي، الذي رشحه من بين مجموعة أسماء لقيادة المحافظة، والوكيل عارف جامل، ومحافظ تعز السابق حمود خالد الصوفي»، وأفاد المصدر بأن «العليمي والصوفي، ومنذ أن وصل المحافظ إلى تعز، يقومون باتصالات مكثفة مع قيادات محلية وحزبية في تعز لإعادة تعيينها ضمن الدائرة المحيطة بالمحافظ الجديد».
وحول تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن، والذي اتهم قيادات عسكرية في تعز بالإرهاب والشراكة مع المصنف على قائمة الإرهاب عادل فارع (أبو العباس)، وهم: عمار الجندبي، وعدنان رزيق، ومروان غالب ونشوان كواتي، والذي قال فريق الخبراء إنهم «قيادات خاضعة لأبو العباس، وشركاء له»، وعبده حمود الصغير، وحارث العزي، الذي وصفهم التقرير بأنهم «محسوبون على حمود المخلافي، وشركاء لأبو العباس»، والحسن بن علي، وماجد مهيوب، وعزام فرحان، نجل عبد الله فرحان، القيادي في «حزب الإصلاح» والمعروف بـ«سالم»، والذي قال فريق الخبراء إنه «مؤسس تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة تعز»، بالإضافة إلى قرارات المحافظ الجديد، والإجراءات التي بدأ يتخذها من أول يوم، كل هذه التحركات تستهدف، بحسب محللين، «حزب الإصلاح»، وتصب في مصلحة «شبكة المؤتمر المؤيد للشرعية بتعز».
مصدر عسكري في الشرطة العسكرية، أوضح لـ«العربي»، أن «قرار المحافظ بتسليم كافة النقاط التابعة لأبو العباس للشرطة العسكرية، ليست مفصلية، لأنه لا فرق بين قيادة الشرطة العسكرية وكتائب أبو العباس، فالجميع يتبعون توجيهات قيادة التحالف، والإماراتية على وجه
الخصوص»، مشيراً إلى أن «العقيد جمال الشميري وقبل أن يتم تعيينه قائداً للشرطة العسكرية مكث في الإمارات قرابة شهر كامل»، وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن «قرار إيقاف قائد لواء العصبة، رضوان العديني، سببه أنه حدثت مشكلة بينه وبين أبو العباس، وذهب رضوان بنفسه إلى الحجز، بناء على توجيهات المحافظ، وقال: نحن نريد دولة وسوف ننفذ توجيهات المحافظ»، ولفت المصدر إلى أن «قرارات المحافظ وتقرير لجنة الخبراء ستشكل قوة ضغط على الإصلاح للقبول بطارق كشريك في المعركة، ما لم… فإن تهمة الإرهاب بانتظارهم».
وفي السياق، يرى مراقبون أن «الإمارات ستتخلى عن أبو العباس كونه أصبح ورقة غير رابحة لها»، مؤكدين على أنه «فشل في مهمة القضاء على الإصلاح، بل إن الإصلاح استطاع اختراق جماعته».
الناشط السياسي ياسين التميمي، أوضح في حديث إلى «العربي» أن «إجراءات محافظ تعز تأتي في إطار التنسيق مع قيادة التحالف الإماراتية بعدن، وليست منفصلة عن الترتيبات الإماراتية التي بدأت تخطط على ما يبدو لتقليص دور أبو العباس ومساعديه ودمج الوحدات السلفية في إطار الجيش»، وأضاف التميمي أن «منسوب الثقة أصبح مرتفعاً الآن بين القيادة الإماراتية وقيادة محافظة تعز، وهذا سيسمح بإنفاذ الأجندة الإماراتية التي يغلب عليها هاجس النفوذ الكبير للإصلاح في تعز، والسعي للقضاء عليه، وهو هاجس لا يزال يشكل مصدر خطر كبير على مستقبل تعز».
أما عضو الهيئة العليا لحزب «الرشاد» السلفي، محمد طاهر أنعم، فيؤكد في حديثه إلى «العربي»، أن «كل هذه التحركات في تعز تندرج مع تحركات أخرى تستهدف حزب الإصلاح عن طريق الإمارات وأنصارها، فالإمارات بعد اعتمادها على جماعة أبو العباس خلال الفترة الماضية، وجدت أن استخدامهم في المواجهة ضد حزب الإصلاح في تعز غير ناجحة وغير ممكنة»، مشيراً إلى أن «ذلك يعود لسببين، الأول هو أن الإصلاح استطاع اختراق جماعة أبو العباس ببعض المقاتلين، ثانياً لأن هناك إشكالية فكرية لدى جماعة أبو العباس السلفية، وهي قضية طاعة ولي الأمر، الذي هو عبده ربه منصور هادي، المتحالف مع الإصلاح، وعدم جواز التمرد عليه عند بعضهم، ولذلك فإن الإمارات قد حزمت أمرها وقررت أن تستخدم طارق عفاش لهذه المواجهة ضد الإصلاح وهي في طور التجنيد والترتيب له».
وتوقع طاهر أن «تكون الفترة القادمة هي فترة تسليم المناطق التي هي تحت سيطرة أبو العباس لطارق صالح لمواجهة حزب الإصلاح، وستكون مواجهة قوية».
في المقابل، يرى متابعون أنه «من المبكر الحديث عن تسليم طارق صالح جبهة الساحل الغربي»، مؤكدين أنه «إذا كان هناك توجه للتحالف بتحرير الحديدة فإنه سيكون لقوات طارق دور في الحديدة».
الناشط السياسي، ياسين التميمي، يؤكد أنه «يتم التحضير لطارق صالح بالقيام بمهمة عسكرية في معقل الحوثيين»، ويرجح التميمي أن «يكون لقوات طارق دور في معركة الحديدة إن كانت لا تزال ضمن مخطط التحالف»، مشيراً إلى أن «معسكرات طارق ستكون مثلها مثل الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والشبوانية، وبقية التشكيلات العسكرية، التي أنشأتها الإمارات؛ مجرد أدوات ليس أكثر».
أما الكاتب والصحافي محمد المقبلي، فيؤكد لـ«العربي» أن «طارق صالح لا يشكل عاملاً مهماً لتحرير اليمن، وكلما يبحث عنه هو حصته من الغنيمة»، مشيراً إلى أنه «المعركة تتم وطارق يحاول أن يركب موجة المقاومة التهامية وبإيعاز إماراتي، لن يكون طارق سوى عبء مضاف لمشروع استعادة الدولة»، لافتاً إلى أن «طارق هو معرقل للتحرير، وليس محرراً، ويوماً ما سيكون معيقاً للدولة، مثله مثل الحوثي، والمجلس الانتقالي التابع لعيدروس».
مصادر عسكرية مقربة من قيادة «التحالف» في المخا، كشفت، لـ«العربي»، أن «القيادات الجنوبية، وبعد رفضها لفرض مشاركة قوات طارق صالح من قبل قيادة التحالف الإمارتية، وتهديدها بالانسحاب من الجبهة في حال تم فرض ذلك، تم الاتفاق على تسليم طارق صالح قيادة المقاومة التهامية، بالإضافة إلى جبهة حيس والخوخة والجراحي، والتي رفضت المقاومة الجنوبية تسليمها»، وأشارت المصادر إلى أنه «مهما تم الرفض من قبل القيادات الجنوبية، إلا أن صاحب القرار الأول في الساحل الغربي، هي قيادة التحالف الإمارتية»، وتوقعت المصادر أن «يتم الترتيب لهذا الأمر خلال الأيام القليلة القادمة»، واستبعدت المصادر حصول أي «انشقاقات أو انسحابات في جبهة الساحل الغربي».
*العربي