إسرائيل تعترف رسميًا بتنفيذ هجوم ضد أهداف إيرانية بسوريا وتلتزم الصمت حيال اعتداء اليوم
يمانيون – متابعات
كما كان متوقعًا، لم تُعلن إسرائيل تحملّها مسؤولية العدوان الذي تعرّضت له سوريّة فجر اليوم الثلاثاء، وأطلقت العنان لإعلامها المُتطوّع لنشر الـ”تحليلات” والـ”تقارير” التي تعتمد على “مصادر أجنبيّةٍ”، في مُحاولة منها لإثارة البلبلة من ناحية، ومن الناحية الأخرى، توجيه رسالة امتهان، لا بلْ ازدراء، للأمّة العربيّة من المُحيط إلى الخليج.
مع ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ هذا العدوان، الذي يُنسب لكيان الاحتلال، هو الثاني، الذي تُنفذّه إسرائيل، بحسب المصادر الأجنبيّة، خلال أسبوع، باستخدام الصواريخ المُوجهّة من إنتاج حليفتها الإستراتيجيّة، الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، ويبدو أنّ صنّاع القرار في تل أبيب، باتا يخشون استخدام المُقاتلات الحربيّة لتنفيذ ضرباتهم ضدّ الأهداف في العمق السوريّ، منذ العاشر من شباط (فبراير) من العام الجاري، بعد أنْ تمكّنت الدفاعات الجويّة العربيّة-السوريّة، من إسقاط مُقاتلةٍ إسرائيليّةٍ من طراز (F15)، التي تُعتبر دّرّة التاج في سلاح الجوّ التابع للدولة العبريّة.
وإذا عُدنا قليلاً إلى الوراء، نُلاحظ بالعين المُجردّة أنّ إسرائيل لم تكُن راضيةً عن نتائج العدوان الثلاثيّ: الأمريكيّ-الفرنسيّ-البريطانيّ ضدّ سوريّة فجر يوم السبت الماضي، وعبّر إعلامها، الذي يعكس آراء وأفكار أقطاب دولة الاحتلال، عن استيائه من الضربة الغربيّة، مُنتقلاً في الوقت عينه من مرحلة الاستياء إلى التعبير عن الغضب العارم من محدوديّة الضربة الغربيّة، التي بحسب تعبيره لا تُسمن ولا تُغني عن جوع.
وكان مُثيرًا للغاية أيضًا أنّ كبار القادة في المؤسسة الأمنيّة حذّروا وما زالوا يُحذّرون من أنّ عمليةٍ إيرانيّةٍ انتقاميّةٍ تجبي عددًا من القتلى الإسرائيليين ستؤدّي إلى اندلاع حربٍ شاملةٍ، على حدّ تعبيرهم. ونقل مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أليكس فيشمان، المُقرّب جدًا من قادة المؤسسة الأمنيّة في تل أبيب، نقل عن مصادر رفيعةٍ جدًا قولها إنّ تقديرات الاستخبارات عسكريّة في تل أبيب تؤكّد على أنّ الإيرانيين سيقومون بعمليّةٍ عسكريّةٍ ضدّ إسرائيل.
أمّا مُحلّل الشؤون الأمريكيّة في (هآرتس)، حيمي شاليف، فقال جازمًا إنّ ترامب يخاف من المُحققين في واشنطن في قضاياه، أكثر بكثير من خشيته من الرئيس السوريّ، ولفتت الصحيفة إلى أنّ الضربة الغربيّة لسوريّة أصبحت انتصارًا للأسد في الرأي العّام بالوطن العربيّ، على حدّ تعبيرها.
أمّا التطوّر الأكثر خطورةً، فكان قيام مسؤول عسكريّ إسرائيليّ رفيع، فضّل عدم الكشف عن اسمه، بالحديث للصحافيّ اليهوديّ-الأمريكيّ من صحيفة (نيويورك تايمز)، توماس فريدمان، أمس الأوّل، والتأكيد لأوّل مرّة بأنّ الدولة العبريّة قامت باستهداف قواعد عسكريّةٍ إيرانيّةٍ على الأراضي السوريّة، الأمر الذي اعتبرته صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة في عددها الصادر اليوم بخطوةٍ استثنائيةٍ للغاية، خصوصًا وأنّه قُتل في العملية المذكورة سبعة من عناصر في الحرس الثوريّ الإيرانيّ، على حدّ قول المصدر نفسه.
علاوة على ذلك، نشرت الصحيفة تقريرًا مطولاً اليوم بقلم المُحلّل د. رونين بيرغمان، نقل فيه عن مصادر إسرائيليّة وصفها بالمطلعة جدًا قولها إنّ العدوان الثلاثيّ لن يردع الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد، وأنّ الهجوم لم يُحقق أكثرية الأهداف التي خُطط لها. ونقل عن مصدرٍ رفيعٍ جدًا في المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة قوله إنّه إذا كان الهدف من العدوان الثلاثيّ ردع الأسد عن استخدام الأسلحة الكيميائيّة، فإنّ هذا الهدف لم يُحقق بتاتًا، وأنّ البنية التحتيّة السوريّة لإنتاج هذه الأسلحة غيرُ التقليديّة لم تُصب ولم تُمّس بتاتًا، على حدّ قوله.
وأوضح المصدر أيضًا، بحسب الصحيفة، أنّ كبار المسؤولين في إسرائيل طالبوا نظرائهم في واشنطن بتنفيذ عمليّةٍ عسكريّةٍ كبيرةٍ ضدّ النظام الحاكم في دمشق، لكنّ الردّ الأمريكيّ كان الاستهتار والقول إنّ الأمر ليس مُمكنًا من الناحيّة العملياتيّة، كما أكّد.
وكان وزيران إسرائيليان، حذّرا يوم أوّل من أمس الأحد، من أن تل أبيب ستُواصل التحرّك ضدّ إيران في سوريّة، وذلك بعد أسبوع على قصف إسرائيلي على مطار “T4” في ريف حمص وسط سوريّة، حيث قال وزير الأمن الداخليّ الإسرائيلي غلعاد أردان، العضو في المجلس الوزاري الأمنيّ-السياسيّ المُصغّر (الكابينيت) لإذاعة الجيش الإسرائيليّ: سنواصل التحرّك ضدّ الحضور العسكريّ لإيران في سوريّة، والذي يشكل تهديدًا لأمن إسرائيل، على حدّ تعبيره.
كما قال وزير التعليم الإسرائيليّ نفتالي بينيت، وهو عضو أيضًا في (الكابينيت) إنّ إسرائيل تملك حرية تحرّكٍ كاملةٍ، مُضيفًا أنّ إسرائيل لن تسمح لإيران بالتمركز في سوريّة، ولا يمكن أنْ تصبح حدودها الشمالية باحة مفتوحة للرئيس السوريّ بشار الأسد، حسب قوله.