أفق نيوز
الخبر بلا حدود

خلافات الإماراتيين تطفو على السطح .. والشيخ راشد أول المنشقين

147

يمانيون  – متابعات

دولة الإمارات المكوّنة من سبع إمارات متحدة تشوبها هذه الأيام بعض الصراعات الخفيّة، والتوترات التي كانت حبيسة الكواليس لتصعد إلى السطح مؤخراً بشكل متسارع، ويدخل ملف قطر واليمن في هذا الخرق الذي ينخر يوماً بعد يوم جسد هذا البلد الذي كان يعدّ وجهةً لرجال الأعمال للاستثمار فيه، ولكن ما جرى في السابق وما يجري حالياً سيؤثر على “دبي” بالتحديد لكونها تعتمد على الاستثمارات الخارجية أكثر منها على النفط.

وإذا بحثت عن مصدر تحريك هذه الخلافات ككل ستجد إمارة أبو ظبي في واجهة المسؤولين عن هذه البلبلة خاصةً أنها أخذت موقفاً متطرفاً تجاه حرب اليمن والعلاقة مع قطر، وكان لها أياد خفية في ممارسة ضغوط كبيرة على بقية الإمارات، ولاسيما إمارة “الفجيرة” التي أعلن انشقاقه منها يوم 16 مايو الماضي بشكل غير متوقع، الشيخ راشد بن حمد الشرقي النجل الثاني لحاكم إمارة الفجيرة والذي وصل للعاصمة القطرية الدوحة طالباً اللجوء، ويعدّ هذا الانشقاق الأول من نوعه في تاريخ الإمارات ككل، والملفت أن وجهة الشيخ راشد كانت قطر التي أعلنت بلاده محاصرتها إلى جانب السعودية، وهذا الحدث يحمل في طياته رسائل خطيرة عما يجري بين الإمارات والتي حاولت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية الحصول عليها عبر الحديث الذي أجرته مع الشيخ راشد.

الشيخ راشد الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، اتهم في حواره مع الصحيفة الأمريكية إمارة “أبو ظبي” بالتفرّد بقرار المشاركة في الحرب على اليمن والابتزاز وغسل الأموال، وأضاف الراشد: “إن حكام “أبو ظبي” لم يتشاوروا مع حكام الإمارات الآخرين قبل إرغام جنودهم على المشاركة في حرب اليمن منذ ثلاث سنوات مشيراً إلى تذمّر بقية الإمارات من تصرفات وسياسة “أبو ظبي”.

وتابع قائلاً: إن إمارة الفجيرة إحدى أصغر الإمارات السبع، وأقلّها نفوذاً تحمّلت الوزر الأكبر في عدد القتلى الإماراتيين باليمن الذين قال إن عددهم الكلي أعلى مما تعلنه أبو ظبي، وأشار إلى أنه بدأ برفض مطالب مسؤولي المخابرات في أبو ظبي الذين أتوا على ذكر عائلته كحكام للفجيرة، وهو ما فسره على أنهم أرادوا منه السعي ليحل محل أخيه الأكبر ولياً للعهد.

اليوم الشيخ راشد يخشى على حياته وحياة عائلته، وأبلغ هذا الكلام إلى المسؤولين القطريين بسبب خلافات مع حكام أبو ظبي الذين اتهمهم بالابتزاز وتبييض الأموال، لكن الصحيفة قالت إنه لم يقدم أدلة على هذه الاتهامات.

وأضاف إنه قرّر إجراء المقابلة على أمل أن يساهم الاهتمام العلني في حماية عائلته في الفجيرة من ضغوط أبو ظبي التي قال إن مخابراتها ضغطت عليه لتحويل عشرات ملايين الدولارات نيابة عنها لأشخاص لا يعرفهم في دول أخرى كي لا يبدو الأمر خرقاً للقوانين الإماراتية والدولية لجهة غسل الأموال.

وقال للصحيفة: “أنا أول عضو من العائلة الحاكمة أغادر الإمارات، وأتحدث عن كل شيء عنهم”، وكشف الشيخ راشد الشرقي أن الجهات التي تم تحويل الأموال إليها كانت في الأردن ولبنان والمغرب ومصر وسوريا والهند وأوكرانيا، وأن إيصالات هذه التحويلات لا تزال في الفجيرة.

ومن أجل معرفة وجهة النظر الأولى بشأن الموضوع، قالت “نيويورك تايمز” إن ممثلاً لسفارة الإمارات في واشنطن رفض التعليق في حين لم تتمكن من التواصل مع حكام الفجيرة.

خلافات قديمة

جوهر الخلاف بين “المحمدين” ابن راشد آل مكتوم وابن زايد آل نهيان، يعود إلى موقف كلا الأميرين من الحرب على اليمن ومحاصرة قطر، فاليوم، وبعد أشهر قليلة على خسارات دبي التي تبلغ مساحتها حوالي 5% من مساحة الإمارات السبع للكثير من الاستثمارات إثر قرار طرد القطريين، وحالياً تمنع الإمارات وجود أي قطري على أراضيها، وعلى إثر ذلك خسرت حكومة دبي مبالغ واستثمارات طائلة كانت تخطط حكومة دبي أن تخرج من أزمتها بواسطتها الأمر الذي أسهم في تأجيج الموقف بين حكومة دبي وأبوظبي، ولاسيّما أنّ الأخيرة ظلّت حتى وقت قريب الجهة الوحيدة المخوّلة لإصدار تأشيرات الدخول والاستثمار في كل الإمارات الخليجية.

السلوك السياسي لإمارة أبوظبي

مؤخراً، وبسبب ما يقوم به ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان من نشاطات أمنية وعسكرية وسياسية باسم الاتحاد الذي تم إنشاؤه عام ١٩٧٤م، زادت حدّة التوترات الصامتة كون الاتفاقية بين الإمارات السبع لا تخوّل أيّ إمارةً اتخاذ خطوات إقليمية أو دولية بصورة منفردة .

ولعلّ أحد أسباب استياء دبي من سلوك أبو ظبي السياسي هو تهديد الأخيرة لسمعة دبي التجارية حيث يرى مراقبون أن سمعة إمارة دبي التي بنتها على مدى عقود في عالم التجارة وحرية الأعمال باتت مهددة بسبب السلوك السياسي لإمارة أبوظبي في تعاطيها مع الملفات الإقليمية.
الإمارات التي اقترن اسمها خلال العقد الماضي بدبي ونهضتها الاقتصادية، باتت ترتبط اليوم باسم أبو ظبي وتدخلاتها السياسية وملفات حقوق الإنسان، الأمر الذي يشكّل تهديداً لبيئة الأعمال التي وفّرتها دبي على مدى العقود الأخيرة.

استمرار تعنّت أبو ظبي بموقفها تجاه قضايا المنطقة وتدخلها بشؤون الدول المجاورة لها ومحاولتها الحفاظ على مركزيتها بين الإمارات السبعة ومنع البقية من التحرك بحرية والحصول على استثماراتهم دون وضع عقبات سيأجج الخلاف أكثر وأكثر وسيحول دون حفاظ الإمارات على مكانتها الإقليمية والسياسية وسيخفف من بريقها في مجال الاقتصاد والاستثمار.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com