جبهتها الداخلية أضحت ساحة حرب وأعداؤها يتضاعفون ..الإمارات و سياسة التدمير الذاتي!
يمانيون || تقرير || ابراهيم الوادعي
بأكبر من حجمها تحاول الإمارات أن تظهر في منطقة الشرق الأوسط، فهي تنخرط في العدوان على اليمن كلاعب رئيسي، وتستجلب العداء مع إيران بشكل خطير، وتذهب إلى محاولة تغيير الأنظمة في الدول كما حاولت ذلك في الصومال، وهو الهدف من وراء إشعال الأزمة مع قطر، كما أنها تندفع بجنون وبدون مواربة في دفع قطار التطبيع مع الكيان الصهيوني.
الأفعال الإماراتية المثيرة تحدث اليوم دفعة واحدة، والمثير للاستغراب أن حكام الإمارات لا ينتظرون الوقت ليبدأوا بفعل جديد وصنع أزمة أخرى تضاف إلى أخرى قائمة تعيد توجيه الأنظار إليهم، وهم شغوفين بذلك إلى حد التهور بعد أن أضحت تفاصيل الحرب في اليمن مملة بالنسبة إلى “عقلية بدوية”، ويتجلى ذلك في تباهي ساسة إماراتيين بوجود يد إماراتية وقفت خلف هجوم الأهواز، رغم خطورة استجلاب العداء الإيراني على دولة بمثل الامارات لا تملك اقتصادا راسخا وموارد ثابته، ولا تملك جيشا قويا مقارنة بإيران، كما أن المراهنة على حليف كترامب مقامرة غير محسوبة العواقب.
الصين تبني ميناء جوادر الباكستاني والذي بموقعه يفوق ميناء جبل علي ومنطقتها الحرة بمرات وستفضله شركات الشحن العالمية لما سيوفره من ميزات وتقليص النفقات ومدة الشحن، كما أن الصين بنت سكة حديد تصل مقاطعاتها الغربية بالميناء الباكستاني الواعد لتصدير بضائعها دون الحاجة لشحن بحري.
وهاجس الغياب عن الواجهة التجارية والاهتمام الدولي يؤرق حكام الإمارات المولعين باقتناص مؤشرات السعادة في أي مجال كان، وهذا أحد الأسباب في اندفاعة الإمارات للعب دور شرطي أمريكا في المنطقة ريثما تنتهي من مواجهة الصين.
” البدوية السياسية ” التي ظهرت جلية في ولع حكام الإمارات باقتناص مؤشرات السعادة في أي مجال كان، ظهرت كثقل رمى بحباله وراء التخوف من اهتزاز صورة الدولة السعيدة التي جرى العمل على زراعتها في ذهن المواطن البسيط في منطقة الشرق الأوسط، والاعتراف بأن جبهتها الداخلية باتت جزءا من حروبها التي دلفت إليها بقدميها ولم يجبرها أحد.
وثمة أمر آخر أن ضربة صافر الصاروخية في 2015م بعد أشهر من شن الحرب على اليمن والتي ذهب ضحيتها ما بين مائة وخمسين ضابطا وجنديا إماراتيا قتلوا وجرحوا، قد ترك أثرا دامغا في الوعي الإماراتي، وتوقع العقلاء أن يصحو حكام الإمارات على حجم دولتهم الحقيقي لكن ذلك لم يحدث، وبدلا عنه مضى أولئك في سياسة المكابرة والمقامرة، وعقدة الخوف من الفشل تلازمهم منذ ذلك الحين، وتقف وراء انفعالاتهم وتصلبهم فيما يتصل بالشأن اليمني وأزمات المنطقة التي ينخرطون فيها بدون دعوة أحيانا ..
هذين الأمرين يفسران بشكل كبير إصرار الإمارات على إنكار حقيقة الضربات الجوية التي تتعرض لها من قبل الطيران اليمني المسير، وقبل ذلك الضربتين الصاروخيتين ضد مفاعل براكة النووي الذي تأجل افتتاحه إلى أجل غير مسمى، وضد قاعدة جوية في إمارة أبو ظبي، وظهورها بمظهر المنفعل والمتصلب في موقفها حيال إيقاف العدوان على اليمن، وهو قد يفسر أيضا عملها بخارج حسابات المنطق ولهاثها، الإمارات وراء احتلال الحديدة رغم الخسائر الجمة واليومية، والتحذير العالمي بشان الكارثة الإنسانية.
استمرار الإمارات في سياسة الخداع للمستثمر البسيط، لن تكون مجدية لوقت طويل، أظافر اليمنيين تطال وجهها اليوم بعد ما يقرب من 4 سنوات من العدوان على اليمن، وإن كان بالإمكان إخفاء الندوب، فعليها أن تتحسب ليوم تصبح فيه تلك الاظافر كبيرة، ولا يمكن إخفاء أعمدة الدخان عن نظر مواطنيها والعالم الذي سيصدم حينها، وتجد نفسها مضطرة للاعتراف جملة واحدة كما فعل حليفها السعودي.
ما يفعله حكام الإمارات ليس سوى نوع من الحمق السياسي حين يرسل إليك خصمك رسائل صغيرة من شاكلة تعطيل كليا أو جزئيا مطار لساعة أو ساعتين عل ذلك يردعك فتتجاهلها، وحينها تدفعه لفضحك على رؤوس الملأ ولن يكون بمقدورك سوى الاعتراف، والتأثير السلبي حينها سيكون مضاعفا لأن كل ما حدث مسبقا وأنكرته سيحضر في تلك اللحظة، وعليهم الإنصات لتحذيرات أنصار الله بعمليات لا يمكن إخفاؤها في الداخل الإماراتي، إذ ليس هؤلاء ممن يقولون ولا يفعلون ولو بعد حين.
وبالنظر الى السياسة الإماراتية التي تنغمس في إشعال النيران في المنطقة العربية وتتلذذ بكونها طرفا يسهم في صنع أكبر كارثة إنسانية في العالم يمكن الجزم بأن دولة نشأت في السبعينيات من القرن الماضي على الضفاف الغربية للخليج محكومة لهواة مغامرة سياسية لا يعرفون الحجم الحقيقي لتركة أبيهم، فإن تبنى اقتصادا مزدهرا في لحظة أراد العالم لك أن تكون نموذجا لإغراء الجار على الشاطئ الآخر للخليج، للتخلي عن خياره الإسلامي والعودة إلى الحضن الغربي، لا يعني أنك قادر على المحافظة عليها بالانخراط في حروب وأزمات أكبر منك، أو بالاعتماد على حليف غير موثوق كما الولايات المتحدة، سفير الإمارات في لبنان اعترف أمام ضيوف على حفلة غداء قبل أسابيع أن أمريكا وعدت بنقلة نوعية في مواجهة إيران، لكن المشكلة، والكلام عائد له، تكمن في أنه لا يمكن تصديق أمريكا.