أفق نيوز
الخبر بلا حدود

مناشدات كسير .. للأسير السعودي “موسى عواجي “

177

يمانيون – متابعات

سترى في عينيه انكسار الدنيا كلها، وخيبة الإنسانية أجمعها..
لم يشفع له قتاله من أجل جنون العائلة، وتحت راية عبثية الملك وابنه المهفوف..
جاء إلى الحد الجنوبي بعدَ أن صدَّق أبواق النفاق الناعقة في المنابر، والساكنة في قصور أشبه بالقصور..
جاء بلا هدف ولا غاية ولا مبرر سوى السير خلفَ ولاة الضلال والرقص والمجون والعمالة…
وجدَ نفسه كغيره من الجنود السعوديين أمامَ أشبالٍ يحملون قضية، ويدافعون عن وطنهم، وعرضهم، وفي شريان كل واحدٍ منهم فصائل الدماء المسفوكة للأطفال والنساء، وفي عين كل واحدٍ منهم نظرةُ النصر وثقة الفوز…
شاهدَ موسى مالم يشاهده في عمره، وفوجئ بما لم يتوقعه في حياته العسكرية..
رأي الخط الأول من المرتزقة الأرخص يسقطون أمام عينية، وتتطاير بهم المواقع في انفجارات متتالية، وما هي إلا ساعات حتى شاهد الخط الثاني من مرتزقة السودان والسنغال وكينيا يسقطون الواحد تلو الآخر، وأصبح الطيران يقصف بلا جدوى، وينتظر نتائج الاشتباك، وصل أشبال اليمن إلى النسق الرابع وفيه موسى وجنود سعوديين آخرين ومعهم بحريني وإماراتي، وعند الثوانِ الأولى أطلق الإماراتي والبحريني لساقيهما العنان، وسبقَ ابن رأس الخيمة ابن المنامة؛ فقد كانت خبرته في سباق البُوشْ(الجمال) هي التي أهلته لهذا الفوز في الإدبار…
تنهدَ موسى لفرار درع الخليج الجبان، وماهي إلا لحظات حتى التحقَ بهما جنود المملكة، وموسى يصيح بهم:
-أنا مصاب خذوني معكم..
لكن جميع الآذان في تلك اللحظة أصابها الصمم، ولم يجد موسى من يواسيه إلا سبعة جنود كل واحدٍ منهم يئن ويصيح ويبكي، اختفت أصواتهم جميعًا ولم يتبقَّ إلا صوته وصوت آخر في أسفل الموقع…
وصل الأشبال وحُمل موسى ورفيقه على أكتاف الأشبال، بينما الطيران يقصف هنا وهناك، وركز قصفه على الموقع؛ حتى أحرق كل المخازن الممتلئة، وقتل البقية الباقية من الجرحى…
كانت عينا موسى تراقب كل شيء…العدو يحمله على ظهره، ينزله بعد أمتار في جرفٍ آمن ليربط جرحه، ويطمئنه ويواسيه..يُحمل موسى ثانية وثالثة ورابعة وخامسة، وهو يتنقل من كتف إلى كتف، في مسافة طويلة تمتد لعدة كيلومترات..
يردد موسى بعد أن رأى التعب والجهد والحذر من الطيران ويقول:
-دعوني أموت فقد أهلكتكم بحملي ونقلي، وأنا في الصل مريض، وقد نزف دمي كثيرًا، فاتركوني، وارحلوا..
يرد عليه أحد المجاهدين:
-والله لن نتركك حتى نوصلك إلى المركز الصحي..
يرد موسى وفي عينيه دمعتان ساكبتان:
-لكن الطيران يلاحقنا وإن سلمنا في المرات السابقة فلن نسلم فيما يأتي والطريق كما قلتم يحتاج لساعات إضافية..
يُمسك بيديه أحد الأشبال ويقول:
-لن نتركك يا موسى ولو فديناك بدمائنا فأنت أسير وجريح وهذه أخلاقنا وهذا ديننا.
يصمت موسى وتتحدث عينيه بدموع الإعجاب الغزيرة كالمطر…
ويصل إلى المركز الصحي ويتنقل بعدها في عدة مستشفيات، ويبذل القائمون كل الجهد لإنقاذه، فقد نقلوا له الدم، ووفروا له أمصال الألبيومين، لكن الفيروس ازداد شراسة، وتكاثر عدده بعد أن ضعفت مناعة موسى، وقرر الإخصائيون عملية عاجلة لكن إمكانيات عملها بعد الحصار غير متوفرة…
وهُنا ناشد أنصار الله كل المنظمات أن تخاطب الجانب السعودي في تبادل للأسرى كي يتم إنقاذ حياة أسيرهم، لكن مسئولي المملكة وضعوا في آذانهم عجينًا وطينا…
سمحَ رجال اليمن للأسير أن يتحدث إلى أهله وقادته ومسئوليه، ويناشدهم الإسراع في تبادل الأسرى وإسعافه ولكن لا مجيب…
يتحدث موسى صوتًا وصورة ويخاطب الشعب السلطة والشعب ويقول:
(أناشد السعودية والسلطات السعودية، أن تهتم فيني والتبادل في أسرع وقت، وأنا طالب منهم أن يهتموا فيني بأسرع وقت)
وصلت المناشدات تلو المناشدات ولكن العائلة السعودية لا يهمها أمر جنودها ولا قيمة لهم، إلاَّ أن نخوة الاستجابة جاءت من قطر، وصرح مصدر في الخارجية القطرية بقوله:
(مستعدين لاستقبال الأسير السعودي الذي استاءت صحته في اليمن ومنحه الجنسية القطرية لتقديم الرعاية الصحية له من دافع إنساني وندعو المنظمات الدوليه أن يسهلوا اجراءات خروجه من اليمن)
فإلى كل مرتزق يمني أو سوداني أو كولومبي أو سنغالي أو غيره؛
أن يعتبر بهذا الأسير السعودي وغيره من العشرات الذين مر على أسرهم سنوات ولم تكلف نفسها مملكة الشيطان أن تبادل بهم (الأسرى الجرحى) الذين اشترتهم من مرتزقة مارب ومرتزقة الجنوب…
قد يموت موسى في أي لحظة ولكنه قبل أن يموت يبصق نزعاته الأخيرة في وجه الشعب السعودي الجبان الذليل المتفرج على جنوده الأسرى يموتون ولا يجدون من يطالب بالإفراج عنهم…
#مصباح_الهمداني

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com