الولاية هداية وانتصار
يحاول تحالف العدوان عبثاً الخروج من مأزقه بمسرحيات تراجيدية تسيل فيها دماء الكمبارس وتتمزق فيها الدمى وتطال نيرانها بقية الطاقم العاجز منذ خمس سنوات عن تنفيذ المشهد الختامي الذين يحلمون بالوصول إليه.
أوراق السيناريوهات البريطانية والأمريكية تبعثرت وتحولت المسرحية التراجيدية إلى كوميديا هزيلة متناقضة يتصارع فيها “الفرقاء المتفقون” لينتجوا مشهداً معيناً سقط “حزب الإصلاح ” صريع ولاءاته.
توزعت مرقته ولحمته على الجميع، ورمي جلده وأظلافه إلى مأرب ليجف هناك، وفي أقرب فرصة سيتم دبغه ليفرشه الأمراء بساطاً لاستقبال “إيفانكا”.
وخلال فصول المسرحية تأكل العاصفة بعض أبنائها وتلقي بالبعض الآخر إلى محارق الهلاك، ومحاولات اللاجدوى.
ويوماً إثر يوم تتضخم علامات التعجب وتكبر علامات الاستفهام ..
ما الذي يجري لهذا الحلف العريض المتين المتماسك؟ ما الذي أوهنه؟ ما هي عوامل التشظي؟ ما هي بواعث التفرق؟
لماذا الطرف الآخر المحاصر، المستضعف، الأقل عدداً وعدةً، والأكثر أحمالاً ومسؤوليات، يتماسك كل يوم ويلوح له النصر في الأفق؟
وبعد تأملٍ بسيط لواقع طرفي الصراع يتضح جلياً أن “التحالف” لا يجتمع فيه اثنان إلا لمصلحة شخصية، لا يوجد فيه مسؤولٌ إلا ويبحث عن الارتباط بالأجنبي ليرتقي كمرتزق بالعملة الصعبة، لا يقوم التوجيه المعنوي عندهم إلا على أساس طائفي، وعرقي، ومناطقي، ومادي فيكون لذلك الأثر العكسي فيما بينهم.
التربية المادية جعلتهم رخيصين حتى لدى أنفسهم، ما أدى إلى سهولة اختراقهم حيث يمكن التعرف على مرقد أسمن كبش منهم عبر جائزة مجزية، وقد تحدث الشهيد الصماد رحمه الله عن صفقة “القات مقابل السلاح” وهلم جرا.
المسخ الموالي للتحالف غير محصن وسهل الاختراق، وعبر شائعة معينة يمكن أن يتم قلبه رأساً على عقب فليس لديه قنوات محددة يستقي منها الخبر والرؤية والتوجه الحكيم (ومن يضلل الله فما له من هاد).
المسخ الموالي للتحالف اهتزت ثقته بقياداته التي تناقصت خلفه مع كل منعطف وخطورة، فلم يبق حوله إلا أفراد الصف الأخير ولم يعد يتلقى التوجيهات إلا من بلدان المهجر.
المسخ الموالي للتحالف فقد ثقته بالنهج الذي سار عليه لسنوات وبالذات عندما يرى أن هذا النهج في ذروته أنتج بارات وملاهي ودعارة على الكتاب والسنة الوهابية.
المسخ الموالي للتحالف أصبح يعرف تماماً أنه يرابط في مكانه طمعاً في المال، وهنا نقول له: لا تقلق قريباً سيرزقنا الله وسنشتريك.
في المقلب الآخر تجد من يقف بوجه هذا التحالف له قائدٌ واحدٌ، وموقف واحدٌ، وله نهج واحد، وحوله أمة يتقدمها قادتها إلى الشهادة فيرى صمادهم ومدانيهم وحسينهم عمدوا مبادئهم بدمائهم، فلا يرى سوى الوفاءَ مَحملاً يُمَكنه من اللحاق بهم.
هذا المؤمن الذي يواجه أعتى آلة هو يثق برب تكفل بأنه (موهن كيد الكافرين) فوهنوا وهانوا وما لهم من مكرم.
هذا المؤمن يواجه أكبر ماكينة تضليل منذ خلق الله الأرض، ومع ذلك لا تتمكن تلك الجيوش الإعلامية من تحقيق أهدافها؛ لأنه لا يهتدي ولا يسترشد إلا بمصادر الهداية المتمثلة بكتاب الله وأعلام الهدى (ومن يهد الله فما له من مضل).
هذا المؤمن ليس إنساناً متروكاً لمزاجه ولا لتحليلاته ليس صحناً لاقطاً ولا بوقاً لدعايات الأعداء، بل هو مرتبط بمصادر الهداية الإلهية يأخذ منها نظرته ومواقفه ويتخذ التحرك اللازم ضمن أمة لا يرى نفسه إلا بها، ولا يرى جدوائية تحركٍ إلا في إطارها.
هذا المؤمن تربى على يد أعلام الهدى تربية إسلامية لا مناطقية فيها ولا طائفية ولا عرقية وهذا ما يجعل العدو يجثو على ركبتيه عاجزاً أمام هذا الوعي الضامن للانتصار.
هذا المؤمن تربى على يد أعلام الهدى تربية إسلامية قائمة على إجلال القيم والمبادئ التي لا قيمة للإنسان بعيداً عنها، فلا جوائز الأعداء تسيل لعابه ولا بريق الغنائم يعمي صوابه، فهو قد تشبع بالثقافة القرآنية التي مفادها: (حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون).
إن هذا التماسك وذلك التشظي، وهذا الثبات وذلك التزلزل، وهذا الوعي وذلك الجهل، هذه الانتصارات وتلك الهزائم، وما لا يحصى من المفارقات، كانت النتيجة الميدانية المحتومة لمبدأ التولي العملي الواعي الذي جعله الله سبيلاً للنصر في قوله تعالى: (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون).
تاريخنا وقود.