الدم اليمني والنفط السعودي
عبدالفتاح علي البنوس
سمعنا كثيرا بالمثل الشعبي القائل القرش يلعب بحمران العيون ، ولكننا لم نكن نتوقع بأن يصل مستوى اللعب إلى هذا المستوى الذي وصل إليه المجتمع الدولي ، المجتمع المنافق بهيئاته ومنظماته ومكوناته المختلفة ، في تعاطيه مع العدوان والحرب العالمية والحصار الدولي على بلادنا ، فقد انبطح المجتمع الدولي بكل قوة أمام المال والنفط السعودي بصورة مخزية ومذلة ومهينة ، فأمريكا سارعت إلى إدانة عملية توازن الردع الثانية التي نفذها سلاح الجو المسير والتي استهدفت مصفاتي بقيق وخريص بالمنطقة الشرقية للسعودية التابعة لشركة أرامكو ، ووجهت على الفور اتهامها لإيران بالوقوف خلف العملية ، الكيان الصهيوني هو الآخر أدان العملية ووصفها بالإرهابية وحمل إيران مسؤوليتها ، ودعا إلى اتخاذ عقوبات رادعة ضدها ، روسيا الدولة الكبرى التي كنا نتوسم فيها خيرا ، ذهبت لاستغلال العملية لمغازلة السعودية والترويج لمنظوماتها الدفاعية ( s400وs300) وكأننا في معرض استعراض للقوات والقدرات العسكرية ، غير مدرك تداعيات موقفه السخيف الذي أظهره في ذات الصورة التي عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يمارس دور الابتزاز والشفط والحلب للسعودية التي سبق وأن وصفها بالبقرة الحلوب . مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة سارعا أيضا لإدانة عملية بقيق وخريص بطريقة سخيفة ومبتذلة مشبعة بالعمالة والارتزاق .
وعلى نفس المنوال ظهر المبعوث الأممي إلى اليمن البريطاني مارتن غريفيت في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن متسعودا ، متيهودا ، متحولا من مبعوث ووسيط إلى (غريم) متحامل على اليمن واليمنيين ، فبعد خمس سنوات من القصف والقتل والخراب والدمار ، وإهلاك الحرث والنسل ، وبعد السجل الدموي للتحالف السعودي في اليمن ضد الأبرياء من النساء والأطفال ، وفي ظل استمرار الإجرام والوحشية السعودية ضد اليمن أرضا وإنسانا ، لم يحرك كل ذلك أي مشاعر لهذا المبعوث ، ولكن عملية سلاح الجو المسير التي استهدفت منشآت العدو التي تمثل المدد والوقود والضرع الحلوب الذي يستخدمه في قتل شعبنا وتدمير كل مقدراتنا ، حيث أشار إلى أنها تهدد بنذر صراع إقليمي وبأنها تمثل تهديدا للجهود الأممية التي تبذلها لحل الأزمة اليمنية حد زعمه ، وزاد الطين بلة عندما استطرد في الحديث عن الأوضاع في اليمن بوصفه للعدو السعودي الباغي المعتدي بالوسيط الذي يسهم في حل الأزمة اليمنية ، وهو منطق أرعن ، أفقده صفة الحيادية ووضعه في دائرة الشك والاتهام . تعودنا أن نسمع هذه الإدانات من جامعة العهر العبرية ومنظمة ما يسمى بالمؤتمر الإسلامي ، والبرلمان العربي ، ومجلس الخيانة والتآمر الخليجي نزولا عند رغبة وطلب السعودية ، وطمعا في ديمومة الحصول على دعمها وتمويلها ، ولكننا لم نتخيل أن يكون الوجع السعودي مؤثرا عالميا إلى هذا الحد ، وأن يكون النفط السعودي أغلى وأثمن من الدم اليمني المسفوك المسفوح ظلما وعدوانا على يد بغاة آل سعود وآل نهيان ومن خلفهم الصهاينة والأمريكان ؟!! .
أمريكا عقب أحداث 11سبتمبر أقامت القيامة لمجرد سقوط برجي التجارة ومقتل المئات في هجمات ما تزال تثير الكثير من الجدل ، ونحن في اليمن نتعرض لعدوان غاشم وحرب ظالمة وحصار جائر ، انتهكت سيادتنا ، واحتلت أراضينا ، واستباحت كرامتنا ، ونقصف بالطائرات بقنابل وصواريخ فسفورية وعنقودية محرمة دوليا ، ويريدوننا أن نصبر ونصمت ونجبن ونخنع وننتظر حتى نساق كالنعاج للمقاصل والمذابح الجماعية ؟!! بالمختصر المفيد، إدانات المرتزقة المحليين والعرب والأجانب لعملية توازن الردع الثانية ندوسها تحت أقدامنا ، وما دام الإجرام والصلف والعدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني البريطاني على بلادنا متواصلا ، فلن تتوقف عملياتنا ، ولن يكون للردع اليمني أي حدود أو نطاق ، وسيكون القادم أكثر وأشد إيلاما وفتكا وتدميرا ، وكل عملية ستكون أقوى وأعظم من ذي قبل ، وهذا وعد قطعته القيادة وكل الأحرار في سلاح الجو المسير والقوة الصاروخية والجيش واللجان الشعبية ، وإن عاد السعودي والإماراتي إلى رشدهما وراجعا حساباتهما ، وإلا فعليهما أن ينتظرا ما هو قادم ، أما نحن فعلى العهد صامدون ، ثابتون ، ولا خيار لنا غير النصر أو الشهادة . هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.