أفق نيوز
الخبر بلا حدود

الإصلاح والمصالحة الوطنية

318
عبدالله صبري
 
يعتبر حزب الاصلاح الحزب اليمني الوحيد تقريبا الذي أعلن بوضوح موقفا مواليا للعدوان الخارجي على اليمن، ولم يصدر عن أي من شخصياته الاعتبارية حتى الآن موقفا مناهضا لهذه الحرب العبثية، كما أن غالبية المقاتلين اليمنيين في صف التحالف، إما اصلاحيون أو من العناصر المحسوبة على هذا الحزب، الذي لا يزال يحتفظ بقوته التنظيمية على امتداد البلاد شمالا وجنوبا.
وأسوأ ما ارتكبه الحزب وأعضاؤه انخراطهم في المهمة الأقذر، المتعلقة بتقديم معلومات واحداثيات لغرفة العمليات المشتركة للتحالف العدواني، الذي شن على ضوئه الآلاف من الغارات الجوية، التي تجاوزت الأهداف العسكرية والبنية التحتية، لتشمل الأعيان المدنية، والأماكن المكتظة بالسكان، الأمر الذي أجج السخط الشعبي تجاه “الاصلاحيين”، وتحميلهم مسؤولية قتل الآلاف من المدنيين.
ومع أن الكثير من الشخصيات والأحزاب السياسية قد انضوت تحت ما يسمى تحالف دعم الشرعية، إلا أن حزب الاصلاح يعد الفاعل اليمني الرئيسي سياسيا وعسكريا في هذا التحالف، مع مراعاة أن قرار الحرب والسلم يبقي سعوديا بامتياز.
وفي الأحداث الأخيرة التي عصفت بالمحافظات الجنوبية، اتسعت دائرة السخط تجاه حزب الإصلاح أو الإخوان المسلمين، وبدا تناغم الشارع الجنوبي مع الخطاب الإعلامي المحسوب على الإمارات تجاه الحزب المتدثر بالشرعية، فيما هو اللاعب الرئيسي فيها. مع ملاحظة أن تياراً عريضاً في الحراك الجنوبي لا يزال ينظر لحزبي المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، ويتعامل معهما على خلفية تحالفهما في حرب صيف 1994م، والتي أدت في نظرهم إلى احتلال الجنوب، وتثبيت الوحدة بالغلبة وقوة السلاح.
فوق ذلك، فإن الخلفية الدينية المذهبية لحزب الإصلاح، جعلته على تماس مع الخطاب الطائفي الذي سبق ورافق العدوان على اليمن، إلى درجة أن عبدالمجيد الزنداني أفتي بأن حرب السعودية على اليمن ” أمر من الله “، في حين تحدث عبدالله صعتر من منظور شرعي ودعا إلى إبادة الشعب اليمني لصالح قلة من الإخوان المسلمين، ولم يعد سرا أن العناصر الراديكالية في الإصلاح اشتغلت على المفاهيم والمصطلحات الدينية التي تؤسس للطائفية وإقصاء الآخر بزعم أنهم “شيعة ورافضة”، يجوز استحلال دمائهم وأموالهم.
على أن توظيف الدين لم يقتصر على الإصلاح، فالخطاب الإعلامي لأنصار الله هو الآخر يحشر المرتزقة والخونة في زمرة “الكفار والمنافقين”، ولا أدري بعد ذلك على أي أرضية يمكن التقريب بين الإصلاح وأنصار الله؟.
مع ذلك لا يمكن تصور انفاذ المصالحة الوطنية دون أن تشمل حزب الإصلاح، لكن إن أمكن تحقيق هذه المصالحة سياسيا، فقد لا تنجح اجتماعيا، الأمر الذي يتطلب من جميع الأطراف الحد من التطرف في الخطاب الإعلامي، وتهيئة الشارع اليمني للقبول بمسار المصالحة، وما تقتضيه من تنازلات متبادلة لا ضير منها ما دامت كلها على خط تحقيق المصلحة الوطنية العليا.
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com