الرجل المريض وأفول دولة الشيطان
* عادة ما أتبع الحذر في التعليق على الأحاديث النبوية وخاصة التي تدور الشكوك حول صحتها سواء لناحية السند أو المتن، إلا أن حديثه صلى الله عليه وآله وسلم وتنبؤه بدولة قرن الشيطان من الأحاديث المتفق علي صحتها تقريبا لدى مختلف المذاهب سنة وشيعة، والخلاف يتمحور فقط حول تفسير معنى الحديث.
فعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: “اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا؟ قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: يا رسول الله ونجد؟ (قال الراوي) فأظنه قال في الثالثة: هنالك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان”.
فما المقصود بـ ” قرن الشيطان ” الذي يظهر في نجد ؟.
بنظري أن المقصود بذلك هي الدولة السعودية الوهابية التي نشأت في نجد عام 1932م، وتوسعت في الجزيرة العربية بدعم بريطاني ثم أمريكي، وقدمت نفسها كدولة إسلامية يتغنى ملوكها بخدمة الحرمين الشريفين والمقدسات الإسلامية في بلاد الحجاز.
ولن أتحدث عن الشرور والفتن التي صاحبت قيام هذه الدولة، وكيف أن الثروة النفطية منحتها فرص التوسع والتدخل في شؤون الدول الفقيرة مجاورة كانت أو بعيدة. ولعل اليمن كانت وما زالت الضحية الأبرز لهذه الدولة ولسلطتها الدينية والسياسية، فبالإضافة إلى أنها احتلت مساحة كبيرة من خارطة اليمن الطبيعية، فقد كان لتدخلها العسكري ضد الثورة الجمهورية في شمال اليمن ستينات القرن الماضي تأثير سلبي على الدولة اليمنية التي غدا حكامها تبعا للرياض يأتمرون بأمرها ويخدمون أجندتها ليل نهار، ومن هذه الأجندة تعميم الفكر الوهابي الدخيل على المجتمع اليمني.
هذه الدولة التي بلغ عمرها إلى سبتمبر الماضي 89 عاماً هجرياً، تكون قد دخلت مرحلة النهاية بحسب الحديث الشريف، فالقرن يساوي مائة عام كما هو معروف، وهو العمر الافتراضي لهذه الدولة الشيطانية يزيد أو ينقص قليلا. ومما يعزز مثل هذا الاعتقاد، أن الحديث نفسه تضمن دعوة نبوية لليمن والشام. وها نحن نرى أن السعودية تتخبط في حربها على اليمن، وقد جاءت عملية نصر من الله على مشارف نجران لتؤكد بأن اليمن على موعد مع النهوض، بينما مملكة الشر على مقربة من التفكك والانهيار.
كذلك الحال بالنسبة لبلاد الشام، فرغم الحروب والمؤامرات الدولية الكبرى على فلسطين وسوريا ولبنان إلا أن قوة محور المقاومة تتصاعد يوما بعد آخر، ومن يدري فقد نشهد خلال العقد المقبل النهاية الحتمية للدولة الصهيونية أيضاً.
من المؤشرات أيضا أن النفط الذي كان وما يزال العامل الرئيس في قوة وديمومة آل سعود بات منذ 14 سبتمبر الماضي تحت رحمة البأس اليماني، فعملية بقيق غير المسبوقة أصابت اقتصاد دولة الشيطان في القلب، ولعلها إن نجت من هذه الضربة لن تقوى على مواجهة نتائج ضربات مماثلة متوقعة قريبا وربما قريبا جدا.
صحيح أن النظام السعودي لا يزال يمتلك الكثير من الفرص للخروج من مأزقه في اليمن، وقد يتجه إلى خلط الأوراق في الداخل اليمني كعادته، غير أن خروجه من هذه الحرب سيفرض عليه تنازلات كبيرة، وستجد السعودية نفسها في أحسن الأحوال دولة منكفئة تعمل على ترميم خيباتها من الداخل. وهنا سيجد الرجل المريض في الرياض نفسه مجبرا على التعامل وحيدا مع التحديات الداخلية التي لن تلبث أن تتفاقم عاما بعد آخر وصولا إلى الانهيار الدراماتيكي لأسرة ودولة خدمت الشيطان مائة عام باسم الله وباسم الإسلام.