على السعودية التوقف عن رمي الأوراق الجوفاء!
لكل شيء منتهى، حقيقة تفرض نفسها على كل شيء في هذه الحياة حتى في حروب البشر العسكرية، بعد خمس سنوات من العدوان على اليمن وتدمير كل شيء هناك، ما الذي تبقى لطائرات التحالف السعودي لتفعله.
خمس سنوات شنت خلالها الطائرات الأمريكية والصهيونية والسعودية الإماراتية ومن جنسيات أخرى لم يكشف عنها ما يزيد عن نصف مليون غارة، ولا يزال العدد مرشحا للصعود مع استمرار طائرات التحالف بشن غاراتها.
الوفرة في الغارات الجوية التي نفذها التحالف على اليمن جعلت سلاح الطيران بلا قيمة عسكرية كبيرة، وصفر على طاولة التفاوض، ل 3 أسباب رئيسية:
1- تحالف العدوان على اليمن ومنذ 26 مارس 2015م ضرب جميع الأهداف الثابتة العسكرية والمدنية، وخلال الخمس السنوات تورد الإحصائيات أن الغارات الجوية لتحالف العدوان لم توفر معسكرا أو موقعا عسكريا، ولا مدرسة ولا مسجدا ولا سوقا ولا جسرا ولا طريقا ولا منزلا في اليمن إلا وقصفته مرتكبة في جميع ذلك جرائم حرب،
وبالنتيجة خلا تماما بنك الأهداف الذي وضعه التحالف لغاراته، وفي كثير من الأحيان جرى إعادة قصف المقصوف وتدمير المدمر، كما لم يحقق مرتزقته على الأرض التقدم الكبير بموازاة ذلك العدد الهائل من الغارات التي ساندتهم في جميع زحوفاتهم تقريبا.
2- طول مدة القصف الجوي دفعت بالطرف المدافع إلى التأقلم مع الوضع كمرحلة أولى خلال السنة الأولى تقريبا، سواء عسكريا أو لناحية إعادة تعمير البنية التحتية وخصوصا الطرقات التي عمد التحالف إلى تقطيع أوصال المناطق اليمنية، وهنا تعد تجربة صندوق صيانة الطرق والجسر تجربة رائدة يجب الإضاءة حولها لكون هذا الصندوق مع شحة الإمكانيات دخل في منافسة مع دول التحالف في إعادة وصل ما تقطعه غارات العدان على الطرق والجسور على امتداد الأرض اليمنية فأعيد إصلاح العشرات من الجسور المقصوفة، وشق طرق بديلة في مناطق أخرى تسمح بإعادة وصل المناطق مع بعضها.
3- تجاوز الطرف المدافع عن الأرض مرحلة التأقلم مع الضربات الجوية، إلى موقع العمل على تحييد الطيران الحربي والتجسسي أو شل قدرتهما على العمل بحرية في السماء اليمنية كمرحلة أولى، وهذه يفسرها ازدياد عدد طائرات التجسس التي جرى إسقاطها خلال العامين الأخيرين.
عملية نصر من الله والتي جرت على الحدود اليمنية السعودية وعلى مقربة من قواعد جوية تملكها المملكة في نجران وعسير وجيزان، كشف أن صنعاء خطت بشكل كبير خطوات كبيرة في مواجهة وتحييد الطيران عصب التحالف، وبحسب شهادات الاسرى فإن الطيران المعادي غاب عن سماء منطقة العملية البالغة مساحتها 350 كيلومتر مربع ليومين كاملين مكنت القوات المحاصرة من اطباق حصارها وفرض الاستسلام على ألوية بأكملها جندتها السعودية لحماية حدودها وإنشاء منطقة عازلة.
في مؤتمره الصحفي أشار متحدث الجيش العميد يحيى سريع إلى عدة عوامل حيدت طيران العدوان عن سماء منطقة عمليات نصر من الله على الحدود مع منطقة نجران السعودية ومن بينها استخدام سلاح دفاع جوي مناسب لم يكشف عنه، لكن من الواضح أن هذا السلاح من التطور بمكان جعله يهدد بقاء الطيران الحربي المعادي، ويسهم في نجاح العملية.
ومن خلال عملية نصر من الله بات واضحا أن تقدما مضطردا في مواجهة سلاح الجو المعادي قد تحقق، وأن تقييد حريته في السماء اليمنية وخلال العمليات الحربية أضحى واقعا، ويدلل المتحدث الرسمي للجيش عن ذلك في مؤتمرات صحفية لاحقة تحدث خلالها عن إفشال عمليات إبرار جوي لقوات التحالف وعمليات جوية أخرى باستخدام سلاح دفاع جوي مناسب.
وبمعزل عن الغارات الجوية التي ينفذها التحالف في اليمن في محافظة الحديدة والتي تعد خرقا واضحا لاتفاق استكهولم بشأن وقف إطلاق النار في الحديدة، واستهداف منازل المدنيين كوسيلة ضغط على صنعاء عبر المدنيين مع كون ذلك جريمة حرب، فان المتمعن في طبيعة الغارات الجوية التي ينفذها التحالف بشكل عام ، أضحت ذات طابع مختلف ودفاعي – ان صح التعبير – بعد خمس سنوات من الحرب ، وخلال الأشهر الأخيرة تركزت غارات التحالف على الحدود الجنوبية للسعودية لمنع مرتزقته من التراجع على جبهات الحدود في صعدة وحجة، وغارات أخرى هدفت لمنع الجيش واللجان الشعبية من اقتضام المزيد من أراضي جنوب السعودية، وباستثناء القليل لمساندة زحوفات لم تنجح في معظمها.
وفي هذا السياق فإن إعلان السعودية عن استعدادها لوقف غاراتها على المدن اليمنية والعاصمة صنعاء كرد على مبادرة صنعاء لا تعدو كلاما فارغا بالنسبة إلى واقع الميدان الذي يحكي بان ورقة الغارات الجوية قد استنفدت بالكامل وأضحت قيمتها بعد خمس سنوات وما يقارب المليون طلعة جوية، أضحت صفرا أو تكاد.
العرض السعودي لم يسل لعاب صنعاء بعد ان بلغت مستوى اعلى في تطور صناعاتها الدفاعية الجوية ، وتتكتم عنه ، ولم تسل لعاب المفاوض اليمني الذي يعرف بأن الرياض قدمت ورقة جوفا لا تجد من يصرفها اليوم، قياسا إلى العوامل الثلاثة التي ذكرت آنفا.
والقيمة ” الصفرية” للغارات جرت بطبيعة الحال إلى ظهور قيم قيمة صفرية أخرى، تمثلت بوهن وضعف مجاميع المرتزقة التي أنشأتها الرياض في الداخل اليمني وعلى طول حدودها، وكشفت عملية نصر من الله عن تلك القيمة فعليا، ولن تتأخر الأيام عن كشف الأصفار الأخرى من المرتزقة الذين تحاول الرياض إبقاءهم واقفين في الداخل وعلى جبهات الحدود.
صنعاء في 2019م، ليست هي صنعاء 2105 عند بدء الحرب عليها، لن تفاوض الى مالا نهاية، فهي قد اعدت العدة لأحداث هزة تفوق ما أحدثته ضربة بقيق عالميا، وقد تزلزل الضربة المقبلة بعضا من اركان النظام السعودي الذي يحاول البحث عن الطمأنينة بين القوات الأمريكية التي حضرت للحماية من هجمات قادمة، وستكشف الأيام القادمة خطأ الركون إليهم ، ولربما حامل الملف اليمني الجديد خالد بن سلمان يدرك ذلك اكثر من شقيقه ولي العهد ، ودفعه للطيران الى مسقط رغم الجفاوة بين البلدين للتفاوض مع المفاوض اليمني المحنك محمد عبد السلام والذي يتواجد هناك .
تهديد السيد عبد الملك بفتح باب الجهاد ضد ” إسرائيل، والقدرة على ضرب أهداف صهيونية حساسة، أبعد من حدود المملكة الشمالية، وإقرار العدو الصهيوني في المقابل بقدرة صواريخ ومسيرات أنصار الله والجيش اليمني على بلوغ أهدافها داخل الكيان، يؤكد حدوث هذا الغير الاستراتيجي والذي يجب أن تستوعبه السعودية وقيادتها وتتوقف المراوغة والبحث عن قسط للراحة دون إيقاف الحرب والحصار علنا، بما يعني ذلك من إبقاء اليمنيين تحت مشرط الألم ومعاودة الحرب متى تحققت ظروف مواتيه لجولة ثانية من القتال والحرب.
وثمة حقيقة يجب ان يعيها المفاوض السعودي أن انتقال بوصلة العداء إلى إسرائيل يوحي بأن المملكة التي أنشأها البريطانيون وقامت بدور مهم خلال العقود الماضية في حماية ” إسرائيل ” وحرفه بوصلة الشباب العربي والمسلم عن فلسطين وتحرير فلسطين، قد يتم تجاوزها كند يستدعي تركيز كل الطاقات باتجاهه، قريبا وفي ضربة مقبلة أو عدة ضربات لن تتباعد ، وقد لا يجد نظامها ما يحمله على المواجهة ويسقط عن الشجرة التي مد له سلم كي ينزل عنها بعض ماء الوجه.
امام هذه المتغيرات التي لا يمكن لعدو عاقل ان يتجاهلها ليس امام الرياض ومن خلفها إدارة ترامب سوى الكف عن رمي الأوراق الجوفاء على طاولة التفاوض، والشروع بمفاوضات جدية ليس اقلها استحقاقا ايقاف الحرب علنا بذات الكيفية التي بدأت بها علنا، وفي المقدمة رفع الحصار الذي استخدمه التحالف سلاحا وصنع بحده مأساة إنسانية هي الأفظع عالميا، ودعم المرتزقة وجماعات القاعدة وداعش.
محاولة الرياض كسب المعركة عن طريق إبقاء الحصار، لخلق بيئة لزرع القلاقل، وزيادة معاناة البسطاء، لا يمكن لها أن تنجح في مواجهة صنعاء التي امتلكت من الشجاعة مالم يمتلكه سابقوها ممن خاضوا الحرب مع السعودية، فضربت منشئات النفط في الجزيرة العربية وصولا إلى القلب منها، بقيق وخريص، بما يحملانه من رمزية عالمية وأمريكية – 5% من اجمالي إمدادات الطاقة عالميا، و30 إلى 40 % من إمدادات النفط للولايات المتحدة الأمريكية.
الكرة في ملعب صانعي القرار السعودي بإثبات بإثبات الجدية لوقف الحرب صنع السلام وأولى دلائل اثبات الجدية فتح مطار صنعاء الدولي، ورفع الحصار البحري عن ميناء الحديدة.