معجزات الانتصار اليمني تبشر بتحرير فلسطين واستعادة القدس الشريف
قراءة ماضي العالم والمنطقة بشكل خاص يبصرنا بالحاضر وكيفية التعامل مع أحداثه، ويجعلنا أكثر إستشرافاً في رؤيتنا للمستقبل، فما يحدث اليوم لا يمكن فصله عما أُسس له من مؤامرات ومشاريع قبل أكثر من مائة عام..
كان يراد أن يحتفل بمرور قرن على اتفاقية «سايكس بيكو» لتقسيم المنطقة ووعد السير «بلفور» بإعطاء الصهاينة فلسطين بإعادة تقسيم المقسم بالمنطقة العربية، والهدف ليس فقط تأمين دولة الكيان الصهيوني التي استكمل البريطانيون تمكين العصابات الصهيونية من أرض فلسطين 1948م، بل إعادة هندسة الشرق الأوسط ليكون جديداً كما أعلن ذلك في معمعة الحرب الصهيونية على لبنان عام 2006م من وزيرة خارجية بوش الابن «كونداليزا رايس» التي كانت تتحدث عن مخطط بدأ مع مؤشرات انهيار الاتحاد السوفيتي في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي عند إعلان آخر رئيس للاتحاد السوفيتي جرباتشوف لما اسماه آنذاك إعادة البناء والعلنية، والتي في محصلتها أدت الى انهيار الاتحاد السوفيتي، وبالتالي سقوط النظام الدولي القائم على الثنائية القطبية.
الولايات المتحدة الأمريكية اعتبرت نفسها هي من انتصر في الحرب الباردة، وهذا يعني أنها أصبحت القطب الأوحد المهيمن على العالم، وهذا يقتضي إيجاد عدو جديد اختلقته هي بعملية دعائية إعلامية حمل راية التبشير به منظرو الزمن الأمريكي، وصدرت عدة كتب في هذا الاتجاه تروج لهذا الزمن لعل أبرزها «صدام الحضارات» ونهاية التاريخ» و»اليلنجوتون» و»فوكاياما»، وكان الاختراع الأهم لتحقيق هذه الهيمنة الإسلام الإرهابي الذي أوكل لمملكة بني سعود للقيام بهذه المهمة التي بنيت على نجاحها في أفغانستان وساهم هذا النوع من الإسلام الوهابي الإرهابي في التسريع من انهيار المنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفيتي في ثمانينات القرن الماضي..
وحتى نستوعب علاقة هذه الأحداث ينبغي الإشارة الى الحرب العراقية الإيرانية والتي خاضها صدام حسين بالوكالة عن الولايات المتحدة ضد إيران وثورتها الإسلامية، وتوقفت عام 1989م، ليبدأ الاستدراج الأمريكي لصدام في غزو الكويت والتي صورت أمريكا أن هيمنتها قد بدأت بالسيطرة على العراق تحت غطاء التحالف الدولي لتحرير الكويت 1991م..
ولأن محور السياسية الأمريكية في المنطقة تأمين العدو الإسرائيلي كان لابد من الخلاص من القضية الفلسطينية.. لينظم حينها بما سمي بمؤتمر مدريد للسلام، والذي انتهى بنجاح محوري لكنه جزئي تمثل في توقيع اتفاق «أسلو» مع منظمة التحرير الفلسطينية والذي ما كان له أن يحقق الأهداف المرجوة بالنسبة للأمريكي والصهيوني بدون دخول سوريا سيناريو السلام التي منذ البداية دخلت هذا المسار على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام، وهنا اعتقد الأمريكيون والصهاينة أن تفريط أصحاب القضية سيجعل دخول سوريا هذه العملية الشيطانية كتحصيل حاصل، ولأن هذا لم يحصل لأن حافظ الأسد ظل متمسكاً بالمبدأ الذي اشترطه دون أن يبالي بأوسلو أو بالاتفاق الذي وقعه الأردنيون مع الصهاينة في «وادي عربة» كما يسمونه، لتعمق الإستراتيجية الأمريكية الصهيونية عند هذا القائد العربي حقيقة أن المقاومة هي الخيار الوحيد لاستعادة الأرض، ولم تفلح جهود كلينتون حينها في فرض ما اعتقدوا أنه ممكناً على سوريا..
واختبر هذا النهج بخروج الإسرائيليين من لبنان عام 2000م وهزيمتهم عام 2006م..
اليوم رغم كل المؤامرات المشروع الأمريكي الإسرائيلي يوشك أن يصل الى هزيمته النهائية في المنطقة.. العراق انتصر على المشروع التكفيري الإرهابي، وسوريا انتصرت في الحرب الكونية، ومحاولة تركيا التهديد بالحرب المباشرة ضد سوريا ما هي إلا محاولة اليأس، أما اليمن فكانت اسطورة الصمود والانتصارات التي ترتقي الى مستوى المعجزات والتي تشير بوضوح الى نهاية الزمن الأمريكي والذي يعني نهاية الأنظمة الرجعية الوظيفية التي ظلت تؤدي دور إجهاض أي مشروع عربي تحرري في المنطقة، وهذه الأنظمة الرجعية العميلة بتسارعها في التطبيع مع إسرائيل وتحمل كلفة تصفية القضية الفلسطينية، إنما هي في الحقيقة تسرع من نهايتها بعد أن كانت كارثة على الأمة..
ما تراه العقول المدجنة والمنسحقة بفكر الهزيمة بعيداً، تراه العقول المقاومة المنتصرة قريباً ونقطة نهاية الزمن الأمريكي ستكون تحرير فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.