عملية توازن الردع الثالثة وملوجة الشعير البلدي
بقلم/ حمود محمد شرف
بينما كان المغرِّدون السعوديون يتداولون في ساعةٍ متأخرةٍ من مساء الخميس ٢٠-٠٢-٢٠٢٠م، هاشتاج #ينبُع_الصناعية ومقاطعَ فيديو صاخبة توحي بأن أمراً مرعباً قد نزل بـ”ينبع”، كانت المواقعُ الإخباريةُ السعوديةُ في الوقتِ ذاتِه تتداول أخباراً عن تساقط الثلوج شمال غربي المملكة.
وأمام هذه المفارقة، ارتسمت على مُحيّايَ ابتسامةٌ ساخرةٌ انتبه لها أحدُ أصدقائي الذين كانوا برفقتي، فسألني عن سرِّ هذه الابتسامة!، فأطلعته على ما تنشره المواقع الإخبارية السعودية وما يتداوله في ذات اللحظة المغردون السعوديون، وسألته عمّا إذَا كان لديه تحليل أَو تفسير أَو توقعات حول ذلك!، وقبل أن يَرُدَّ انفجر ضاحكاً، وقال: (بالتأكيد يا صديقي، ليس لكل ذلك إلا تحليلٌ واحدٌ وتفسيرٌ واحدٌ وتوقّعٌ واحدٌ، وهو أن “أصحابنا” قد استهدفوا مصنعاً للآيسكريم في ينبع السعودية، بدليل ما تؤكّـده أخبارُهم من أن الثلوجَ عادت للتساقط شمال غربي المملكة مع بداية فصل الربيع وانقضاء فصل الشتاء)، فضحكنا، ثم ضحكنا، ثم لمّا استهلّ ناطقُ تحالف العدوان “تركي المالكي” نعيقَهُ، ضحك كُـلُّ أبناء شعبنا اليمني الصامد، وما إن ائتزرت شاشة قناة “المسيرة” عند الثانية من ظهيرة اليوم التالي، بشريطها الأحمر العاجل حتى صمت الجميعُ، وأعلن البيت الأبيض ومعه دول الاتّحاد الأوروبي ودويلات وإمارات الخليج، حالة التأهب القصوى لمواجهة (١٢٠) دقيقةً من الحيرة والقلق وانهيار الأعصاب، وما إن أشارت عقاربُ الساعة إلى تمام الرابعة من عصر اليوم “السبعمِئة والواحد والتسعين بعد الألف، من العدوان الأمريكي الصهيوسعوإمارتي على اليمن”، حتى بدأ متحدّثُ القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، بإعلان بيانه الموجز الذي لا نهايةَ له؛ لأن من أعلن سابقاً عن تنفيذ القوات المسلحة اليمنية لعمليتي #توازن_الردع_الأولى على حقل “الشيبة” النفطي، وَ#توازن_الردع_الثانية على أكبر منشآت النفط العالمية في “بقيق” وَ”خُريص”، هو ذاتُه من أعلن اليومَ عن تنفيذها لعملية #توازن_الردع_الثالثة، وهو من سيعلن مجدداً بإذن الله عن الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة والحادية عشرة و… إلخ، فمسلسلُ عمليات الردع اليمنية التصاعُدية قد قُدّر له أن لا يتوقف إلا بوقف العدوان وإنهاء الحصار على اليمن.
عندما تلقيتُ، صباحَ الأمس الجمعة، اتصالاً من والدتي، تدعوني فيه إلى المجيئ لأخذ “ملوجة الشعير” الأشهى إلى نفسي، والتي قامت بخبزها لي خصوصاً، استبشرت بذلك، وأحسست لحظتها أن يومي -والذي هو يوم الأم – يومٌ جميلٌ، وكنت في غاية السعادة، وهل هناك من هو أيعد مني وأنا أرى أمّي قد أهدتني في هذا اليوم قرصاً من الشعير “البلدي”؟!، تساؤلٌ لا أطرحه على أحد، لإدراكي أن كُـلَّ من يقرؤون مقالتي هذه الآن بإمْكَانه أن يجيب عن هذا التساؤل وببساطة قائلاً: نعم.. كلُّنا أسعد منك يا صاحب قرص الشعير البلدي، وكيف لا نكون كذلك وقد رأينا أن القوات المسلحة اليمنية في اليوم ذاته قد أهدت مملكةَ آل سعود (12) طائرة مسيّرة من نوع صماد 3، وصاروخين مجنحين من طراز “القدس”، وآخر من طراز “ذو الفقار” بعيد المدى سمعنا باسمه لأول مرةٍ، بينما كان من حظ السعوديين والأمريكيين أن سمعوا صوته، ورأوا مفعولَه، وفهم الصهاينة والإماراتيون رسالته، فهل سيبتلعون هذا “القرص البلدي الكبير”؟! ويشبعون؟! أم أن شهيتهم ستظلُّ مفتوحةً للمزيد من الأقراص؟!
“إن جريمةَ العدوان في المصلوب بمحافظة الجوف، لن تمرَّ دون رد”، هكذا قال “سريع” قبل أيام، وهذا ما رأيناه سريعاً، ولا بُدَّ للأعداء أن يعلموا يقيناً أن ثمنَ كُـلِّ قطرة دم يمنية تسقط، ثمنها باهضٌ جِـدًّا جداً إلى الحدِّ الذي لا تقوى آبارُ النفط في المملكة مجتمعةً على دفع دياتها.