مضيق باب المندب والثروات أهم دوافع واشنطن لمغامرتها المتواصلة في اليمن
أفق نيوز | الثورة
لم يكن حدثا عرضيا أو مصادفة عفوية الإعلان عن بدء العدوان المتواصل على اليمن من العاصمة الأمريكية واشنطن.. وانما كان مدروسا بعناية وترجمة حقيقية لأطماع ونوايا ومخططات أمريكا القديمة المتجددة في اليمن وثرواته ومقدراته واستغلال موقعه الاستراتيجي في حماية مصالحها التي لا تنتهي وتضمن امن وسلامة ربيبتها «الكيان الصهيوني» والغدة السرطانية الخبيثة المزروعة في خاصرة الأمة.
لذلك ليست هناك من مبالغة أو ادنى شكوك بأن العدوان على اليمن الذي يوشك ان يختتم عامه الخامس هو حرب أمريكية بامتياز وان التحالف المزعوم الذي يقوده النظام السعودي ليس سوى أداة رخيصة بيد الراعي الأكبر للإرهاب والتجاوزات والجرائم الخطيرة في اليمن وحول العالم.
أطماع قديمة
أطماع ونوايا الولايات المتحدة الأمريكية الخبيثة تجاه اليمن ليست جديدة أو وليدة اللحظة التي أعلنت فيها العدوان على اليمن وان كان هذا العدوان يمثل بالنسبة اليها المدخل الذي سيؤدي الى القضاء على ثورة الـ21من سبتمبر الشعبية وبالتالي إفساح المجال امام تلك المخططات للتنفيذ بكل اريحية وبدون أي مقاومة أو اعتراض من ابرز القوى الوطنية المناهضة للأطماع والمؤامرات الكبرى التي تحيكها دول الشر والطغيان والاستكبار العالمي ضد أبناء الأمة العربية والإسلامية.
وتشير التقارير الاستخباراتية والإعلامية الى أنه ومنذ ثمانينيات القرن الماضي برزت أطماع الولايات المتحدة في اليمن من خلال قرارها التنقيب عن النفط في اليمن ولكي تمنع أي حساسية من قبل النظام السعودي إزاء هذا الأمر فقد أوكلت مهمة التنقيب إلى شركات صغيرة، أبرزها شركة «هنت» الأمريكية وقد أدت هذه الخطوة إلى خطوات يمنية في المقابل كان بينها حضور نائب الرئيس الأمريكي (في حينه) جورج بوش حفل تدشين مشروع مصفاة مارب (1986م) كذلك وضع في الوقت نفسه الحجر الاساس لمبنى السفارة الأمريكية الجديد في صنعاء، ولم يتحفظ بوش الأب عن التصريح يومها بأن واشنطن وجدت بديلاً من نفط الخليج وهي الخطوة التي فسّرها اليمنيون بأنها إشارة الى الدخول الأمريكي المباشر وليس من خلال السعودية، إلى قلب المشهد اليمني.
وما يعزز حقيقة أطماع أمريكا في الثروة النفطية لليمن ما نشرته قناة «سكاي نيوز» الأمريكية مطلع العام 2013م حيث بثت تقريراً تضمن القول بأن اليمن يستحوذ على 34 % من مخزون النفط العالمي وأن أكبر منبع للنفط في محافظة الجوف المجاورة للسعودية .
وفي بداية عام 2014م قامت وزارة النفط اليمنية بتنشيط عمليات الاستكشاف النفطية في عدد من المحافظات، بينها الجوف التي تم تسليمها للشركة النفطية اليمنية «صافر». وبعد وقت قصير على بدء المسح الميداني بوشرت أعمال الحفر والاستكشاف الاولي وأعلنت الشركة وجود نطاقات هيدروكربونية كذلك أظهرت النتائج الاولية اكتشافات غازية بكميات تقدر بملايين الامتار المكعبة من الغاز يومياً.
غير أن الذي حصل بعد هذا الإعلان هو إصدار السعودية قانون عمل جديد تبيّن أن الهدف منه طرد ملايين العمال اليمنيين وبدأت الداخلية السعودية بتجميع المغتربين اليمنيين في أماكن عامة بطريقة مهينة ومذلة بغية ترحيلهم وطردهم من دون أي مراعاة لحقوقهم ولم تتوقف الأزمة عند هذا الحد بل حركت السعودية بعض القبائل الموالية لها والتي تولت تخريب أنبوب النفط الرئيسي في مارب وتعطيل خطوط نقل الكهرباء في مارب، والتي تغذّي معظم مناطق البلاد .
إلى ذلك قال تقرير فرنسي تحت عنوان ( حقائق وأسباب الحرب وأطماع الغرب والسعودية بثروات اليمن ) نشر في موقع أجورا فوكس” الفرنسي: إن الحروب والأزمات التي تشهدها اليمن منذ عقود طويلة تكمن في محاولة السعودية في الاحتكار للموارد النفطية التابعة لليمن وتحت ذرائع وهمية لكن الهدف الحقيقي منها هو التسبب في انخفاض الموارد النفطية لليمن حيث أن الحرب الأخيرة التي شنها تحالف العدوان السعودي بدعم أمريكي ضد اليمنيين تندرج تحت هذا المغزى.
ثروات هائلة وخصائص استراتيجية
قبل سنوات صرح جون كيري الذي كان يشغل وزير خارجية أمريكا حينها بأنه لو كان يمتلك القرار السياسي في البيت الأبيض لبدأ في غزو اليمن قبل ان يغزو العراق وذلك التصريح كشف جانبا هاما من الأطماع الأمريكية القديمة في هذا البلد الذي يمتلك ثروات طبيعية هائلة وموقعا استراتيجيا هاما والذي يطل على البحرين العربي والأحمر واهم مضائق العالم البحرية وهو مضيق باب المندب ناهيك عن الثروات الطبيعية من النفط والغاز والتي توجد بكميات كبيرة جعلت اليمن مطمعا للقوات (الصهيو أمريكية) والتي لم تتردد في شن العدوان على اليمن في العام 2015م لأنها رأت في ذلك أقرب الطرق للهيمنة وبسط سيطرتها عليه وعلى مقدراته.
وبعد خمس سنوات من الحرب على الشعب اليمني بحجج واهية وارتكاب ابشع الجرائم بحق الإنسانية امام مسمع و مرأى العالم يأتي وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” ليؤكد مجددا دعم بلاده للسعودية وذلك لحماية المصالح الأمريكية وبذريعة محاربة النفوذ والتدخل الإيراني حسب زعمه محاولا التملص من المشاركة الفعلية والحقيقية لواشنطن في هذه الحرب العدوانية التي سفكت دماء عشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء ودمرت البنى التحتية ومعالم الحياة المدنية لأكثر من 30مليون يمني .
ويوما بعد آخر من عمر هذا العدوان تبدو جلية أمام القاصي والداني حقيقة الأطماع الأمريكية في اليمن والمتمثلة في السيطرة على الثروات وبسط نفوذها على مضيق باب المندب ويتجسد هذا التوجه بشكل واضح في الاستماتة الإماراتية وهي احدى الأدوات الرئيسية للسيد الأمريكي في السيطرة على الجزر اليمنية والمنافذ البحرية ومباشرة بناء قواعد عسكرية أمريكية في جزيرة ميون وسط باب المندب وإنشاء مدن وقواعد في منطقة ذوباب القريبة من المضيق وذلك بعد ان فشلت في إنجاح المخطط الأمريكي للسيطرة على طول الساحل اليمني الممتد من المهرة شرقا وحتى ميدي شمالا .
ذرائع واهية
كان من ابرز الذرائع والحجج الواهية التي ساقتها الولايات المتحدة الأمريكية وأدواتها في المنطقة ولاتزال تتغنى بها امام العالم لشن العدوان على اليمن دعم الشرعية المزعومة للفار هادي الذي أطاحت بها به ثورة الـ21سبتمبر2014م وكذلك محاربة الإرهاب الذي يمثله تنظيما القاعدة وداعش لكن الشواهد على الأرض أكدت وبشكل جلي أن عناصر هذه التنظيمات ظلت ولاتزال حتى اليوم تقاتل جنبا الى جنب مع قوات الاحتلال وأدواته ومرتزقته في الجنوب وفي مختلف الجبهات وآخر تلك الفضائح الأمريكية استقدام المئات من عناصر القاعدة وداعش الى مارب من المحافظات والمناطق المحتلة بعد ان اصبح مجاهدو الجيش واللجان يضيقون الخناق على مارب باعتبارها واحدة من ابرز معاقل المرتزقة والإرهابيين.
ويقول المحللون إن ذريعة أمريكا بمحاربة الإرهاب لغزو واحتلال اليمن بدا عمليا في العام 2000م على اثر استهداف المدمرة الأمريكية «كول» بميناء عدن وحينها لم يكن هناك وجود لشرعية هادي الزائفة ولا للانقلاب المزعوم عليه ومع ذلك تواصل واشنطن استخدام هذه الذريعة الواهية الى اليوم مع ان العالم بات يرى كيف تحتضن أمريكا الإرهابيين بكل حنان لتحقيق أهدافها الخفية والمتمثلة في القضاء أولا على الثقافة القرآنية التي كانت حاضنة ومظلة أساسية لوعي الشعب اليمني وقضيته ومظلوميته وثورته ضد الفساد وضد الوصاية الخارجية…
وكذلك إعادة تخدير الوعي المجتمعي بجرعات من الأذلال والتدجين الثقافي المسخ .. والفصل بين اليمنيين وبين ثقافة القرآن الكريم التي تصنع الرجال الأعزاء الأحرار الرافضين للذل والخضوع لأراذل صهاينة العرب ولمشروع التطبيع الإسرائيلي العربي.
وهي الأهداف الضرورية من وجهة نظرها للوصول الى الهدف الأكبر في احتلال اليمن عبر أدوات ومرتزقة اقليميين ومحليين والسيطرة على ثرواته ومقدراته وقراره الوطني وبالتالي التمهيد لبقاء الكيان الصهيوني قوة ضاربة في المنطقة على حساب حقوق وكرامة أبناء الأمة وهو ما رأيناه على الواقع مؤخرا في مهزلة إعلان ترامب لما تسمى «صفقة القرن» .
النهج القرآني ومشاريع أمريكا
ارتبط الخطر الأمريكي وأطماعها في اليمن بالمسيرة القرآنية منذ اللحظات الأولى لولادتها المباركة على يد الشهيد القائد / حسين بدر الدين الحوثي الذي استشرف برؤاه الثاقبة وثقافته القرآنية الحقد الدفين الذي يكنه النظام الأمريكي من يدور في فلكه دولا ومنظمات وأفرادا دوليين واقليميين ومحليين ضد الشعب اليمني وكل شعوب الأمة لكن الثقافة القرآنية التي اتسمت بها ثورة الـ21من سبتمبر هي سر الصمود الاعجازي ولخمس سنوات متواصلة امام اعتى واشرس عدوان كوني في التاريخ الحديث ولم يقتصر الأمر عند الصمود والدفاع فقط بل تمكنت اليمن في ظل هذه الثورة الشعبية والمسيرة القرآنية الظافرة ان تسطر اعظم الانتصارات سياسيا وعسكريا وإعلاميا وفي كافة المجالات وأصبحت البلاد بما أنتجته وطورته من سلاح ومعدات الردع الحربي احد اهم العوامل التي يحسب لها العدو الأمريكي الف حساب قبل المضي في غيه وضلاله القديم وبالتالي عليه ان يدرك أن الشعب اليمني متسلح بالإيمان بالله وبثقافة القرآن وبإرادة شعبه العظيم مستعد لمواجهة الغازي المحتل بكل الوسائل المتاحة وملء نفسه اليقين بالنصر والتمكين بإذن الله تعالى.