الإمام الخميني لم يعلن شعار “الموت لأمريكا” عبثاً فوصفها أيضاً ب”الشيطان الأكبر”
أفق نيوز / كتابات / عدنان علامه
لقد حول مفجِّر الثورة الإسلامية في إيران المنطقة إلى محورٍ للثورة يرفض الهيمنة الأمريكية والإستكبارية، بعد أن كان شاه إيران يعتبر “شرطي الخليج” بلا منازع طيلة عقود، ودول الخليج مجتمعة تطلب رضاه. فجاء الإمام بأفكار التغيير والإعتماد على الذات. كان الإمام أمة في رجل واليوم تنعم الجمهورية الإسلامية بالرفاهية، الكرامة، العزة، القوة والتقدم العلمي في كافة المجالات العلمية والعسكرية.
لا تتسع المجلدات لذكر إنجازات وآثار أفكار الإمام الخميني في الدول المحيطة والمهجر. فقد حقق حلم الأنبياء والأوصياء بإعلانه الجمهورية الإسلامية. وسأتناول محور العداء لأمريكا وإنسانية التعامل والعدالة في الجمهورية الإسلامية في مقالين مستقلين.
فمنذ انتصار الثورة الايرانية عام ١٩٧٩ وللإمام الخميني مقولات وكلمات يصف فيها أمريكا ب(لشيطان الاكبر) هذا الوصف الذي قرن امريكا بالشيطان والذي يعرف الجميع صفاتة( التكبر والخيلاء ، الغرور ، الخداع والكذب ، التحريف ، الظهور بمظاهر مختلفه ، غايته حرف الناس عن جادة الحق والصواب).
وقد إستعمل الإمام الخميني هذه الصفة معتمداً على ما ذكره الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم:-
{ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18) }. وقال الله سبحانه وتعالى:- {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)}
وقدشدد الإمام بإعطاء أمريكا لقب الشيطان بالاكبر في معظم خطاباَته؛ وهذه اشارة لما آلت اليه الامور لتكون أمريكا شيطان العالم كله تسوس به حيث دارت مصالحها وأطماعها بعد أن إنتهت الحرب الباردة بين القطبين وأصبح العالم أحادي القطبية.
ف( الموت لامريكا ) شعار لقنه الإمام للشعب الإيراني. كلمتان فقط تقض مضاجع أمريكا منذ أربع عقود. وكان الإمام رضوان الله عليه يؤكد أن هذا العداء ليس مع الشعب الامريكي بل مع الحكومات الأمريكية وسياساتها تجاه الشعوب. وكان يقول رضوان الله عليه في مقاربة عجيبة ما معانها (إذا مدحتكم أمريكا عليكم إعادة النظر في وضعكم فأنتم بالتأكيد ليس على ما يرام).
وكان الإمام قدس سره ثاقب البصيرة في الأمور السياسية والعلاقات الدولية. وكانت مواقفه سبباً للعزة والقوة والمهابة التي تتمتع بها الجمهورية الإسلامية اليوم. فقال: “نحن لا نعيش أبداً خلف الابواب المغلقة ، إلا أننا لا نفتح هذه الأبواب للمستعمرين أبداً . إن علاقاتنا الخارجية قائمة علىأساس الحرية والإستقلال وحماية مصالح ومنافع الإسلام والمسلمين” .
وأضاف سماحته إننا نريد أن نقيم علاقات صداقة مع جميع شعوب العالم ، وأن تربطنا مع جميع حكومات العالم – وفقا لطبيعة هذه الحكومات- علاقات حسنة على أساس الإحترام المتبادل ، ما لم تتصرف الحكومات ضدنا ، ولا نرضخ لظلمهم وسلطتهم . إننا نرفض رفضاً تاماً هذا الأمر ولن نسمح لهم بالتدخل في شؤون بلدنا وممارسة هيمنتهم على البلاد ، وبالطبع لا يمكننا إقامة علاقات مع أمثالهم .
وقد أوضح الإمام قدس سره سياسة أمريكا مع دول العالم فقال:- “ما هي المصالح التي تسعى أمريكا لتحقيقها هنا سوى مصادر الثروة ؟ من هم الأصدقاء الذين لا يمكن أن يكونوا لها سوى خداماً ؟ إن أمريكا لا تريد صديقاً بل تريد خادماً . هم يفضلون تقديم مصالح شعوبهم . إنّ شعبنا وحكومتنا صامدون وثابتون أمام أي قوة سلطوية، ونعارض أمريكا قدر إستطاعتنا”.
وقد رفع الإمام الخميني رضوان الله عليه من لهجة خطابه نحو أمريكا المتغطرسة كمقدمة لقطع العلاقات الديبلوماسية معها فقال :” كل مصائبنا من امريكا .. لقد تحملنا منها الكثير من الأضرار التي لم يتحملها أحد سوانا . لا تعتقدوا بان علاقاتنا مع امريكا تحمل لنا أمرا إيجابيا . إن العلاقة بين أمريكا وإيران هي علاقة الذئب والحمل فلا يمكن ان يقع بينهما صلح أبداً . فما فائدة علاقاتنا مع أمريكا؟ العلاقة مع اميركا هي علاقة مظلوم مع ظالم، علاقة ناهب مع فريسته. ماذا نريد من هذه العلاقة ؟. ان شعبنا المجاهد تفاءل بقطعه مثل هذه العلاقة ، ومستعد لتحمل مشاكل قطع هذه العلاقة ، ولا يخشى اي خطر . ان الخطر يكمن في ذلك اليوم الذي تتجدد فيه العلاقات مثلما كانت مع النظام السابق الخائن . لا نقبل الذل مقابل ان تكون لنا علاقة مع إحدى القوى السلطوية في العالم. وليس من الشرف والكرامة ان تكون لنا علاقات مع أمثال امريكا. فالحكومة الاميركية ليست لها كرامة وشرف إنساني. ولاجل ذلك لا نتطلع الى إقامة معها. نحن ثابتون على موقفنا حتى النهاية ولن نقيم علاقات مع أمريكا إلا إذا تخلت عن ظلمها واستبدادها . وما دامت أمريكا باقية كما هي ، وما دامت «إسرائيل» في الوجود ، فاننا لا يمكن ان نعيش معهما. وقد قطعت أمريكا علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في 7إبريل 1980، بمبادرة من الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر.
فالإمام الخميني رضوان الله عليه كان يرى الأمور ببصيرته الثاقبة. وقد أنذر الإمام من عاقبة العلاقة مع أمريكا؛ لأنه في أيامه ارتفعت بعض الأصوات تؤيد العلاقة مع أمريكا. ولكن حزم الإمام وصرامته دفع الجميع للإلتزام بالأمر.
قطعت إيران علاقتها مع أمريكا بينما سار معظم حكام الدول العربية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في المسار الذي رسمته أمريكا لهم لحل قضية فلسطين من كامب ديفيد إلى أوسلو إلى وادي عربة والتعاون الأمني بين منظمة التحرير والكيان الغاصب. فماذا كانت النتيجة؟
ترامب عبر عن إرادة الإدارات الامريكية السابقة وأعلن القدس عاصمة للكيان الغاصب وأعطى الجولان للصهاينة وشجع على إحتلال الضفة الغربية وغور الأردن. فعاد الجميع بخفي حنين وبعد ضياع مساحات شاسعة من فلسطين بسبب قضم سلطات الإحتلال لها. ولم تحصد منظمة التحرير والحكام العرب سوى الغدر الأمريكي والخيانة والطعن في الظهر وضياع فلسطين. ومما زاد في أوضاع الفلسطينيين سوءاً هو تسابق الحكام العرب للتطبيع مع العدو الصهيوني.
ومن جانب آخر فقد نكث ترامب بكافة المواثيق والعهود والإتفاقيات الدولية مع إيران وغيرها مع صمت مطبق من الدول الأوروبية. واليوم يكشف ترامب الستار عن حقيقة الإدارة الأمريكية العنصرية حين طلب إستعمال العنف المفرط وحتى إطلاق النار على المتظاهرين في حين كان يعطي الآخرين دروساً في كيفية التعامل السلمي مع المتظاهرين. ولا من الإشارة إلى الصمت المشبوه للدول الأوروبية والأمم المتحدة ومجلس الأمن مما يجري في الولايات المتحدة من إنتهاك سافر لحقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المواطنين من أصول أفريقية بشكل خاص.
وفي الختام علينا أخذ العبر فيما حققته إيران من معاداتها لأمريكا؛ وفيما حققه تابعي أمريكا والسائرين في فلكها والساعين بشتى الوسائل لكسب رضاها لفلسطين وقدسها وشعبها؟
وإن غدا لناظره قريب
05/06/2020م