رفضت عرضين مغريين للتخلي .. صنعاء عاصمة للمقاومين ورافعة لفلسطين!
بعد ست سنوات من العدوان والحرب احتضنت صنعاء للمرة الأولى لقاءا جامعا ضم جميع الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية بما فيها الإصلاح والناصري والاشتراكي الذي تتواجد قيادات لها في عواصم العدوان وتشارك الى جانب الغزاة في القتال كحزب الإصلاح .
قبل نحو ست سنوات من اليوم توجه وفد حكومي بتوجيه الخائن الفار هادي الى صعدة هناك قابل الوفد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ، وقدم عرضا مغريا هو حصة من النفط والمشاركة في السلطة ومزايا أخرى .
رفض السيد عبد الملك العرض وتلقى الوفد الذي كان يضم اكبر الساسيين اليمنيين آنذاك محاضرة لم يألفها حول الوطنية والمبادئ والثوابت الإسلامية ،وكيف ان هذه جميعها ليست للمبادلة او للبيع .
في تلك الأيام كانت العاصمة صنعاء على بعد خطوات من التحرر ، محاطة بمخيمات الاعتصام والتي كانت تطالب بشراكة حقيقية وإخراج اليمن من الحاضنة الامريكية والسعودية .
عقب فشل مهمة وفد هادي والذي ذهب بايعاز أمريكي ونجاح ثورة ال 21 من سبتمبر توجه موفد سعودي الى صعدة وقدم عرضا أكثر اغراء مما قدم وفد هادي وهو ان يكون انصار الله وكلاء جدد للنفوذ السعودي ولهم ان يتحكموا بثروات اليمن كيف شأؤو وستغدق عليهم المساعدات من كل حدب وصوب ، ومرة جديدة جرى رفض العرض ، ولربما تلقى الموفد السعودي كسابقه ذات النصيحة عن المبادئ والثوابت القومية العربية والإسلامية وانها ليست خاضعة للعرض والطلب .
العرضين السعودي واليمني عبر العملاء كان بهدف واحد هو منع القوة الناشئة انصار الله من ان تكون رافعة جديدة لفلسطين والقدس والقضية المركزية للأمة ، في تلك الفترة كان يجري التحضير في أروقة الاداراة الامريكية لماسمي لاحقا صفقة القرن.
المعطيات من داخل الولايات المتحدة الامريكية ومن خلال تصريحات الرؤساء الأمريكيين السابقين تؤكد بأن أمريكا كانت تعمل منذ سنوات لانهاء صداع القضية الفلسطينية، الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تحدث عن الصفقة ، لكن الوقت لم يسعفه لتقديمها عربونا لبقاء الحزب الديمقراطي في السلطة .
الديمقراطيون في الإدارة الامريكية كانوا يدركون بان الأوضاع في المنطقة العربية رغم الربيع العربي وانهاك الأطراف المقاومة فيه لم تنضج لدى الشعوب لتمرير الصفقة ، بعكس ترامب الذي تتسم سياساته بالتهور وقلة الذوق السياسي والدبلوماسي .
وبحسب جون بولتون في مقابلة من راديو فرانس برس فإن ” صفقة القرن مرهونة باستمرار ترامب في السلطة ، وهذا الموقف يكشف تأثير الصهيونية العالمية واللوبي اليهودي المتغلغل في الولايات المتحدة ، فبولتون هنا يتعالى على الإهانة التي وجهها له ترامب بطرده من البيت الأبيض ليروج له انتخابيا كي تعيش الصفقة .
بالعودة الى صنعاء كان من نتاج عدم قبول القيادة الثورية الجديدة في اليمن ، استعادة اليمن لموقعة الكامل الى جانب فلسطين حكومة وشعبا ، بعد أن كان النظام السابق يداهن الشعب حول فلسطين ويبيعها باتفاقات مع الإدارة الامريكية والحركة الصهيونية .
وفي هذا السياق يقول حسن الحمران مسؤول الملف الفلسطيني في انصار الله في كلمة امام اجتماع صنعاء وامام ممثلي الفصائل الفلسطينية ” لنا الفخر ان نواجه عدوانا وحصار على مدى ست سنين على أن نبدل مواقفنا وعقيدتنا تجاه فلسطين، ونقول للأخوة في فلسطين نحن معكم حتى تتحرر فلسطين كل فلسطين “
أحد أهم أسباب العدوان على اليمن منذ مارس 2015م هو الموقع الجديدة الذي تحول اليه، و هدد لاحقا ولايزال بإفشال صفقة القرن وجعلها هشة معرضة للانهيار .
توجيه التهم لليمن وانصار الله بالعمالة والتبعية لأيران هو نوع من المغالطة للرأي العام تشنه الماكينة الاعلامية السعودية ، فالاخيرة لاتجرؤ على قول الحقيقة صراحة رغم مضيها في قطار التطبيع رويدا رويدا عبر دفع ناشطين الى التواصل مع الأقنية الصهيونية أو انتاج مسلسلات تروج لادعاء الحق اليهودي في فلسطين ومفهوم التعايش مع اليهود في الجزيرة العربية .
الشرعية التي تقاتل السعودية لأجل اعادتها لليمن وفق زعمها أجبرت على الجلوس مع الاسرائيليين ، وقدمت كبش فداء للسخط الشعبي العربي والإسلامي في مؤتمر وارسو المؤتمر التطبيعي بامتياز ، وزير خارجية هادي الذي جلس الى جوار نتياهو انتهى مشاره السياسي عقب ذلك المؤتمر.
بالأمس ثمة رسالة كبيرة أبرقت بها صنعاء الى العالم وخصوصا العالم الإسلامي، فالاجتماع الذي ضم مختلف الفصائل الفلسطينية على طاولة واحدة مع الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية للوقف أمام مايتهدد فلسطين من مؤامرات والتصدي لصفقة القرن وهرولة المطبعين في دول الخليج جلست خلاله الأحزاب المناهضة للعدوان مع أحزاب الإصلاح والناصري والاشتراكي التي تتواجد قياداتها في عواصم العدوان ويقاتل أتباع لها الى جانب الغزاة ، الجميع للمرة الأولى على طاولة واحدة منذ بدء العدوان في مارس 2015م قبل 6 سنوات ، تجاوز الجميع كل الخلافات البينية العميقة لأجل فلسطين.
هذا المشهد الجامع هو بمثابة إعلان عن ولادة صنعاء محطة عربية وإقليمية للقضية الفلسطينية وحاضنة للمقاومين على اختلاف رؤاهم ، وليس أدل من اجتماع مكونات سياسية يمنية تتقاتل في الميدان لكنها أمام فلسطين جلست على طاولة وحدة وخرجت بكلمة سواء تعكس الاجماع الشعبي في اليمن .
بالأمس القريب نجحت الولايات المتحدة وبتمويل المال العربي في إخراج دمشق من المعادلة كحاضن عربي للمقاومة ولفلسطين ، وأضعفتها بالحروب والاقتتال .
بحسب ممثلي الفصائل الفلسطينية في اجتماع صنعاء فانتقال الراية الى صنعاء القوية الحرة في خياراتها والثابتة في مبادئها رغم سني العدوان والحصار مؤشر على الانتصار الذي بات واضحا للعالم وتقامر السعودية في تجاهله واستمرارها بالحرب والحصار ، وهو انتصار لفلسطين وكل مقاوم شريف في العالم.
قد تكون دمشق الأقرب جغرافيا للقدس ، لكن القدس الأقرب بصنعاء الى الحرية والانتصار.