“غراندي” تمارس اللعب على حبال المساعدات.. و”غريفيث” يقايض الأمم المتحدة تستكمل برامج نهب مساعدات اليمنيين بوقفها
أوقفت منظمة اليونيسف دعمها الذي تقدمه لأكثر من 100 مستشفى ، وتخفيض نسبة دعمها للمياه والكهرباء والصحة بنسبة خمسين في المائة ضمن مشاريع الاستجابة الانسانية الطارئة التي تقدمها الأمم المتحدة في اليمن، وجاء قرار المنظمة متوازيا مع قرارات اتخذتها منظمات أخرى ، بدأت بوقف المساعدات الإغاثية وإلغاء مشاريعها الإنسانية التي عملت عليها منذ سنوات العدوان الأولى التي سببت أسوأ كارثة إنسانية في القرن الواحد والعشرين”، حسب الوصف الأممي.
ورغم الفساد الذي يشوب عمل منظمات الإغاثة الأممية ، وما يتعرض له برنامج المساعدات في اليمن من تبديد وفساد ونهب من قبل الموظفين الأمميين التابعين للأمم المتحدة على رأسهم الممثل الإنساني المقيم ليز غراندي الذي تتراوح نفقات رحلاتها الجوية ما بين 50 إلى 80 مليون دولار سنويا ، إلا أنه يغطي نسبة كبيرة من الاحتياجات الملحة والضرورية في مجالات المياه والطاقة والعون وتشغيل المرافق الصحية والخدمية .
وتثير خطوة اليونيسف الكثير من التساؤلات لدى الشارع اليمني ، فقد بدأت فعليا بإيقاف منظمة اليونسيف نصف مشاريعها الإنسانية ، وتخفيض نسبة الدعم للمشاريع الأخرى إلى 50% خمسين في المائة ، من بداية يونيو المنصرم ، وحصلت الثورة على رسالة موجهة من المنظمة إلى وزير المياه والبيئة ووزير الكهرباء ، أكدت فيها أنها ومنذ 1 يونيو المنصرم تخفض الدعم الممنوح لمؤسسات المياه والكهرباء والمستشفيات إلى خمسين في المائة ، وتوقيفها نهائيا عن مراكز ريفية عديدة.
وبررت اليونسف خطوتها بما وصفته عدم وفاء المانحين بتعهداتهم ، لكن معلومات في وقت سابق أفادت للثورة أن عددا آخر من المنظمات أوقفت نشاطها ، وألغت كل برامجها الإنسانية في صنعاء بتوجيهات مباشرة من الممثل المقيم ليز غراندي ، وتشير المعلومات التي حصلت عليها الثورة إلى أن قرار وقف وتخفيض المساعدات من قبل المنظمات يأتي في سياق تصعيد تحالف العدوان للحرب الاقتصادية وتشديد الحصار على الوقود والغذاء ، وهو ما دفع مسؤولين إلى الإعراب عن مخاوفهم حيال ما اعتبروه مشاركة الأمم المتحدة في حرب التجويع والحصار.
ورغم تراجع حجم المساعدات المقدمة لليمن هذا العام ، مع تزايد الاحتياج إلا أن القرار الذي جاء -وفق المسؤول- بناء على طلب من الممثل المقيم للأمم المتحدة «ليزا غراندي» والتي تتهم بتسييس المساعدات الإنسانية في اليمن والتلاعب بها ، سيكون له تداعيات سلبية على الواقع المعيشي لما يزيد عن عشره ملايين مواطن، خاصة في هذا التوقيت الحرج الذي تزيد فيه معدلات الفقر 80% مع انعدام الأمن الغذائي لنحو 70% من السكان في اليمن.
مقايضات أممية
قرار اليونسيف في هذا التوقيت جاء في إطار التلاعب الأممي على حبال المساعدات الإنسانية ، واستخدام الأمم المتحدة الملف الإنساني ، كورقة للمقايضة لتمرير الأجندات العدوانية ومصالح دول العدوان على الأراضي اليمنية ، ولم يتضح إلى متى سيستمر وقف المساعدات مع الإشارة إلى أن هذه القرارات تتزامن مع تصعيد الحرب الاقتصادية وتشديد الحصار على اليمن ومنع السفن من الوصول إلى ميناء الحديدة ، والتي بررها المبعوث الأممي مارتن غريفيث بأنها رد على قيام صنعاء بصرف نصف مرتب للمناطق التي لا تخضع لسيطرة قوى العدوان والمرتزقة ، واصفا صرف نصف مرتب بالخطوة الأحادية.
جدير بالذكر أن اليونسف تقول أنها تدعم بحوالي 15 مليون لتر من الوقود شهريا أعدادا كبيرة من المنشآت الحيوية في مجالات الصحة والطاقة والمياه وغيرها ، لكن ما تقدمه فعليا لا يزيد عن مليون ونصف مليون لتر شهريا ، على نحو يوضح حجم الفساد الذي تمارسه منظمات الأمم المتحدة ، والسرقات التي تتعرض لها المساعدات المسجلة باسم اليمن.
ولا يخفي مسؤولون في المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية ، تخوفهم حيال قرار اليونسيف وعدد آخر من المنظمات للمساعدات التي كانت تُقدم للشعب اليمني، والتي كانت تشمل قطاعات هامة مثل الصحة والتعليم ، مشيرين إلى أن ذلك سيكون له انعكاس سلبي على الجميع، وسوف يخلق أجواء سلبية، ويزيد من حالة الاحتياج الإنساني، ويحملون الممثل المقيم في صنعاء المسؤولية الكاملة عما يحدث من تبعات.
ضغوط سياسية
ويُنظر إلى مثل هذه الإجراءات على أنها وسيلة للضغط على اليمنيين للموافقة على أجندات العدوان وفرض مخططاته ، والتعامل مع خطط المبعوث مارتن غريفيث المنتظرة منذ وقت طويل ليحقق من خلالها أهداف العدوان بقفزات ناعمة وإنسانية ، ويعتبر مراقبون أن ما يوصف بالمساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة بات شكلا من «المال المُسيَّس»، في إشارة إلى أن الهدف الرئيسي من وراء تلك التحركات التي تستهدف تركيع الإرادة للشعب اليمني لصالح تحالف العدوان ، وهو ما بدا مكشوفا في الآوانة الأخيرة من تحركات ليزا غراندي الممثل الإنساني المقيم في صنعاء.
قرار منظمة اليونسيف بوقف وتخفيض بعض المساعدات ، جاء تزامنا مع تشديد إجراءات الحصار على الوقود ومنع السفن من الدخول إلى ميناء الحديدة ، والذي يزامن حملة إعلامية تضليلية تحاول بها الأمم المتحدة صرف النظر عن قرارتها بوقف المساعدات ، وخلق ضجيج إعلامي وردود فعل هامشية ، بتكرار الادعاءات عن تعرض مساعدات للنهب ، مراقبون اعتبروا أن الأمم المتحدة تستكمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها تحالف العدوان السعودي ضد اليمنيين.
مع أن العالم كله يعرف أن ثمة نفاقاً لا حدود له يجري في مشهد المداولات التي تصدر عن منابر الأمم المتحدة ولاسيما حين ينبري الموظفون الأمميون وبجانبهم السعوديون إلى الحديث عن الإنسانية والمساعدات للشعب اليمني ، فحين عجزت دول العدوان عن تمرير ما تريد فرضه من واقع عسكري وميداني وسياسي ، لم تتورع الأمم المتحدة عن تسييس المساعدات والتلاعب بالملف الإنساني والمعيشي واستخدامه ضمن أوراق الضغط على الشعب اليمني وباسم الإنسانية ذاتها.
ويعتبر مراقبون أن وقف وتخفيض المساعدات في هذا التوقيت ، ليس إلا رافداً لأدوات العدوان على اليمن ،وعلاوة على الفساد والنهب والسرقات التي تتعرض لها المساعدات المخصصة لليمن ، وتذهب بما يزيد عن 70% منها كنفقات ومرتبات وحوافز ومكافآت لموظفي الأمم المتحدة ومسؤوليها ، فإن الوقائع تكشف أن الأمم المتحدة قد اتخذت من المساعدات ستارا لصفقات وشحنات سلاح موجهة للمرتزقة والجماعات الإرهابية التي تقاتل في صفوف العدوان.
تعميق للأزمة لأغراض سياسية
لا شك أن قرار اليونيسف بتوقيف المساعدات التي تقدمها لعدد من المشاريع الحيوية سيعمق من الأزمة الاقتصادية لما يقرب من 80% من سكان الشعب اليمني حسب مصادر اقتصادية التي تؤكد أن القرار سيكون له تأثير كبير على مجالات صحة وحياة السكان المباشرة ، خاصة وأن هذه المشروعات تصب في مجال مشاريع المياه والكهرباء والصحة التي من الممكن أن تساعد في عمليات مواجهة الأوبئة وتنقية المياه وتشغيل القطاعات الحيوية المرتبطة بحياة المدنيين بشكل مباشر وهو الهدف الذي تسعى إليه ليز غراندي من خلال قراراتها بوقف المساعدات الإنسانية واتباع سياسة الخنق الاقتصادي لصناعة الانهيار في اليمن.
وفي إحاطته المقدمة عبر دائرة تلفزيونية الشهر المنصرم قال المبعوث الأممي مارتن غريفيث « يجب أن تصمت البنادق في اليمن لمحاربة فيروس كورونا وتقديم المساعدات الإنسانية» ، غير أن ما يكشفه السلوك الأخير للمنظمات الإنسانية والمبعوث ذاته ، هو أن الأمم المتحدة بدأت بإيقاف المساعدات الإنسانية عن اليمن ، رغما عن تفشي وباء كورونا وما سببه من مضاعفات للاحتياجات الإنسانية الملحة في اليمن ، وفي حين لم تتوقف جرائم العدوان ولم تصمت بنادق مرتزقته ، تصمت برامج المساعدات بشكل شبه كلي ، المساعدات هي التي توقفت بينما المبعوث نفسه يواصل المساعي التي يقول أنها بهدف الوصول إلى سلام وتسوية ، مستخدما الجانب الإنساني في سياق الضغط على الشعب اليمني لتمرير ما يسعى إليه من حلول تجزئة وتفتيت.
وتتوازى قرارات وقف المساعدات مع التصعيد الحربي والعسكري لتحالف العدوان على اليمن ، والضغط الإعلامي باتجاه الحديدة من بوابة صافر ، مضافا إلى ما سبق يعتبر مراقبون أن الحصار الغاشم المفروض على اليمن ومنع سفن المشتقات النفطية من الدخول إلى موانئ الحديدة والذي سبب أزمة كارثية تهدد بتوقف القطاعات الخدمية التي تعاني من أزمة الوقود ، إجراءات تتكامل مع قرار وقف المساعدات الذي بدأت به منظمات عديدة ، كما أن الإجراءات المتعمدة بشأن العملة وفرض حصار على التحويلات المالية كلها تهدف إلى تأزيم الوضع الإنساني بشكل كارثي يؤدي إلى توقف الكثير من الأعمال والمهام.