أفق نيوز
الخبر بلا حدود

كاتب عربي في صحيفة عبرية: هكذا ستظل إسرائيل نبتة غريبة في الشرق الأوسط!

264

أفق نيوز – متابعات إخبارية
بدلاً من أن تفكر قيادة الدولة بمكانة إسرائيل في الشرق الأوسط ومساهمتها في استقراره وازدهاره، وبدلاً من أن تكون عاملاً تصالحياً يدعو ويعمل لوحدة الشعوب والتأكيد على المصالح المشتركة لخلق شرق أوسط موحد يجلب الازدهار للجميع، وبدلاً من أن تشرح بأن التقسيم الطائفي والقومي كارثة على مستقبل المنطقة، وبدلاً من التعلم من تاريخ أوروبا بأن العلاقات الجيدة بين الشعوب جلبت لها الازدهار والنزاعات الداخلية جلبت المعاناة لها ولكل العالم في حربين عالميتين خطيرتين، وبدلاً من القول للعالم العربي بأن مخزونات النفط تنفد وعليه تبني اقتصاد لا يعتمد على النفط بل على المعرفة وتقوية الفرد، وبدلاً من أن تكون عاملاً يجسر الفجوة بين القوات المتخاصمة، وبدلاً من أن تكون نوراً للأغيار بالمعنى اللفظي للكلمة… بدلاً من كل ذلك قررت إسرائيل أن تجعل الظلام مسيطراً.

ورفع الشيوعيون في إسرائيل سابقاً شعاراً مع الشعوب العربية ضد الكولونيالية. وأدارت إسرائيل الرسمية ظهرها لهذا الشعار الذي كان سيدخلها إلى مكان محترم في المنطقة كدولة تصنع السلام، وليس كدولة تسعى إلى الحرب. أما الشعار الآن فهو: مع السنة ضد الشيعة، في حين أن الوضع كان عكس ذلك قبل بضع سنوات، وكانت إسرائيل الرسمية هي سند الشاه الإيراني الشيعي الذي قمع شعبه بقبضة حديدية.

من المثير للاهتمام أنه لم يتم حتى الآن إجراء نقد ذاتي في إسرائيل على دعم الشاه، الذي ساهم في نمو بديل متعصب ضد الشعب الإيراني وباقي المنطقة. بالمناسبة، في أيام حرب 1956 لم تقف إسرائيل إلى جانب مصر ضد دولتين كولونياليتين محتضرتين، اللتين أرادتا معاقبة مصر على تأميم قناة السويس، بل انضمت إليهما بسرور.

وما يسمى تطبيعاً بين إسرائيل والإمارات هو، قبل أي شيء آخر، تحالف عسكري برعاية أمريكا. وكأن هذا ما ينقص الشرق الأوسط الآن، الذي يغرق في نزاعات داخلية داخل كل دولة على أساس طائفي ونزاعات بين الدول، قومية وطبقية. وهبت إسرائيل بسعادة لتنجرف في هذه الدوامة.

إسرائيل متحمسة كما يبدو لتعليم السعودية والإمارات كيف يخضعون اليمن بضربة قاضية. هل هناك حرب قذرة أخرى تنتظر “شبابنا”؟ في هذه الأثناء، حتى لو لم يشارك طيارون إسرائيليون في القصف، فالعالم كله سيقول إن إسرائيل دخلت اللعبة. وكأن لطخة أخرى في قمع الشعوب العربية تنقص إسرائيل الآن.

قد يؤدي هذا التحالف إلى تصعيد خطير في التسلح. السلاح الفتاك، “إف 35”، هو جزء من اللعبة. والرد لن يتأخر في المجيء من جانب إيران وجهات أخرى في دول الخليج. وإضافة إلى الولايات المتحدة ستأتي إلى الإمارات دول كبرى أخرى تبحث عن الأموال والنفوذ (قال ترامب إن الإمارات مستعدة للدفع أكثر). وسيبقى للصناعات العسكرية في إسرائيل بعض الفتات.

كم هو بعيد اليوم عن أمس. ففي أعقاب السلام مع مصر تحدثوا عن أجهزة تنقيط ستساعد الفلاح المصري في ري أرضه وزيادة محصوله، وعلى مراكز الثقافة تعميق التفاهم بين الشعوب. ومع ذلك، أدار المصريون ظهرهم لهذا السلام بعد احتلال لبنان والهجوم على الشعب الفلسطيني.

ليس هناك مناص من قول الحقيقة: بعد سبعين سنة ما زالت إسرائيل نبتة غريبة. لأنها بدلاً من رأب الصدع، تستغل النزاعات بين سكان المنطقة لتعزيز مكانتها، مثل الكولونيالية الكلاسيكية، أو بشكل أكثر دقة، هي فرع للكولونيالية وراء المحيط.

يجب التذكير بأن مقاربة الإنغلاق تتعزز في الولايات المتحدة تحت حكم ترامب، وحتى قبله. وبدلاً من أن تكف إسرائيل عن كونها دعامة لدول عربية شمولية، سارعت إلى تنفيذ وصية السادة في واشنطن. محظوظ ترامب هذا.

بقلم: عودة بشارات
هآرتس 24/8/2020

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com