عن الشهداء
أفق نيوز – بقلم – عباد بن علي الهيال
فاتحة :
قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام :
“اعلموا أنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة ، فلا تبيعوها إلا بها”
*
لا أخفيكم ..
مازلت مأخوذا بأبي قاصف الوصابي
أتذكرونه؟
طيفه يزورني بين الفينة والأخرى ..
أي شهادة تلك التي اختارها له الله !!
يستشهد الشهداء ولكل جائزته بيد أن شهادة الوصابي كانت غير شهادتهم…
كان أبو قاصف قد حوصر ورفيقه القتيل وكانت قد نفدت ذخيرتهما وعطب سلاحه وكان العدو قد حاصره لكن الله ربط على قلبه وثبت قدميه وألهمه الله فاندفع يرجمهم ب»حجارة من سجيل»، وتمكن أبوقاصف من رد المحاصرين له وفك حصارهم ونجا .
وعاش أبوقاصف ليرى بعينيه قصته على شاشة التلفاز ، ليرى شيئا يسيرا جدا مما يكرم الله به المجاهدين ؛ كيف أعانه الله وكيف أكرمه الله و كرمه الناس،
كأن قصته تلك بشارة من الله بما أعده لأبي قاصف وبالفعل فلم تكن إلا مديدة ثم يرجع إلى الجبهة فيصطفيه الله إليه شهيدا ..
“ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون”
أي رجال فقدنا ؟!
وهذان الشهيدان الحاجان قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس رفيقان في الجهاد والاستشهاد .
كانا على درجة عالية من التدين والسمو الأخلاقي .
شاهدت قاسم سليماني في لقاء مصور وفاجأني بقصة :
لقد كان سليماني حاضرا في الضاحية الجنوبية في بيروت إبان العدوان الإسرائيلي على حزب الله .
كان الطيرن الإسرائيلي قد قصف البناء الأول ثم البناء الثاني فالثالث وبقي البناء الرابع على وشك أن يقصف ،كان في هذا البناء ثلاثة رجال ..: حسن نصر الله وقاسم سليماني وعماد مغنية .
قرر الرجال الخروج من البناء قبل أن تدكه طائرات العدو وكان الطيران المسير يحلق فوق رؤوسهم على ارتفاع منخفض ، نزع سليماني قميصه العسكري المموه وبقي بقميصه الداخلي وخرج الرجال والطيران على رؤوسهم ، خرجوا ومضوا إلى تحت شجرة قبال البناء وهناك جلسوا ..
قال سليماني : في هذه اللحظات ونحن وحدنا جلوس ومعنا السيد حسن نصر الله تذكرت (مسلما)، وسكت!
لن يعرف أكثر المشاهدين من (مسلم) هذا الذي عناه سليماني ؟ ولم تذكره سليماني لحظتئذ ؟
مسلم هذا هو مسلم بن عقيل ابن عم الإمام الحسين ابن علي ورسوله إلى أهل الكوفة .
كان أهل الكوفة قد خذلوا مسلما وأوصدوا أبواب بيوتهم دونه فمضى في الليل لا يدري اين يتوجه وألجأه التعب إلى جوار بيت فجلس ،
فتحت امرأة الباب فوجدت مسلما بجواره فطلبت منه ان ينصرف فلا يصح لرجل غريب ان يجلس حيث هو ، وأغلقت الباب دونه ثم عادت وفتحته بانتظار ابنها العاق فوجدت مسلما مكانه فأنكرت جلوسه
و سألته : من أنت؟
فقال : مسلم بن عقيل .
قالت له : ضيف من أنت ؟
قال : ضيف أهل الكوفة !
(….)
كان قاسم سليماني بروحه الصافية قد شبه وحدتهم وغربتهم وهم تحت الشجرة بوحدة مسلم وغربته في الكوفة .
هذا جانب مما فاجأني في حديث سليماني ..كنت أحسب السيد حسن محاطا بالمئات من الحراس بعيدا جدا عن مواضع الخطر شأن حكام العرب، فإذا به في وسط المعركة قاب قوسين أو أدنى من طائرة العدو !!
خاتمة :
قال الشهيد أبو حرب حسن الملصي عليه السلام :
” أنا لا أريد أن أقرأ تاريخا ، أنا أريد أن أكون تاريخا”.