عضو المجلس السياسي لأنصار الله عبدالملك العجري يكتب عن عنفوان الزخم الثوري.. وتجليات 21 سبتمبر
يمانيون ../
عامٌ واحدٌ وشهران من عُمر الثورة اليمنية المجيدة في 21 سبتمبر 2014، قُرابة التسعةِ أشهر من هذه الفترة تدخّلَ فيها عدوانٌ غاشمٌ عالمي؛ لإعاقة تحقيق أهدافها، وتأخير الـيَـمَـنيين من قطف ثمار ثورتهم المباركة وتحقيق الاستقلال الكامل للـيَـمَـن، ورفع يد الوصاية السعودية الأمريكية عن بلد عاش ردحاً طويلاً من الزمن كحديقة خلفية لجيران السوء يحكمُهُ سفراءُ دول أخرى في أنظمة تداولت على الفساد والعَمَالة دون خجل.
وكما شهدت كُلُّ ثورات العالم الناصعةُ جُملةً من المؤامرات الخارجية والحُروبِ المباشرة؛ لإعاقة مشاريع تحرُّر الشعوب، والتي ترى فيه القوى المهينةُ على العالم خطراً محدقاً على مصالحها، ودخلت فرنسا في جُملة من الحروب الأهلية، وحاربت العراق إيران، وتدخل درع الجزيرة لقمع ثورة البحرين، وغيرها من التجارب.
وبعد عام وشهرين من الثورة وتسعة أشهر من العدوان تحدثنا إلى عبدالملك العجري عضو المجلس السياسي لأنصار الله؛ لتقييم مجريات الوضع وأين وصلت الأمور والبُعد المستقبلي في عُيُون الثوار، خَـاصَّـةً في ظل انفراج سياسي وانتصار دبلوماسي للثورة الـيَـمَـنية إثر صمودها الأسطوري في وجه هجمة عالمية شرسة تمثلت في دعوات رسمية تلقتها الثورةُ من دول أوروبية كروسيا وفرنسا وسويسرا وأيطاليا وغيرها، لزيارة هذه الدول وإيضاح مشروع الثورة السياسي لمستقبل الـيَـمَـن، في اعتراف قوي بالثورة تم انتزاعُهُ بجهود الـيَـمَـنيين.
ويقولُ عبدالملك العجري: إن استقبالَ روسيا وفرنسا وغيرهما له دلالتُه السياسيةُ، فالغربُ عموماً يدركُ أن الشرعية الشعبية هي من يُكتَبُ لها النجاحُ في النهاية، وأن الشرعية التي تمنحُها القرارات الدولية لهادي ما هي إلا شكلية وجاءت كنوع من المُداراة للبقرة الحلوب، أعني نظام الرياض؛ لأنه في النهاية ما قيمةُ الشرعية الدولية لهادي إذا كانت شرعيتُه الشعبية قد سقطت والدول الغربية هي مضطرةٌ آجلاً أم عاجلاً للتعاُمل مع الحقائق على الأرض.
وفي ما يتعلق باستمرارية الفعل الثوري وطبيعة الأرضية السياسية الـيَـمَـنية في ظل المتغيّرات الحاصلة يقول العجري: الثورةُ باعتقادي عمليةٌ مستمرة، وليس فعلاً آنياً أو لحظياً، ولا تحقّق أهدافها بضربة واحدة، بل من خلال مشروع طويل الأمَد، وسيواجَهُ بالعديد من العراقيل والعوائق، التي من شأنها أن تهدد الفعل الثوري وتحبطه عن تحقيق نتائجه، كما هو الحال مع العدوان الحاصل، إلا أن الثورة لا زالت عملية قائمة، وعليها أن تنوّع استراتيجياتها، للتغلب على التحديات والصعوبات التي تواجهها والعراقيل التي يتمُّ افتعالها لإجهاضها.
ويضيفُ العجري: وهذا شأنُ كُلّ الثورات تقريباً، وكلها واجهت نفسَ التحديات، من الثورة الفرنسية إلى الثورة الروسية إلى الثورة الإيرانية وثورات الربيع العربي، مع اختلاف في الدرجة، لكن الثورة هي ذات طبيعة شعبية جماهيرية وليست نظام حكم أو أن عملَها ينتهي بوصول مجموعة من الثوار إلى سدة الحكم، بل ينتهي بتحقق أهدافها، وفي حالة الـيَـمَـن تلاحظ أن ثورة 21 سبتمبر كمحطة هامة من محطات الفعل الثوري المستمر تمثلُ امتداداً لثورة فبراير 2011م وتصويباً لها.
ويسهب عضوُ المجلس السياسي لأنصار الله قائلاً: لاحظ أنها – يعني الثورة – حتى الآن ونظراً للتعقيدات الحاصلة والأزمات المتراكمة لم تسعَ للقفز للسلطة ولم تُلْغِ العملية السياسية وأبقت المجالَ مفتوحاً أمامها لسدّ الفراغ الحاصل في السلطة.
وعندما سألناه: لماذا لا تسد الثورةُ الفراغَ القائمَ في السلطة.
قال العجري: حرصاً من القوى الثورية على مُراعاة القوى السياسية الأُخْــرَى، وفي الوقت ذاته لا يمكنُ ترك مؤسسات الدولة وأجهزتها تنهار، ومن هنا فإن اللجنة الثورية تستخدم شرعيتَها الشعبية في حدود منع مؤسسات الدولة من الانهيار، وليس صحيحاً أن قوى الثورة هي من تحكُمُ البلد.
وهنا يتجلّى أن الثورةَ في قمة عنفوانها وزخمها الشعبي كانت حريصةً على أنْ لا تستفرد في سلطة أو تقصي مكونات أخرى بعضُها كان خصماً لدوداً للثورة، وتظهَرُ أخلاقُ الثوار وهم يمدُّون أيادي السلم والشراكة لكل الفرقاء السياسيين والمكونات الفاعلة في البلد لسدّ هذا الفراغ بما لا يلغي مكوناً ما أو يعيد البلد إلى مربع الوصاية، حيث أن الرقابةَ الشعبية الثورية فعلٌ موازٍ لجهود الدولة لضمان تحقيق أهداف ثورة مستمرة يدفع أبناؤها كُلَّ يوم عشرات الشهداء؛ دفاعاً عنها وصيانةً لمشروعها المقدَّس، ولكن دون إقصاء أو تهميش.
وتعرقل بعضُ القوى السياسية في الداخل الـيَـمَـني خطوات سد الفراغ السياسي، في حين هرعت قوىً أخرى إلى أحضان المحتل لتحقيق مكاسبَ سياسيةٍ، إلا أن الشارعَ الـيَـمَـني يقول بوضوح وبصوت عالٍ في المسيرات الجماهيرية الحاشدة التي ما زالت تخرج أسبوعياً في العاصمة صنعاء وبعض محافظات يمنية رغم العدوان الشامل والحصار المطبق، يقول الشارع الـيَـمَـني: لن نفرّطَ في مكتسباتِ الثورةِ، ولكن البابَ مفتوحٌ للجميع ليكونوا جُزءً من تكوين المستقبل.