الجمعيات التعاونية… اقتصادٌ مقاوم
سيف الدين المجدر
العمل التعاوني؛ هو توحيد الإمكانيات والقدرات البشرية والمادية المجتمعية، بهدف تنمية وبناء المجتمع، وهو ليس امتداد لأي طرف سياسي أو حزبي أو ديني، ويقف على مسافة واحدة من الجميع.
الفكرة الأساسية للجمعيات التعاونية هي ما لا يقدر عليه الفرد وحيداً، بل تقدر عليه المجموعة..
ففي التعاونيات يتعامل المزارعون مع مشكلاتهم بشكل جماعي.
الجمعيات هي من توحد الجهود في مواجهة المشاكل التي يواجهها المجتمع، وليس ذلك فحسب، بل للجمعيات أيضاً قدرة عظيمة على الدفع بالعجلة التنموية، لأنها تعمل على تنظيم أمور المجتمع من حيث المشاكل والاحتياجات، والتخطيط للمشاريع يأتي من واقع احتياج حقيقي من الميدان.
ومع التوجه الزراعي للبلاد قيادةً وشعباِ، يُنظر إلى الجميعات على أنها هي أهم عامل من عوامل النجاح في تحقيق الاكتفاء الذاتي، وذلك من خلال الزراعة التعاقدية التي تهدف إلى زيادة الإنتاج المحلي بجودة عالية وخفض فاتورة الاستيراد، وكذلك إلى تحقيق تنمية زراعية مستدامة.
هناك تجارب ناجحة في عدة دول؛ فعلى سبيل المثال دولة الهند التي كانت تستورد 50% من الغذاء لسكانها، قد نجحت من خلال التعاونيات الزراعية في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، بل وصدرت الفائض ، وأصبحت تعاونيات المزارعين الهندية تملك نسبة 100% من تصنيع الأسمدة والآلات الزراعية والسكر ، وجميع الصناعات الغذائية، وأبرزها صناعة الألبان ومنتجاتها.
وحالياً أصبحت الهند تحل محل الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر دولة منتجة للألبان على مستوى العالم بفضل الجمعيات التعاونية لصغار المنتجين، وبذلك تحول الريف الهندي إلى قرى صناعية بامتياز.
لقد بات العمل على إنشاء وتفعيل الجمعيات التعاونية نهجاً وممارسة، أمرا ملحاً وملزماً خدمة لتحقيق أهداف التنمية المحلية المستدامة التي لا تتأثر بأي تحديات طارئة على البلاد، وهذا ما يسمى بِ (الاقتصاد المقاوم) الذي لا يمكن للأعداء أن يستهدفوه، ولا يمكن لأي معركة أن تؤثر فيه، ويكون كل فرد من أفراد المجتمع منتجاً فيه…
وهذا ما يدعونا إليه ربنا العظيم، على أن نكون أحرار وأقوياء.
((الاقتصاد المقاوم)) سوف يصنع لنا التحرر من الهيمنة الاقتصادية، وينقذ أبناء شعبنا من وطأة “الرأسمالية العالمية” التي تقتات على أفئدة المستضعفين في العالم.