الاستقلال.. بين الوطنية والارتزاق
أفق نيوز – بقلم – زيد الشُريف
الاستقلال ليس له أي علاقة بالعملاء وهو بريء من المرتزقة لأن العملاء هم أدوات المستعمرين وهم من يجلبون الغزاة إلى أوطانهم لاحتلالها ونهب ثرواتها واستعباد أهلها ، الاستقلال هو التحرر الشامل من الاستعمار والتبعية والهيمنة والوصاية الأجنبية التي تسعى إلى بسط نفوذها على الشعب والوطن، الاستقلال منظومة قيمية عملية وجودية شاملة تشمل كل المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والإعلامية وغير ذلك بحيث لا يكون هناك منفذ للاستعمار الخارجي على أي جانب من جوانب الحياة يمكن أن يستغله فيؤثر من خلاله على بقية المجالات، والاستقلال لا يكتمل ولا يصبح حقيقة إلا عندما يكون الوطن بخيراته وثرواته وجغرافية ملكاً لأهله وسكانه الأصليين فقط وكذلك عندما يكون القرار السياسي والاقتصادي والتربوي والإعلامي والعسكري والأمني قراراً داخلياً ذاتياً لا مكان فيه للتوجيهات والاملاءات الخارجية، هنا يكون الاستقلال حقيقة فعلية يلمسها الناس وليس مجرد هرطقات إعلامية يسمعون عنها ولا يرونها ولا يعيشونها في واقعهم باستمرار.
نسمع دائماً في وسائل الإعلام وفي تصريحات السياسيين وفي المناسبات الوطنية الكثير من الحديث عن الاستقلال والحرية ولكننا نفتقد إلى المنهجية التي يجب أن تكون حاضرة في مدارسنا وفي مساجدنا وفي جامعاتنا بكل قوة لتخلق في أنفسنا وعياً شاملاً عن معنى الاستقلال كثقافة ينبغي أن تكون هي السائدة في أوساطنا ، لأن الذي تعرفه المجتمعات العربية عن الاستقلال ليس أكثر من جمل ومفردات إنشائية يرددها صناع القرار في خطاباتهم السياسية في المناسبات الوطنية بشكل محدود يقتصر فقط على الجانب العسكري ولا يشمل بقية مجالات الحياة التي لا يمكن أن يكون هناك استقلال حقيقي إلا باستقلالها، لأن الاستقلال لا يقتصر فقط على طرد القوات العسكرية الأجنبية من رقعة جغرافية معينة، بل يجب أن يكون استقلالاً تاماً يقطع الطريق على الأطماع الاستعمارية الخارجية في كل المجالات ويكون قائماً على أسس دينية ووطنية وإنسانية سليمة تضمن الاستقلال التام والشامل والدائم للشعب والوطن
يجب أن يكون الاستقلال ثقافة تتربى عليها الأجيال وتعيشها المجتمعات قولاً وعملاً في واقعها وفي كل مجالات حياتها، لأن الاستقلال إذا لم يتجرد من السياسة القائمة على المراوغة والمكر وتزييف الحقائق، فإنه سيبقى مجرد ضجيج إعلامي يطرق مسامع الشعوب بين الفينة والأخرى ثم يبحثون عنه فلا يجدون منه في واقعهم سوى تصريحات سياسية استعراضية وخطابات إعلامية رنانة تتردد على مسامعهم كل عام ولا أثر لها في الحياة ، والاستقلال يبدأ من استقلال القرار السياسي وهذا ما يفتقد إليه العملاء المرتزقة الذين يتغنون باسم الاستقلال والحرية ولكن أفعالهم ومواقفهم تفضحهم وتشهد على أنهم مجرد أحذية للمستعمرين، وهذا ما هو حاصل اليوم في البلدان العربية التي تعاني أشد الويلات نتيجة خيانة الكثير من صناع القرار، كما هو الحال عليه اليوم في اليمن وكذلك في لبنان والعراق وسوريا والسعودية والإمارات والبحرين وغيرها من الدول العربية.
على سبيل المثال العملاء في اليمن مرتزقة العدوان يتهمون أنصار الله والمجلس السياسي الأعلى والجيش واللجان الشعبية بأنهم عملاء لإيران لأنهم، لا يفهمون معنى العلاقات الندية والأخوية والإسلامية المشتركة التي لا مكان فيها للتبعية والهيمنة والوصاية، بينما لو نأتي إليهم سنجد أنهم يسبحون في مستنقع الوصاية الأجنبية والهيمنة الخارجية ويتحركون وفق توجيهات الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمملكة البريطانية المتحدة ضد بلدهم وشعبهم ويعترفون في وسائل الإعلام أنهم يعملون في خدمة هذه الدول الاستعمارية ويحصلون على الدعم المالي والعسكري، وهذا شيء معروف لم يعد خافياً على أحد، والمثير للسخرية أنهم يتشدقون باسم الحرية والاستقلال والجمهورية والوطنية، بينما أفعالهم ومواقفهم تصب في مصلحة دول تحالف العدوان السعودي الأمريكي التي تسعى إلى استعمار اليمن.
وعندما نرى ونسمع العملاء ومرتزقة العدوان في اليمن وهم يتغنون باسم الجمهورية والوطنية والحرية والاستقلال في المناسبات الوطنية ومنها عيد الاستقلال الـ 30 من نوفمبر، ونحن نعرف أن كل أعمالهم ومواقفهم تصب في مصلحة دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي الذي يعتدي على اليمن واليمنيين ويسعى إلى استعمار اليمن أرضاً وإنساناً، فهذه مغالطة وكذب على الناس وتزييف للحقائق، لأن الاستقلال لا يأتي عن طريق الغزاة المستعمرين ولا عن طريق المرتزقة العملاء ، الاستقلال يصنعه الرجال الأوفياء لشعوبهم وأوطانهم، كما هو الحال بالنسبة للجيش واللجان الشعبية الذين يصنعون الحرية والاستقلال لليمن بدمائهم وتضحياتهم ومواقفهم المشرِّفة.