الشهيد القائد.. ملهِمُ الشهداء في التضحية والفداء
أفق نيوز – استطلاع – عباس القاعدي
يحتفي اليمنيون -قيادةً وشعباً- هذه الأيّامَ بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد، التي تُجَسِّدُ أسمى معاني الفداء والتضحية في سبيل الله؛ دفاعاً عن الوطن، وتحملُ في طياتها الوفاءَ للشهداء الذين بدمائهم الزكيةِ تحقّقت للشعب اليمني العزةَ والكرامة والاستقرار، فمن فيضِ عطائهم وعَبَقِ أرواحهم الطاهرة نتنفَّسُ نَفَسَ الحرية ونعيشُ حياةَ الكرامة.
وخلال سنوات العدوان الأمريكي السعوديّ على بلادنا وما سبقها من مواجهات بين الحق والباطل، برز رجالٌ أبطالٌ، سطّروا أروعَ المواقف والملاحم البطولية، منطلقين في ذلك من ثقافة راسخةٍ أسَّسها قائدُ المسيرة القرآنية السيد حسين بدر الدين الحوثي –رضوان الله عليه- والتي كانت وفقاً للمنهج القرآني السليم.
ويقول رئيسُ جامعة البيضاء، الدكتور أحمد العرامة: إن الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- يعني للأُمَّـة الإسلامية بشكل عام والشعب اليمني خَاصَّةً أهميّةً كبيرةً ونهضةً وطنيةً وإسلامية، خُصُوصاً بعد سبع سنوات من العدوان. مؤكّـداً أن الشهيدَ القائد برز بمشروعه القرآني التوعوي والعملي الرامي لبناء أُمَّـة جديرة بمواجهة أعدائها والاعتماد على نفسها في شتّى المجالات، في مرحلة كانت الأُمَّــة في حالة من التيه الكبير، وبعيدةً كُـلَّ البُعد عن الثقافة القرآنية ومقيّدةً بأنظمة تخدُمُ المشروعَ الأمريكي المهيمن على معظم دول العالم وعلى وجه الخصوص الدول العربية وأبرزها اليمن التي كانت سياسةُ نظامها إبّان حكمِ الخائن علي عفاش تنسجمُ بشكل كبير مع التوجُّـهات الأمريكية، وتحت وَصايتها وتخدم مشروعَها، حتى وصل الحالُ إلى أن تتلقى الأوامرُ والتوجيهات من الإدارة الأمريكية بما يخدُمُ مصالحَ ومشروعَ الأخيرة ويضرُّ بهُــوِيَّة وثقافة الشعب اليمني وباقتصاد بلده وإضعافه عسكريًّا والتحكم بجيشه.
ويؤكّـد الدكتورُ عرامة، أن الشهيدَ القائد حسين بدر الدين الحوثي، كان يرى أن الأُمَّــة في ذلك الحين قد وصلت إلى مرحلة من الانحطاط الكبير، وأصبحت بشكل كامل تحتَ سيطرة أعدائها بالعكس المُراد لها، باستثناء حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، ما دفعه إلى التحَرّك لانتشالها من وضعيتها تلك بدءًا من منطقة مرّان بصعدة مقر إقامته في أواخر القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين وعمل بالدرجة الأولى إلى دعوة الأُمَّــة إلى القرآن الكريم وتعزيز الثقة بالله من خلال القرآن الكريم.
وعن المشروع القرآني، يوضح رئيس جامعة البيضاء العرامة أن الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رسم المشروع القرآني بمسارات واضحة ومحدّدة للنهضة بالأمة ووضع أُسُساً تقوم عليها تلك النهضةُ على المستويات الاقتصادية والسياسية والإعلامية والاجتماعية، ولهذا أصبح الشهيدُ القائد يعني لنا النهضةَ والقوة والحرية في ظل العدوان الأمريكي السعوديّ والحصار المُستمرّ على الشعب، حَيثُ أعاد لنا حُبَّ الجهاد لتحرير الوطن وحب الزراعة لكسر الحصار، لافتاً إلى أن المشروعَ القرآني واسعُ الأُفُقِ وعالميُّ النظرة، فهو يحمل رؤيةً ثقافية وتربوية، وسياسية، وإعلامية واقتصادية واجتماعية، وأمنية وعسكرية بخلفية ومنطلقات الرؤية والثقافة والمنهجيّة القرآنية.
وحول طريقة ومنهجِ هذا المشروع بوصفه مشروعاً ثقافيًّا فكرياً حضارياً، يؤكّـد العرامة أن هذا المشروعَ استطاع أن يقدّمَ قراءةً شاملةً للخطاب القرآني ليعيدَ تقديمه في الواقع كمنهجٍ للحياة ينهضُ بالأمة ويعيدُ بناءَها ويحصِّنُها ضد الأخطار المحدقة بها ويستعيد رؤيتها لذاتها وللآخر وَيستنهضُها لمسئولياتها ليس في مواجهة عدوها وحسب، بل ولدورها الحضاري الحقيقي والمُغيَّب في هذه الحياة، مبينًا أن المشروع القرآني جاء في مرحلة من أخطر المراحل في حلقات مسلسل المؤامرات الأمريكية الإسرائيلية للسيطرة الشاملة على المنطقة وفق خطوات منظمة ومدروسة وكانت المرحلة التي هي من أخطر المراحل ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، إذ توجّـهت أمريكا بكل ثقلها وقدراتها وإمْكَاناتها على نحوٍ غير مسبوق وتحَرّكت في كُـلّ الاتّجاهات لاحتلال المنطقة العربية تحت هذا الغطاء.
كل ذلك جعل الشهيدَ القائدَ يسارع في تقديم المشروع القرآني للأُمَّـة، حَيثُ كانت المرحلة تقتضي وجودَ مثل هذا الدور، فالمشروع كان نتيجةَ استشعار المسؤولية والانتماء للإسلام الذي لا يسمحُ بالسكوت تجاه الخطر الكبير والشر المحدق بالأمة.
حريةٌ واستقلال
وحول الشهداء يقول وكيل وزارة المغتربين وعميد عمادة البيئة وخدمة المجتمع بجامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية، الدكتور إبراهيم محمد الحمدي، في تصريح خاص للمسيرة: إن الشهداء فخر لنا بكل ما تعنيه الكلمة؛ لأَنَّهم جسدوا انتماءهم الإنساني والإسلامي والوطني، فهم عظماؤنا الذين تركوا الدنيا بما فيها، وٍقدموا أرواحهم ليحيا الشعب اليمني في عزة وكرامة واسترخصوا دماؤهم؛ دفاعاً عن الوطن ورفضاً لمشاريع الوَصاية والعُبُودية.
ويضيف: “ولنا في سيد الشهداء الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي خيرُ دليل على عظمة هؤلاء الشهداء، فقد جسّد بمشروعه مشروعَ عطاء مشروع عزة وكرامة مشروع يرفُضُ الذُّلَّ والهوان والاستكانة لقوى الجبروت، ويكفينا من هذا المشروع أنه فضح كُـلَّ المشاريع الهدامة وما تحمله من تدمير للشعوب العربية والإسلامية، ليأتي لنا بمشروع نور وهداية وبصيرة، فله منا كُـلّ الإجلال والإعزاز والتعظيم ولكل شهدائنا العظماء الذي يجب علينا مبادلتُهم الوفاءَ بالوفاء والتضحية بالتضحية والسير على نهجهم، ولهذا وبعد سبع سنوات من العدوان، أصبح الشهيدُ القائدُ للشعب اليمني يعني الحرية والاستقلال.
ومع كُـلِّ ذكرى سنوية للشهيد يشدّد الدكتور الحمدي، على أن نتذكَّرَ هؤلاءِ الرجالَ العظماءَ وعطاءَهم وأن نبادلَهم الوفاءَ بالوفاء، من خلال الاهتمام بأسرهم وذويهم وتلمس احتياجاتهم؛ تقديراً لتضحياتهم العظيمة التي توَّجَها اللهُ بالنصر والصمود، فموقف هذه الأسر مشرف ومحط فخر واعتزاز، فمواقفُ أسر الشهداء وما هي عليه من العظمة والثبات والشموخِ، الممزوجةُ بزغاريد أُمهات الشهداء التي تجعلُ جسدَ الإنسان يقشعرُ لها إجلالاً وتعظيماً؛ لأَنَّ تلك الزغاريد قد لخّصت لنا أشياءَ كثيرةً عن مكانة الشهيد وعظمة ما قام به.
رَجُلُ المرحلة
وفيما يخُصُّ الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- يقول الدكتور أنيس الأصبحي: عندما نتحدث عن الشهيد القائد فَـإنَّنا قبل ذلك يجب أن ندركَ أننا نتحدَّثُ عن شخصية قرآنية متميزة وفريدة في عصرنا، مؤكّـداً أن الشهيدَ القائد كان رجلَ المرحلة، حَيثُ نطق في زمن الصمت والخنوع، ووقف في زمن الانبطاح، تحدث للأُمَّـة من منطلق الرحمة وحمل المسئولية التي ينبغي أن تحملَها الأُمَّــة.
وبحسب الدكتور الأصبحي، فمنذ أحداث 11 سبتمبر دخل العالم مرحلةً جديدةً من الاستعمار والهيمنة الأمريكية الصهيونية، حَيثُ جعلت أمريكا من أكذوبة 11 سبتمبر خديعةً كبرى وشرعنت من خلالها التدخُّلَ في شئون العالم تحت ما يسمى مكافحة الإرهاب الذي صنعته هي لتجعلَ منه ذريعةً للهيمنة المباشرة في كُـلّ المجالات سواءً الاقتصادية والثقافية والسياسية والأمنية والعسكرية، وأرغمت العالَمَ على منحها شرعيةَ مكافحة الإرهاب، وكان في مقدمة المسارعين لمنح أمريكا هذه الشرعيةَ هم قادة وحكام العرب لتتزعمَ أمريكا بذلك حملةً عسكريةً كبرى ضد أفغانستان والعراق جعلت منها حدثاً مهولاً لزرعِ الهزيمةِ واليأس والهزيمة النفسية في قلوب الحكام الذين يعكسون هزيمتَهم على شعوبهم لإسكاتها من تبنِّي أي صوت يناهِضُ السياسةَ الأمريكية والصهيونية تحت مسمى الحفاظ على أمنهم.
وفي ظل كُـلّ هذه المتغيرات الخطيرة التي تصب في مصلحة الصهيونية العالمية، وأذنابها، يقول الأصبحي: شاء الله سبحانه وتعالى أن يهيئ للأُمَّـة الإسلامية قائداً محمدياً، يعيد إليها هيبتَها ويحيي أصالتَها وقيمها ومبادئها السمحاء، ويحبط ويعري مخطّطات الأعداء، ويكشف خبث وكيد الصهاينة وعملائهم الذين زرعتهم الدول الاستعمارية ليشرعنوا مخطّطات لتدمير هُــوِيَّة الأُمَّــة الإسلامية وتشويه الإسلام وبلقنة العالم العربي والإسلامي وتجزئته لصالح مشروع الكيان الصهيوني المزيف، فكان السيد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- هو أولَ المحذِّرين من خطورة المرحلة التي وصل إليها الأعداء من استهداف الدين والمنطقة العربية والقضية الفلسطينية والمؤامرة على اليمن الجيوستراتيجية والاقتصادية، فعمل بكل قوة على توعية الناس وإرشادهم، لكن الأعداء عرفوا خطورته على مشروعهم التدميري، فشنوا عليه الحرب التي أَدَّت إلى استشهاده.
لكنهم لم يحسبوا حساباً لمكر الله سبحانه وتعالى الذي هيأ قائدًا جديدًا للمرحلة وشبلاً حيدرياً جديراً بقيادة الأُمَّــة وإعادتها إلى مكانها الطبيعي بين أمم الأرض، فكان السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي واصل مشوار الشهيد القائد، وبذل المستحيل في سبيل حماية الدين وإحياء روحِه السمحاء، وإفشال مخطّطات الأعداء الذين يشنون اليومَ حرباً عدوانية على اليمن بقيادة للولايات المتحدة الأمريكية والدول الاستعمارية وكيانهم الصهيوني وعبر فواعلهم بالمنطقة الكيان السعوديّ والإماراتي.
وسيظل الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- نبراسَ الأُمَّــة وملهِمَ الشهداء بالتضحية والفداء والتصدي لكل المؤامرات والعدوان على اليمن -جغرافيةً وشعباً- وكل ما تحدث عنه مبكراً نشاهده الآن من خلال الحروب العدوانية الأمريكيــة الصهيونيةِ على اليمن والعالم العربي والإسلامي.