العدوان السعودي وحساباته الخاطئة
محمد علي عناش
تسعة أشهر من العدوان السعودي الهمجي واللاأخلاقي على اليمن واليمنيين، عدوان مسنود بكل بشاعات بني البشر التي وظفت دينياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً، فبدا العدوان منحطاً وهو يضفي عليه القداسة ويقذف بهذا الكم الهائل من الصواريخ والقنابل على رؤوس اليمنيين وبشكل هيستيري مجنون، دون أن يقدم أدنى سبب أو تفسير لهذا الجنون، غير أن السياسة الدولية بدت أكثر انحطاطاً بصمتها ونفاقها لجنون أسرة ليست حاملة لموروث حضاري إنساني، وإنما حاملة لموروث بيئة الصحراء من جلافة وبداوة ونفاق وسفه.. المال المدنس كان هوالطاغي والسائد في هذا العدوان المجنون، لكن بحسابات خاصة بكل أطراف العدوان وتحالفاته، فالسعودية اعتقدت أنها سوف تحسم المعركة بقدرتها المالية الهائلة أكثر من قدرتها العسكرية.. حساباتها كانت جداً خاطئة، فالمال وحده ليس عاملاً رئيسياً في حسم أي معركة، اقرأوا التاريخ جيداً لن تجدوا أن المال انتصر على القضية، صحيح أنه يدمر ويخلق الفوضى ويفسد الأخلاق، لكنه لن ينتصر في النهاية، غير أن البداوة الكامنة في وجدان ووعي هذه الأسرة المجنونة التي وجدت نفسها فجأة تقف على بحيرة من النفط، جعلتها تغفل الجوانب الأخلاقية والعقلية للانتصار.
ولذا فالمال السعودي الفاقد للرشد والأخلاق والقيمة، جعلها تبدو الى جانب الهزائم التي تتلقاها يومياً في ميادين المواجهة العسكرية، حقيرة وغبية، ويشار اليها بمختلف الأدلة والبراهين، أن السعودية هي الإرهاب، والإرهاب هو السعودية، فكراًودعماً ورعاية.. بالطبع أمريكا لايهمها ذلك بقدر ما يهمها وهي في الشهر الأخير من عام الكوارث 2015م سوى أن تحسب كم حققته خزينتها من أرباح من وراء هذا العدوان الهمجي وسعار الأسرة المجنونة في اليمن والمنطقة العربية، وتخطط لأن تكون نسبة التدفق المالي الى خزينتها أكبر في العام القادم..
السيسي الذي أصبح يجيد لغة السياسة المخاتلة لجنون أسرة آل سعود، ويستثمره بمهارة فائقة في الابتزاز والتجرد الأخلاقي كتاجر مرابٍ يفوق تاجر البندقية في رواية شكسبير التي حملت نفس الاسم، هو الآخر يفكر ويحسب من الآن كم من القنوات سوف يقوم بإغلاقها، وكم ستجني الخزينة المصرية من وراء تجارة كاتمة لصوت الحقيقة في سوق سعار وجنون الأسرة النجدية.. وكذلك البشيرالرئيس السوداني الفارمن وجه العدالة الدولية كمجرم حرب، يفكرمن الآن بإرسال دفعة جديدة من المرتزقة، لكنه أيضاً سيساوم الجنون في رفع سعر كل مرتزق..
وطبعاً الأسرة المسعورة والغبية، لايبدو أنها تفكر بوقف عدوانها المجنون المسنود أيضاً بغباء وتخلف وصبيانية، فعلى الرغم من أنها باتت تشعر بالمرارة وهي تجرد حسابات خسائرها،250مليون دولار يومياً، 2000 قتيل، 4850 جريحاً، أعطاب وتدمير450 دبابة، ومع ذلك تفضل المضي في نفس الدائرة والجنون، وتفكر في إبرام صفقات سلاح كبيرة باهظة الكلفة، وتخطط لإغلاق عشرات القنوات واستجلاب المزيد من المرتزقة، وتحرك خيوط الإرهاب في أكثر من منطقة، جنون ممل وقبيح يعكس حجم الإفلاس والبداوة في التفكير والسلوك، وكل ذلك سيتزامن مع صدور مراسيم ملكية تقضي بطرد قائمة من مرتزقتها في الرياض، براعة في الفرز القاسي للخونة واهانتهم..
الأسباب والدواعي الخاصة بالسعودية التي تجعلها تقوم بذلك كثيرة، أدناها أنها أصبحت تشعر بعبء هؤلاء عليها سياسياً وأخلاقياً خاصة وأن ميادين المواجهة في الداخل تتكلم بلغة أخرى فيها عزة وكبرياء وشموخ للإنسان اليمني وجيشه الباسل الذي لم يكن ينتظر من العسيري أن يشهد له بذلك، وإنما كان ينتظر منه أن يسأل نفسه لماذا هذا العدوان؟ ولماذا يستبسل اليمني وينتصر؟ حينها كان سيتعافى من جنونه وسعاره.
هكذا تبدو أسرة آل سعود أسرة مسعورة منذ مؤسسها الأول الملك سعود الذي دشن جنون وسعار هذه الاسرة برسالة حادة وجلفة الى الإمام المتوكل عبدالله افتتحها بـ “أسلم تسلم أو جئناك الى صنعاء” بالتأكيد الرسالة ليست رسالة دبلوماسية وانما تحمل في مضمونها إرهاباً فكرياً من النوع الداعشي المبكر، والذي لم يتوقف عند حدود الخطاب الارهابي المتطرف وانما انتقل الى الفعل، حيث لم تمضِ سوى بضعة أشهر على هذا الجنون الذي نلمح فيه الجذور الأولى لفكر داعش، حتى ارتكبت هذه الأسرة مذبحة بشعة في منطقة تنومة بحق أكثر من ثلاثة آلاف حاج يمني، قتلتهم وسلبتهم أموالهم وأمتعتهم ظلماً وعدواناً وجنوناً وهم في طريقهم الى بيت الله للحج.