أفق نيوز
الخبر بلا حدود

العدو كان يسعى لنقل نموذج الاختلال الحاصل في المحافظات المحتلة وإعادة الوضع إلى ما قبل 2014

183

أفق نيوز – تقرير – عبدالجليل الموشكي
مع اشتداد وطأة الحصار البري والبحري والجوي الذي تفرضه قوى العدوان على اليمن، وتفاقم كارثة الوضع الاقتصادي، وتزايد انهيارات المرتزقة في مختلف الجبهات، يراهن العدو على تحقيق اختراقات أمنية لضرب الداخل وإقلاق السكينة العامة، بغرض تحقيق تقدم في المواجهة، وتحويل مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ الوطني إلى محافظات ومدن متردية الأمن وواقعة في دوامة الفوضى والانفلات، بغية النيل من تماسك الوضع الأمني ليتسنى له تنفيذ مخططاته الإجرامية الأخرى التي يراهن عليها لكسر إرادة الشعب اليمني.

صحوة أمنية
إفشال الأجهزة الأمنية مؤخرا المخطط الإجرامي للاستخبارات السعودية، والذي كان يهدف للقيام بأعمال تخريبية تخل بالأمن العام، عبر خونة جرى تجنيدهم ضمن خلية إجرامية، عملت على تجهيز عدد من السيارات المفخخة وإرسالها إلى المحافظات الحرة لقتل الأبرياء وإقلاق سكينة المواطنين، وهي مؤامرة واحدة من بين مئات المؤامرات التي تحيكها قوى العدوان لزعزعة النسيج الأمني وإرعاب اليمنيين، إنجاز الأجهزة مثّل صفعة مدويّة لقوى العدوان.
ولأن المعركة التي تشنها قوى العدوان على اليمن شاملة، فإن إمعان هذه القوى في خنق اليمنيين بحصار سفن المشتقات النفطية والغذائية، وتصاعد وتيرة الضغوطات الإجرامية، كان القصد منه التهيئة لانفجار الوضع الداخلي نتيجة لسوء الأوضاع، وهو ما لم يحدث بفضل الله وصبر وثبات الشعب اليمني.
طوال سبع سنوات ظل العدو يبتكر أساليب الاستهداف، وكلما انكسر في الميدان العسكري، عمل بدأب على وتيرة الحصار والتصعيد الإجرامي، في الحين الذي تعمل خلاياه على حياكة المؤامرات لاستهداف العاصمة صنعاء والمحافظات كحال السيارات المفخخة التي تم ضبطها من قبل الأجهزة الأمنية، المؤامرة التي تم إحباطها، تكشف مستوى الحقد الذي تكنه هذه القوى الظلامية الناقمة على شعب لم يعد يملك من مقومات الحياة بشكل دائم سوى الأمن.

سنين التفخيخ
يعكس النموذج الذي وصلت إليه المحافظات الواقعة تحت الاحتلال، المشهد المرعب الذي طالما حرصت قوى العدوان على تكريسه في هذه المناطق، لتتوفر لها الأرضية المناسبة لتحقيق أطماعها، وخلال سنوات العدوان حاولت نقل النموذج للمناطق الحرة بيد أنها لم تستطع.
وخلال سبع سنوات من العدوان حرّك العدو عملاءه وخلاياه الإجرامية لتنفيذ أكثر من ٣٠٠ مخطط تخريبي إرهابي في عدد من المحافظات، وكلها كشفتها الأجهزة الأمنية وأحبطتها، ليصل عدد العناصر التابعة للعدوان التي ضبطت إلى قرابة ١٠ آلاف من بينهم عناصر تابعة لما يسمى بـ «القاعدة» و «داعش»، وعناصر رصد واغتيالات وزرع عبوات ناسفة، والعمليات الأمنية تشهد بذلك، أبرزها عملية «فأحبط أعمالهم» النوعية، كما تؤكده إحصائيات وزارة الداخلية.
في سياق التفخيخ والعبوات الناسفة، وبحسب إحصائيات وزارة الداخلية تمكنت الأجهزة الأمنية خلال سنوات العدوان من ضبط وتفكيك قرابة ٢٠٠٠ عبوة ناسفة كانت زرعتها عناصر إجرامية تابعة لقوى العدوان، ضمن مخطط استهداف حياة المواطنين، ونحن في سياق الحديث عن تفاصيل وأبعاد وتداعيات إحباط مخطط إجرامي بالسيارات المفخخة، جرى التخطيط له من قبل رؤوس الشر وتنفيذه من قبل أذيالهم وبعض المأجورين الذين وقعوا في شراك الأجهزة الأمنية.

الخلية الفاشلة
نعود هنا للحديث عن الخلية التابعة لاستخبارات العدو السعودي، التي جنّدها لتنفيذ مخطط السيارات المفخخة لضرب العاصمة صنعاء والمحافظات لولا وقوعها في قبضة رجال الأمن بعد جهود مضنية تكللت بالنجاح اللافت، الذي نحن في صدد تفسير دلالاته وأبعاده.
من خلال الرصد والتتبع لأنشطة الخلية التخريبية، تفيد المعلومات بترؤس الخلية من قبل الخائن ناجي علي سعيد منيف قائد ما يسمى بالشرطة العسكرية التابعة لمرتزقة العدوان في مارب، ومعه الخائن عدنان أحمد محمد الضيائي، وهو ضابط في ما يسمى بقوات الأمن الخاصة التابعة للمرتزقة بمارب وعضو أساسي ومخطط في الخلية، وهما بلا شك على ارتباط بقيادة جهاز الاستخبارات السعودي الراعي للمؤامرة.
عمليات الرصد والتتبع وفقا لتصريحات الأجهزة الأمنية كشفت أيضاً عن ضلوع الخائن مانع محمد يحيى سليمان رئيس ما يسمى بشعبة الحرب النفسية في المنطقة العسكرية الثالثة للخونة وهو عضو أساسي في الخلية مخطط ومنفذ، ولنا إشارة لاحقة إلى ردة فعل مفضوحة قام بها لهدفٍ إجرامي سنذكره في السياق، وأضف إليه الخائن أحمد محمد علي الصغير السعيدي، وهو تاجر سيارات عضو أساسي في الخلية مخطط ومنفّذ، بحسب تصريحات الجانب الأمني.
ذلك بالنسبة للأعضاء الأساسيين في الخلية، أما عن المنفذّين فهم الخائن سلطان محمد علي محمد الواقدي الذي اضطلع بدور تجهيز واستلام السيارات المفخخة وتوزيعها على بقية أفراد الخلية في أمانة العاصمة وبقية المحافظات، حيث تم وعده بحل مشكلته على قطعة أرض، بحسب ما جاء في اعترافاته التي بثها الإعلام الأمني.
بعد الواقدي يأتي الخائن صدام راجح علي الحاج الجائفي، وهو سائق القاطرة وناقل السيارات المفخخة، وصهره الخائن عزالدين نبيل محمد السميني ناقل إحدى السيارات المفخخة من محافظة الجوف، والخائن يوسف محمد علي الصغير السعيدي الذي عمل على إيجاد شخص في صنعاء لاستلام السيارات المفخخة، وهو الخائن أسامة كمال محمد علي الذماري، والمعلومات هذه بحسب التحقيقات واعترافات المتهمين أنفسهم.

العاصمة والمحافظات
المتهم الواقدي سافر من مارب باتجاه صنعاء بأربعة جوالات مخصصة لثلاث سيارات وغسّالة، على أن يتم التوزيع على العاصمة صنعاء وذمار وعمران، حيث سيلتقي بالمجرمين المخصصين ويوضح لهم أماكن القوالب وطريقة تشريكها وشبكها بالجوالات، بيد أن ذلك لم يحدث.
في الصدد بثت الأجهزة الأمنية لدى إعلانها إحباط المخطط مشاهد مصورة للسيارات المفخخة أثناء تفكيك القوالب المتفجرة منها وهي مثبتة في أجزاء مختلفة على السيارات، في حرص من رؤوس الخلية على عدم اكتشاف القوالب المتفجرة، وللعلم فإن تركيب القوالب المتفجرة جرى بمتابعة مباشرة من رأس الخلية في مارب، وخلال الاعترافات تبين أن الخلية تستخدم سيارات متعددة بغرض التمويه لنفس الغرض التخريبي الذي تعمل من أجله.
الاستفادة من سائقي وسائل نقل ثقيل كغطاء لنقل السيارات المفخخة المعدة للتفجير، والرفع من سعر تكلفة النقل، واستخدامها عناصر تعمل في التجارة كغطاء لاستلام السيارات المفخخة بعد وصولها إلى الأماكن المطلوبة للتنفيذ، وكذلك استخدام العنصر النسائي أثناء عملية تهريب السيارات المفخخة من نقاط التفتيش، واستغلال ظروف الناس وحل بعض إشكالياتهم لإقحامهم في أعمال إجرامية تمس بأمن الدولة، هي الحيل التي قامت الاستخبارات السعودية بإعداد الخطة الإجرامية بمساعدة أدواتها من الخونة المنافقين بناءً عليها، طبقاً لما جاء في إجراءات جمع الاستدلالات واعترافات عناصر الخلية، التي بثها الإعلام الأمني.

تكتيك استخباري
إن من أبرز ما يأتي بالإنجازات الأمنية إلى جانب العون والتأييد الإلهي وتفاني رجل الأمن، هو الحس الاستباقي الذي تتمتع به الأجهزة الأمنية والاستخبارية اليمنية، وهو ما ظهر جلياً في معظم العمليات الأمنية، وتحديداً في هذه الأخيرة التي جرى فيها التحرك والمتابعة منذ ما بعد انطلاق المؤامرة، حيث أن العدو لم يستطع أن يحفظ سر المؤامرة ولو لأسابيع، ما جعل مرتزقته المنفذين لها في إطار الرصد والمتابعة.
هنا أشارت الأجهزة الأمنية لدى إعلانها إحباط المؤامرة، إلى أنها في إطار المتابعة لأنشطة العدو، كانت رصدت معلومات تفيد قيام الاستخبارات السعودية بتجنيد عناصر من الخونة المنافقين المتواجدين في مارب لتجهيز ثلاث سيارات مفخخة وهي (سيارة فورنر”صرف” –سيارة كيا نوع لوتس–سيارة نوع تريوس)، وذلك بقصد استهداف أماكن حيوية في أمانة العاصمة وبعض المحافظات الحرة، واتضح جانب الرصد في المشاهد التي بثها الإعلام لمتابعة نقل السيارات من الجوف إلى صنعاء.
في هذه الزاوية بالتحديد وبحسب المعطيات المتوفرة، تتضح القدرة الاستخبارية العالية للأجهزة الأمنية حيث استطاعت متابعة أنشطة العدو منذ انطلاقة المؤامرة، وحققت اختراقاً نوعياً بمعرفة تفاصيل السيارات وأنواعها وعددها، ما أدى إلى انكشاف جانب كبير من المخطط، وهو أيضا ما سهّل المتابعة والرصد المستمر، وهنا ما يكشف عمق القدرة الاستخباراتية وذراعها الطولى التي وصلت إلى دائرة مؤامرات ضيقة تابعة للعدو.

حس استباقي
نشر وتوزيع فرق التحري والرقابة والفرق الهندسية وفرق المهام النوعية في محيط الأماكن المستهدفة، ورفع حالة الجهوزية والحس الأمني وإعادة التموضع والانتشار واستحداث نقاط تفتيش، والتعميم على أنواع السيارات المفخخة في النقاط الأمنية والتشديد في المنافذ البرية، كل هذه كانت إجراءات أمنية قامت بها الجهات المختصة في وزارة الداخلية وجهاز الأمن والمخابرات لمواجهة المؤامرة التخريبية، بحسب تصريحات الأجهزة الأمنية.
في سياق الإجراءات الاستباقية والقانونية استصدرت الأجهزة الأمنية إذناً بالقبض والتفتيش من النيابة العامة وفقاً للقانون لمن تورط في هذه المؤامرة، وفي هذا ما يدلل على حرص واهتمام الأجهزة الأمنية والقضائية على تتبع المؤامرة لإحباطها دون التأخر الذي قد يتسبب به في التعامل مع قضية أمنية بهذا الحجم، حرصاً على حياة المواطنين، وإعطاءً للقضية حقها من الاهتمام لتسهيل عمل رجال الأمن.
الإجراءات الوقائية العالية والرصد والمتابعة الفائقة هي من أبرز ما قامت به الأجهزة الأمنية بعزم وصبر منذ البداية حتى ضبط المجرمين، ورغم اتساع مسرح المؤامرة، إلا أن أدوات ومنفذي الجريمة لم يغيبوا عن ناظر الأجهزة الأمنية رغم تعقيد المخطط وتشعبه.
لدى فشل كل مخطط تخريبي للعدو، ومع بدء تصاعد الأنباء حول الكشف عن عملية نوعية للأجهزة الأمنية في صنعاء، كان لا بد من ردود فعل انتقامية وهو ما يحدث باستمرار ، ويبوء دائماً بالفشل الذريع، كما يفشل العدو وأذنابه في مختلف المجالات.
في هذا السياق كان أحد أضلاع الخلية التخريبية التي جرى القبض عليها – وهو الخائن مانع سليمان – قد نشر منشوراً على صفحته في الفيس بوك رصدته “الثورة”، محرضاً على تدمير كاميرات المراقبة في الشوارع، وفي كلامه ما يشير إلى مخطط لتفجير عبوات ناسفة في العاصمة، وهو ما لم يحدث بفضل الله.
مع كل مؤامرة يحوكها العدو يتجلى التأييد الإلهي، ليكفي اليمنيين شر انفجار سيارات مفخخة، كان العدو ينوي من خلالها إعادة اليمنيين إلى ما قبل ٢٠١٤ في زمن الفوضى والانفلات، ويأتي التأييد الإلهي، كثمرة من ثمار جهود الرجال المخلصين، الذين لا يألون جهداً في حفظ السكينة وتثبيت دعائم الأمن.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com