تتداعى كل زواحف الصحراء إلى جحرها في الرياض، يعلو مزمار الشيطان بصورة شيخ وهابي بلحية تقطر زرنيخاً، فيما يهلل أصحاب ربطات العنق ممن يُسمون بالمعارضة رافعين أيديهم إلى صنمهم الأكبر القابع في قصر رملي، مؤدين صلاة الاستسقاء علّ السماء تهطل بالدولارات والريالات، لم تعد فلسطين بالنسبة للأنظمة الوهابية الإخوانية سوى أخت تستحق الوأد على الطريقة الجاهلية وذلك لكثرة ما تسببه لهم من صداع، ولم تعد أهم الدول كالعراق وسوريا سوى أشبه بقصعة من الأرز واللحم مغريةً للنهش!
بالتزامن مع إعلان تشكيل حلف مذهبي وهابي سلفي أخواني بقيادة الرياض،و صدور قرار أممي بشأن حل الأزمة السورية، وتقدم الجيش العربي السوري في الميدان لا سيما في ريف حلب، ومع قيام الجوارح الروسية بحصد أرواح مخلوقات العالم السفلي في عدد من المناطق، تناولت الصحف الخليجية وبعض الصحف العربية المذهبية المدعومة سعودياً خبر استشهاد عميد الأسرى سمير القنطار بالكثير من الشماتة، واستغلت الحادثة لترويج إدعاءات تُستخدم ضد كل من الدولة السورية والحليف الإيراني.
ليس العداء لمحور المقاومة وكل من انتمى إليه حديثاً، لم يبدء تاريخ العداء ذاك إبان حرب تموز 2006 بل قبل ذلك، فكما أن المقاومة خيار ونهج، كذلك الخيانة خيار ونهج، الشهيد سمير القنطار في أول اعتقال له لم يكن من قبل الكيان الصهيوني، بل من قبل النظام الأردني السابق ، حيث اعتُقل في العام 1978 على يد جهاز المخابرات الأردني عندما حاول تجاوز الحدود الأردنية مع الكيان الصهيوني في مرج بيسان مع عضوين آخرين في جبهة التحرير الفلسطينية وفي نيتهم اختطاف حافلة إسرائيلية على الطريق الواصلة بين بيسان وطبريا ومطالبة إطلاق سراح سجناء لبنانيين مقابل المسافرين. وقضى القنطار 11 شهرا في السجن الأردني!بالعودة لتعاطي الإعلام الخليجي مع حادثة اغتيال القنطار، سنجد الصحف السعودية بالدرجة الأولى تورد مصطلح “مقتل” بدل “استشهاد” علماً بأن القتيل وبغض النظر عن موقفه السياسي مما يجري في سوريا، قد قُتل بنيران العدو الإسرائيلي، وهي إشارة للفكر الوهابي الذي باتت الرياض تريد فرضه على دول المنطقة والمسلمين، لا سيما منذ الحديث عن استبدال عبارة الصراع العربي ـ الإسرائيلي بعبارة الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي!
الإعلام الوهابي الخليجي ذهب في شماتته إلى أبعد حد، عندما زعم بأن الشهيد القنطار دعم وأيد “القتلة”! في إشارة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمقاومة اللبنانية والدولة السورية! على مايبدو فإنها إحدى فتاوى الدين الوهابي الذي يبرع في قلب الحقائق والموازين وإيجاد فتاوى خادشة للحياء والعقول وعابرة للمنطق والمعقول.
صحيفة المدينة السعودية بعددها الصادر يوم الاثنين زعمت بأن الشهيد “سمير القنطار” قد انحاز للقتلة في إشارة إلى تأييده للقيادة السورية والمقاومة اللبنانية، فيما انبرت الصحف السعودية الأخرى لاستغلال الحادثة من أجل تمرير مزاعم تقول بأن حادثة الاغتيال تشكل إحراجاً لكل من إيران وسوريا بسبب وجود تنسيق بين روسيا والكيان الصهيوني، إذ كيف حلق الطيران الإسرائيلي ونفذ العملية دون معرفة الروس؟!
أولاً إن عملية الاغتيال وقعت من خلال تحليق طائرات للعدو الإسرائيلي فوق بحرية طبرية المحتلة وقيامها باستهداف مكان تواجد القنطار بصواريخ ذكية، وهي على الأغلب مرتبطة بأجهزة تعقب في المكان الذي تواجد به الشهيد، مما يثير تساؤلاً حول انتشار عملاء الكيان الصهيوني داخل سوريا، كما أن التنسيق الذي تحدثت عنه الصحف الخليجية بين روسيا وإسرائيل، مقتصر فقط على عدم تحليق الطيران الإسرائيلي في الأجواء السورية منعاً لأي إحراج ومنعاً لأي تطور سلبي للأحداث، وليس هناك تنسيق مشترك للعمليات التي تقوم بها روسيا مع تل أبيب كما أرادت أن توهم الصحف الوهابية قراءها، وهي عادة وهابية متأصلة في التلبيس والتدليس على الناس.
الطيران الإسرائيلي لم يدخل الأجواء السورية أساساً بل بقي فوق الأراضي المحتلة واستهدف بصواريخه القنطار، وللتنويه فإن الهدف لا يبعد سوى 70كم كخط نظر فتأملوا.
وفيما يتعلق بردود فعل المعارضين ومؤيديهم فقد تفاعل هؤلاء على مواقع التواصل الاجتماعي مع الخبر، المدعو ” فيصل القاسم ” زعم بأن الشهيد القنطار أصغر من أن تستهدفه إسرائيل بغارة تكلف مئات آلاف الدولارات؟! مدّعياً أن القاتل هو الدولة السورية!! منشورات مؤيدي ما تُسمى بالمعارضة من السوريين كانت مليئة بالشماتة أيضاً، وكثير منها تمنى لو أن حادثة الاغتيال كانت تستهدف سماحة السيد حسن نصر أمين عام حزب الله!
اغتيال القنطار سيستتبع رداً من المقاومة اللبنانية، هذا الرد سيكون بالتنسيق مع كل من طهران ودمشق، وهذا ما أغفلت الصحف الوهابية الحديث عنه، وللمفارقة فإن ذات الصحف التي شمتت باستشهاد القنطار، اعترفت بأن الفرح عمّ الكيان الصهيوني وأروقة القرار فيه إثر تأكيد الخبر.