هل هي حرب أمريكية بيولوجية ضد اليمنيين؟! .. عام جفاف آخر في اليمن
أفق نيوز../ تقرير – خالد العراسي
تعددت وتنوعت أساليب أعراب تحالف العدوان في حربهم الإجرامية ضد اليمن، من استخدام آلات الدمار والقتل العسكرية بتلاوينها، إلى استخدام الأوبئة والأمراض والآلام ونشرها في أوساط اليمنيين، أملاً بتحقيق ما عجزت عنه تحقيقه ترسانتهم الحربية وماكيناتهم الإعلامية ومناوراتهم السياسية وألاعيبهم الدبلوماسية، ولسان حالهم يقول: أيها اليمنيون، من لم يمت منكم قصفاً، سيموت جوعاً ومرضاً، في جريمة هي الأكثر بشاعة وقذارة في تاريخ البشرية.
سبع سنوات من العدوان الآثم على اليمن، لم يوفر المعتدون شيئاً إلا ودمروه، ولم يرعوا حرمة لشيء. سبع سنوات من الجمر تحول فيها الشعب اليمني الأعزل إلى حقل تجارب لآخر منتجات العالم العسكرية، بما فيها الأسلحة المحرمة دولياً، من بيولوجية وميكروبية وجرثومية وفيروسية… سبع سنوات من إغراق اليمن بمختلف أنواع الأوبئة والأمراض المنقرضة والمندثرة والمتخلقة من رحم التكنولوجيا الغربية. سبع سنوات من حفلة الزار الكاوبوية، المتلذذة بتعذيب وقتل وإبادة اليمنيين الرافضين للذل والخنوع والتبعية والوصاية، وارتكاب كل المحرمات فيهم، بشهادة قائمة طويلة من المنظمات ومراكز الأبحاث الدولية وأحرار العالم، وبدعم ومساندة كاملة من أولياء نعمة الأعراب الأجلاف في البيت الأسود والكيان الصهيوني.
قبل خمسة أعوام، وتحديدا في بداية صيف عام 2017، كنا نشاهد طائرات العدوان تنشر دخاناً أبيض كثيفاً في سماء اليمن، وكنا نعتقد أن ذلك استعراض جوي استفزازي ورسالة سخرية لعجزنا في الدفاع الجوي آنذاك؛ إلا أن الموضوع كان أخطر من ذلك بكثير، حيث كانت طائرات العدوان ترش غاز “الكيمتريل”، الذي يتسبب في ارتفاع درجة الحرارة والتصحر والجفاف وتفريق السحب لمنع هطول الأمطار، وهو أيضاً يستخدم في نشر الأوبئة والأمراض (حسب المكونات ونسبتها)، وقد استخدم هذا الغاز في اليمن للغرضين معاً؛ تارة لتفرقة سحب وما يسببه ذلك من حر شديد وتصحر وجفاف وتوقف هطول الأمطار، وتارة لنشر الأوبئة والأمراض.
هذا الغاز كانت تستخدمه السعودية لتفرقة السحب في سماء جدة لوقف هطول الأمطار التي كانت تغرق مدينة جدة وتتسبب بكوارث، نظراً لعدم وجود قنوات لتصريف مياه الأمطار، كما استخدمته أمريكا في حروبها أكثر من مرة لنشر الأوبئة والأمراض لإبادة الشعوب المستهدفة، وهذا ما يفسر ظهور أوبئة في اليمن انتهت في العالم كله منذ عقود، مثل الكوليرا وإنفلونزا الخنازير وحمى الضنك والدفتيريا… إلخ.
وفي إطار الحرب الاقتصادية وسياسة التجويع، تعمد العدوان في عدة مواسم سابقة، وفي هذا الموسم بالذات، التسبب بالجفاف والتصحر في اليمن بشكل لم يسبق له مثيل، ولهذا لم نرَ جفاف كثير من البحيرات والسدود منذ عقود إلا هذا العام، مثل شلال بني مطر. وأيضاً الحر شديد جداً رغم أننا في بداية فصل الصيف ولم نصل إلى ذروته، فتفرقة السحب تجعل أشعة الشمس أقوى وبشكل مباشر، كما أنها تزيل كل الغيوم المتجمعة، وبالتالي تذهب السحب الممطرة إلى أماكن أخرى.
نعم، كل شيء بيد الله تعالى؛ لكن هناك علم وتكنولوحيا بإمكانها التدخل في بعض الظواهر الطبيعية، ولا يمكن للتكنولوحيا والعلم مهما بلغ أن يتدخل في قدرات الخالق عز وجل، فمثلاً كل العلوم والتكنولوجيا عاجزة على خلق بعوضة، أما عن الظواهر الطبيعية فهناك ما يمكن للعلم فعله.
كما أن تقدمنا في الملف الزراعي أقلق تحالف العدوان وأسيادهم، رغم أنه تقدم جزئي ونسبي، إلا أن ذلك كان مقلقاً للعدو، فمن يتحكم بأمنك الغذائي يمتلك قرارك السياسي، وكنا قد خطونا خطوة في المضي نحو الاكتفاء الذاتي زراعياً، فخلال الموسم الماضي شهد كثير من المحافظات اليمنية نجاحاً لا بأس به في الملف الزراعي، ففي محافظة الجوف تم ولأول مرة إنتاج أجود أنواع القمح عالمياً، وتم الاحتفاظ بجميع المحصول لاستخدامه كبذور محسنة، وتهامة عادت لزراعة القمح بعد عقود من تركه، وفي ذمار كان لمؤسسة البذور والمعنيين صولات وجولات زراعية لا يستهان بها وجميع النتائج كانت جيدة، ربما في محافظتي إب وتعز فقط لم نلمس أي تقدم في الملف الزراعي، بل لاحظنا توسعا معماريا على حساب الأراضي الزراعية، وهما المحافظتان اللتان لم يشاهد سكانهما طائرات العدوان وهي ترش ذلك الدخان الأبيض (غاز الكيمتريل) في سمائهما، لأن العدو يعلم أن هناك من يقوم بالواجب بقصد أو بدون قصد وفي ظل تهاون حكومي.
وفيما يخص نشر الأوبئة والأمراض الفتاكة لم يكن (غاز الكيمتريل) هو الوسيلة الوحيدة لنشر الأوبئة والأمراض والتلوث البيئي فقد استخدم العدوان عدة طرق لهذا الغرض اللاإنساني واللاأخلاقي، ومنها مثلاً السلاح النيوتروني الذي تم من خلاله استهداف جبل عطان، وكذا السلاح النووي (نسبياً وجزئياً) الذي تم من خلاله استهداف جبل نقم.
كما استخدم العدوان العديد من الفيروسات والفطريات والميكروبات والغازات والسموم الضارة بالإنسان والنبات والحيوان في حربه القذرة باليمن، منها على سبيل المثال لا الحصر:
1ـ ساكيلوكوكن انتروتوكسين جي: ينتج عن البكتيريا العنقودية البرتقالية، وعوارضه تشبه تسمم الطعام، فتاكٌ إذا اقترن بجفاف الجسد.
2ـ بوتش لينل توكسين: سم عصبي ينتج عن بكتيريا (Clostridium botulinum) الحيوية، ويعد من الجراثيم الفتاكة الموجودة في الطعام المتسمم، ويتم إنتاج هذا السم مخبرياً، ويدخل الجسد عن طريق العين أو الرئتين أو الجهاز المعوي، ويقتل الإنسان بعد فترة تتراوح بين 3 – 8 أيام.
3 ـ غاز الكيمتريل: من الغازات السامة، يقوم الطيران الحربي المعادي بنشره في السحب أثناء طوافه في الأجواء، وينزل مع المطر، ويصل إلى المياه الجوفية، ويتسبب في تلوثها، ثم إصابة من يستخدمها بالكوليرا وغيرها من الأوبئة القاتلة، كما يمكن استخدام الغاز نفسه لتفرقة السحب كما سبق ذكره، وذلك يعتمد على نسبة المكونات.
وأورد الكاتب الغربي جوردان دوف، في تقرير مطول، العديد من الأدلة التي تؤكد استخدام التحالف سلاحا نوويا تكتيكيا مرة واحدة على الأقل (قنبلة جبل نقم)، واستنبط ذلك من خلال دراسة أشرطة الفيديو التي وثقت هذا الهجوم من قبل العالم الفيزيائي ومفتش الوكالة الدولية للطاقة الذرية جيف سميث. وقال دوف: “هذه ليست المرة الأولى التي يشن فيها التحالف العربي حرباً بيولوجية في اليمن، حيث سـبق أن استخدم غاز الكيمتريل في تفريق السحب، لإحداث الجفاف ونشر الأوبئة”.
وحتى الآن توفر العديد من الأدلة التي تثبت استخدام النظام السعودي أسلحة ممنوعة وأخرى غير تقليدية، مثل الفسفور الأبيض، والغازات السامة. وتحدثت مصادر يمنية عن مقتل قرابة 700 مواطن بانفجار قنابل سعودية أطلقت غازات مجهولة.
كما استخدم العدوان أسلحة تسببت بحروق غريبة، وانتهى المطاف بموت العديد من الحالات المصابة، بعد أن عجز الأطباء عن معالجتها، وفهم مسبباتها.
وكانت وزارة الصحة بصنعاء قد طلبت من الأمم المتحدة توفير الجهاز الإشعاعي الخاص بكشف الحالات المرضية التي تتسبب بها الأسلحة “النيوترونية”؛ لكن المنظمة الدولية رفضت ذلك.
4ـ قنابل النابالم والقنابل العنقودية والنووية التكتيكية (النيوترونية) التي استخدمت في اليمن، وكلها تحتوي على مادة اليورانيوم المنضب، التي تصدر عنها إشعاعات نووية، تتسبب في حدوث العديد من حالات موت الأجنة والتشوهات الخلقية في المواليد، وهو ما يؤكده ارتفاع نسبة التشوهات الخلقية المسجلة رسمياً إلى 3 بالمائة خلال سنوات العدوان، جراء استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وهي من الجرائم المنسية والمغيبة عن الرأي العام العالمي، وتم تسجيل نحو 436 حالة وفقاً لتقرير صادر عن منظمة “ناجون” في منتصف 2017، وتصدرت محافظة الحديدة المرتبة الأولى بواقع 114 حالة، تليها محافظة صعدة، ثم العاصمة صنعاء والمحويت وحجة وعمران وصنعاء وتعز وإب.
وتقول المنظمات الدولية إن سبب ارتفاع أعداد الأجنة المشوهة يعود إلى القنابل والصواريخ والذخائر المحرمة المستخدمة في العدوان على اليمن، ومنها القنابل الفسفورية والعنقودية، وأكثرها بشاعة النيوترونية التي استهدفت فج عطان في 20 نيسان/ أبريل 2015، وما زالت آثارها ماثلة للعيان إلى يوم الناس هذا في التربة والهواء ومواليد سكان تلك المنطقة المنكوبة. كما استخدم العدوان أنواعا عديدة من الأسلحة والذخائر المحتوية على مادة اليورانيوم المنضّب، التي تصدر عنها إشعاعات نووية تسببت في حدوث العديد من حالات موت الأجِنّة، وهو ما وثقته بعض المنظمات الطبية غير الحكومية العاملة في اليمن.
لم يترك العدو شيئا يؤدي إلى تجويع وإبادة الشعب اليمني إلا واستخدمه، بل إنه استخدم ما لم يُستخدم سابقاً، وكان اليمن حقل تجارب لأسلحة استُخدمت لأول مرة. وكل هذا لأن اليمنيين أرادوا إلغاء الوصاية والخروج من تبعية السعودية وأسيادها (أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني وفرنسا وألمانيا…)، فثروات اليمن وموقعه الجغرافي الاستراتيجي كانت ولا تزال مطامع نهبوية واستحواذية لمحور الشر وتحالف القطب الواحد. وبقدر التكالب والأطماع كانت بشاعة الاعتداء ودرجة القبح والخبث، فكانت حرباً بيولوجية وإبادة جماعية لأكرم وأنقى شعوب الأرض، فقط لأنهم رفضوا الهيمنة والاستكبار وطالبوا بحرية واستقلال اليمن.
وفيما يخص الحرب البيولوجية والزراعية فإن هناك عدة إجراءات يجب اتخاذها، وهي على النحو الآتي:
1ـ فحص وقياس نسبة ونوع تلوث الهواء والتلوث البيئي.
2ـ إعداد ملفات قانونية متكاملة تثبت بشكل قانوني كل ما سبق ذكره وتدين تحالف العدوان بشأن جميع جرائم الحرب البيولوجية التي ارتكبها بحق الشعب اليمني.
3ـ سرعة تنفيذ مشاريع تجعلنا نستفيد من مياه الأمطار.
4ـ إنشاء منظمة مدنية مهمتها رصد جميع حالات وأشكال الحرب البيولوجية وكذا الاقتصادية منذ الوهلة الأولى للعدوان حتى يومنا هذا، ويتم تحديث المعلومات والبيانات أولاً فأول، وتكون جميع الملفات موثقة بشكلها الصحيح والقانوني.
5ـ إنشاء محطات مياه فوق بحيرة العرب في الجوف وتوثيق عمليات سرقة السعودية للمياه الجوفية هناك.
6ـ التخطيط لزراعة مليون هكتار من أراضي محافظة الجوف بالقمح المحسن وزراعة مليون هكتار من القمح في تهامة ومليون هكتار في كل من صعدة، حجة، ذمار، إب، تعز، وعمران (تلك أهداف، وهي تحتاج إلى خطة استراتيجية زراعية، وإن حققنا هذه الأهداف لن نصل إلى الاكتفاء الذاتي فقط، وإنما سندخل ضمن قائمة مصدري القمح. وأكبر مشكلة ستواجهنا لتحقيق هذه الأهداف هي احتياجنا لكميات كبيرة من الديزل بأسعار مخفضة جداً، لغرض تشغيل الحراثات لحراثة الأرض. أما عن الري بكل خطواته فالطاقة الشمسية كفيلة بإنجاز المهام وفق منظومة الري التقطيري الحديث).
7ـ تشكيل لجنة من الخبراء والاستشاريين لإعداد برنامج ودراسة متكاملة تشمل الأسباب والنتائج والتوصيات تقودنا إلى اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة في إطار فضح جرائم العدوان البيولوجية ولمعرفة الطرق التي تمكنا من رفع قضايا ضد دول تحالف العدوان وجميع المتورطين لمقاضاتهم ومحاكمتهم وتعريتهم وتحميلهم المسؤولية الكاملة، بالإضافة إلى تحملهم جميع التكاليف لمعالجة الآثار وكذا التعويضات وأيضاً المسؤولية الجنائية قانونياً.
8ـ التشديد والحرص على محاربة عمليات تهريب المبيدات الزراعية، فبشكل عام لا يدخل عبر التهريب إلا ما يكون غير مطابق للمواصفات والمقاييس، والموضوع ليس مجرد تهرب ضريبي وجمركي، وإنما خطر المبيدات المهربة أكثر من غيرها، لأنها غالباً، إلى جانب أنها غير مطابقة للمواصفات، تكون منتهية الصلاحية، والمبيدات المنتهية تتحول إلى نفايات كيميائية، وتسعى الدول التي لديها مبيدات منتهية للتخلص منها وتدفع مبالغ مالية نظير ذلك، بمعنى أن من يهرب مبيدات منتهية ويدخلها إلى أرض الوطن هو لم يشترها، بل حصل على أموال مقابل قيامه بمهمة التخلص منها، فتحول الوطن إلى مكب للنفايات وكل ما يفتك بالأرض والإنسان والشجر.
9ـ تفعيل هيئة المواصفات والمقاييس بالشكل المطلوب، بحيث لا يتم التصريح بإدخال أي بضائع ومستلزمات إلا وهي مطابقة للمواصفات.
10ـ توجيه القضاء بمحاكمة كل الخلايا المتواطئة مع العدوان، وكذا المهربين ومستوردي البضائع المغشوشة التي لا تتطابق مع المواصفات، بحيث يكونون عبرة لغيرهم، فمن أمن العقاب أساء الأدب وأساء التصرف.
ملاحظة:
كثير مما ورد هنا مأخوذ من تقرير للباحث زيد المحبشي بعنوان “القطاع الصحي في اليمن حقائق وأرقام صادمة”. أتمنى من القراء الإطلاع على التقرير المنشور في المواقع الإلكترونية. كما أرجو من الباحث الرائع زيد المحبشي تحديث التقرير نظراً لأهميته.