الهدنة الأممية في شهرها الأخير.. الحصار والتجويع مستمران بإستراتيجية ملتوية وتحضيرات لإعادة تصعيد الحرب
أفق نيوز../
ينقضي اليوم السبت الشهر الثالث من عمر الهدنة الأممية التي بدأ سريانها في الثاني من أبريل لمدة شهرين ثم جرى تمديدها بداية يونيو المنصرم لشهرين إضافيين، فيما يستمر تحالف العدوان الأمريكي السعودي رفض تنفيذ بنود الهدنة الأساسية المتمثلة في فتح مطار صنعاء ورفع الحصار عن موانئ الحديدة.
ويطلق تحالف العدوان على ألسنة الناطقين والمسؤولين الأمريكيين والأمراء السعوديين ومن مستويات متعددة تصريحات تؤكد التزامه بالهدنة، غير أن الوقائع على الأرض تناقض الإعلانات الأمريكية والسعودية، إذ ما تزال السفن المحملة بالنفط تتعرض للقرصنة والحجز من قبل بحرية العدوان، أما الرحلات الجوية إلى مطار صنعاء فهي شبه متوقفة ولم يستقبل المطار إلا عشر رحلات من إجمالي 36 رحلة محددة في بنود الهدنة.
ومع استمرار تحالف العدوان في الخروقات والتحشيد العسكري إلى الجبهات ، يكشف وضْع العراقيل المتعمَّد والمتواصل ، النوايا الحقيقية للإدارة الأمريكية التي تريد استمراراً للحرب بأدوات ناعمة، بعدما أرغمتها الحرب في أوكرانيا على مقاربة هيمنتها في الشرق الأوسط، بصورةٍ مختلفة.
إذ تواصل فرض الحصار بطرق ملتوية وبتعقيدات التفافية على بنود الهدنة الإنسانية والتلاعب بالقضايا الإنسانية الملحة ، إذ تراهن واشنطن- نيابةً عن نفسها وعن التحالف السعودي – الإماراتي- على تحقيق ما فشلت العمليات العسكرية في تحقيقه.
التفاف أمريكي سعودي بطرق ملتوية
¶اتبع تحالف العدوان أساليب ملتوية للالتفاف على الهدنة الإنسانية ومارس منذ اليوم الأول إجراءات تقوض أي انعكاسات إيجابية للهدنة على حياة اليمنيين المعيشية ، وعمل على تفريغ الهدنة من عناصرها الإنسانية ، وتفعيلها فقط بما ينسجم مع مصالح تحالف العدوان المقتصرة على وقف العمليات العسكرية مع إبقاء الحصار ومفاعيله قائمة باعتباره ورقة القوّة الرئيسة التي يستخدمها ضد الشعب اليمني.
تقوم الهدنة على عناصر عسكرية وإنسانية، وقد حددت بوضوح عدد سفن المشتقّات النفطية، وعدد الرحلات الجوية ووجهتها ، ومع ذلك يرفض تحالف العدوان تنفيذها ودون أدنى خجل ، فيستمر باحتجاز السفن ، ويقوم بتأجيل الرحلات ، ويعثر تنفيذها فضلاً عن التلاعب بأعصاب آلاف المرضى والركاب بعد الإعلانات المتكرّرة عن تأجيل الرحلات من القاهرة إلى صنعاء، بدعوى عدم حصول الشركة اليمنية على ترخيص من السلطات المصرية بهبوط طائراتها القادمة من صنعاء.
خروقات عسكرية متواصلة
¶مما لا شك فيه أنه لولا المخاطر التي برزت من خلال الضربات الصاروخية والجوية للقوات المسلحة التي نفذتها في مارس بداية العام وأشعلت خزانات أرامكو في جدة وغيرها ومع اندلاع الحرب في أوكرانيا لما حصلت الهدنة ، التي كانت خطوة ضرورية وملحة للإدارة الأمريكية والغرب بشكل عام حفاظا على استقرار أسعار الطاقة وضمان تدفقها.
ومن المؤكد أن تحالف العدوان الأمريكي السعودي الغربي لم يكن كما يدعي يراعي الوضع الإنساني في اليمن حين وافق على الهدنة ، بل لأن مصلحته اقتضت وقف العمليات العسكرية بما يؤمن منشآت النفط في السعودية.
وعلى رغم أن الهدنة تضمنت ثلاثة نقاط مهمة وأساسية منها وقف الحرب والضربات الجوية والصاروخية ، لكن الخروقات استمرت وتواصلت من جانب تحالف العدوان بما في ذلك التحليق والغارات وإلى اليوم هناك أكثر من 12 ألف خرق امني وعسكري.
وعلى خلاف ادعاءات تحالف العدوان والإدارة الأمريكية بأن الهدنة تهيئ لحل سياسي ، يواصل تحالف العدوان التحشيد والتجييش والحشد للقوات من المرتزقة في مختلف الجبهات ، ضمن ما يسميها ألوية اليمن السعيد ، بالتوازي مع استمرار التحليق اليومي لطائراته التجسسية والراصدة في العاصمة صنعاء والمحافظات.
حجز متواصل لسفن المشتقات النفطية بهدف رفع أسعار الوقود
¶لا تزال سفينتا الديزل محتجزة في موانئ جيزان من قبل بحرية العدوان ، وصرحت شركة النفط اليمنية أن تحالف العدوان قام باحتجاز السفينتين قبل أيام بعد حصولهما على التراخيص والتفتيش من قبل الأمم المتحدة.
تحدد الهدنة الإنسانية الأممية بندا واضحا وأساسيا يقضي برفع الحصار عن موانئ الحديدة والسماح لدخول 36 سفينة نفط خلال فترتي الهدنة ، غير أن تحالف العدوان عمل منذ اليوم الأول على الالتفاف على هذا البند لتقويض أي انعكاسات إنسانية لدخول الوقود ولإبقاء المعاناة مستمرة ، وقام باحتجاز وقرصنة كل السفن التي اتجهت نحو الميناء بهدف تصعيد تكاليف الاستيراد للنفط وبما يبقي أسعار الوقود مرتفعة.
اليوم ينقضي الشهر الثالث من عمر الهدنة فيما لم تصل ميناء الحديدة سوى18 سفينة وقود وهي محددة بستة وثلاثين سفينة ، علاوة على أن كل السفن التي اتجهت إلى ميناء الحديدة احتجزت من قبل تحالف العدوان ، وفي الوقت الراهن هناك سفينتا ديزل ما زالتا محتجزتين منذ أيام.
قضت السفن الثماني عشرة التي سمح تحالف العدوان بدخولها إلى موانئ الحديدة خلال فترة الهدنة التي تقضي بدخول 36 سفينة ، 158 يوما ، كلفت غرامات الحجز والقرصنة أكثر من ثلاثة ملايين و160 ألف دولار ، في كل يوم تأخير يدفع عن كل سفينة عشرين ألف دولار غرامات تأخير.
تشحن السفن النفطية من موانئ الامارات وتتجه إلى ميناء جيبوتي وتظل هناك لمدد تصل إلى عشرة أيام تنتظر التفتيش والتحقق من قبل مكتب الأمم المتحدة وهذا يضاعف الغرامات أيضا.
مؤخرا قامت السعودية بفرض عقوبات على تجار النفط ووضعتهم في لائحة العقوبات طبعا الذريعة أنهم يستوردون نفطا من إيران ، وهو كذب فكل النفط المستورد يشحن من الإمارات ولا تسمح دول التحالف بدخول قطرة بنزين واحدة إلا من نفطها المباع ، الهدف من هذا القرار هو تخويف التجار من الاستيراد وشحن سفن وقود حتى تتوقف حركة الاستيراد ويتذرع العدوان بأن دخول السفن تعذر لأن التجار لم يشحنوا وقودا بالتزامن مع منع شركة النفط من الاستيراد أيضا.
يتعمد تحالف العدوان مضاعفة الغرامات على المشتقات النفطية الواردة إلى اليمن ، وبطرق ملتوية يلتف على غايات الهدنة التي وافقت صنعاء عليها بهدف تخفيف معاناة اليمنيين والتخفيف من حدة الوضع الإنساني ، ويسعى تحالف العدوان إلى حرمان اليمنيين من أي انعكاسات إيجابية للهدنة على الحياة العامة وأن يبقي الأسعار مرتفعة.
هذه الإجراءات التي تناقض بنود الهدنة، ومع ارتفاع أسعار بورصة النفط بنسبة تصل إلى 95 في المائة ما بين 21 – 22، ضاعفت معاناة اليمنيين المضاعفة بالعدوان والحصار وبالارتفاع العالمي لأسعار النفط.
في فترات انخفاض أسعار النفط كان تحالف العدوان يحتجز سفن النفط والوقود بما يحملها غرامات تصل إلى قيمة الشحنة نفسها، واليوم ومع الهدنة المعلنة يسحب الاستراتيجية نفسها من خلال التأخير والاحتجاز لكل سفينة بما يرفع سعر الوقود المرتفع أساسا من مصادر الشحن.
رحلات جوية عالقة
¶تنص الهدنة على إجراء رحلتين أسبوعيتين من مطار صنعاء إلى وجهتين محددتين بالقاهرة وإلى العاصمة الأردنية عمان، مرت ثلاثة أشهر منذ إعلان الهدنة الإنسانية فيما لم يسمح تحالف حتى اليوم إلا لعدد عشر رحلات، منها رحلة واحدة فقط إلى خط القاهرة، بينما كان يفترض بناء على فترة الهدنة أن يصل عدد الرحلات إلى 28 رحلة 14 إلى عمان، و14 إلى القاهرة.
وقد اتخذ تحالف العدوان منذ اليوم الأول لسريان الهدنة الإنسانية المماطلة استراتيجيا للالتفاف على بند الرحلات الجوية، وحاول اختلاق ذرائع عديدة لعدم السماح بأي رحلة واحدة من مطار صنعاء غير أن الضغوط التي مارستها صنعاء جعلته يرضخ للسماح ببعض الرحلات، لكنه وبعد تمديد الهدنة عمد إلى توقيفها متبعا أسلوب المماطلة والالتفاف.
ويلجأ تحالف العدوان إلى الالتفاف على هذا البند من خلال المماطلة واختلاق الذرائع والادعاء بالأسباب الفنية وغيرها.
تهيئة للحرب لا للسلام
¶في الموضوع السياسي الهدنة تنص على التهيئة للحل السياسي كما تضع موضوع الطرقات للنقاش ، لكن تحالف العدوان يجتزأ موضوع الطرقات في تعز ويستثمر فيها قافزا على كل طرقات المحافظات وعلى كل قضايا العدوان ويربط مصير الهدنة ومصير الحرب والسلام بموضوع طريق واحد يضغط لفتحه في تعز.
لم يكن صمود الهدنة الأممية خلال ما مضى من عمرها إلا لأن صنعاء مارست أعلى درجات ضبط النفس ليس لأن العدوان أوفى بالتزاماته ، ولأن صنعاء تريد الذهاب إلى المسافة الأبعد بهدف تحقيق السلام.
ومع دخول الهدنة شهرها الأخير مع استمرار العدوان في توقيف الرحلات الجوية من مطار صنعاء ، واحتجاز سفن الوقود ، وفي ظل فشل المبعوث الأممي في أي خطوات إيجابية ، من المؤكد أن الهدنة ستنتهي دون أي تجديد ، في وقت أصبحت فيه مؤشرات انهيار الهدنة الإنسانية واردة، في ظلّ تصاعد خروقات العدوان لوقف إطلاق النار في جبهات عدّة.
وعلى المستوى الميداني، يُجري تحالف العدوان ترتيبات عسكرية متواصلة في جبهات عدّة تعكس غياب أيّ نوايا لوقف الحرب ، وبالتزامن مع تحشيد المرتزقة وإجراء تحركات مكثفة في محافظات البيضاء وشبوة والضالع ومارب، يتلقّى المئات من التكفيرين المرتزقة تعزيزات من الساحل الغربي إلى منطقة يافع الواقعة على خطّ التماس مع مديرية الزاهر في البيضاء، وهو ما يؤكد أن هناك مخططاً للتصعيد نحو البيضاء من عدة مسارات، يضاف إلى التصعيد في جبهات الضالع لتحقيق تقدُّم في اتجاه محافظتَي إب وتعز.
تحالف العدوان لم التهديد العسكري لا يزال مستمراً، وإن الأعداء يعدّون العدّة للتصعيد في المرحلة المقبلة، متهماً تحالف العدوان بمحاصرة اليمن ومحاصرة تعز، ومؤكداً استعداد الحركة لفتح الطرق من طرف واحد.
أما في سياق التهيئة للحل السياسي الذي كان يفترض أن يناقش بجدية في مدة الهدنة التي تكاد أن تنتهي ، فكان يفترض مناقشة قضايا المرتبات والبنك المركزي والنفط المنهوب الذي يصل شهريا إلى ما يزيد عن 260 مليون دولار، حسب مصادر مطلعة يقوم المرتزقة بتوريدها إلى البنك الأهلي السعودي ، كما كان من المأمول مناقشة رؤى الحل السياسي والسلام وتقديم المقترحات لكن المرتزق رشاد العليمي أكد بأنه لن يناقش أي ملفات أخرى غير ما يطالب به من فتح لخطوط اشتباك في تعز.
تقرير/ عبدالرحمن عبدالله