مشاركة المغرب في العداون على اليمن: تغريد خارج السرب
تونس ـ روعة قاسم:
لم يتفاجأ جل الخبراء والمحللين والعارفين بشؤون المنطقة المغاربية من مشاركة المغرب مع دول عربية في العدوان السعودي الاميركي على اليمن. فالرباط بخلاف جيرانها المغاربية عرف عنها دورانها في الفلك الخليجي وتماهيها مع سياسات دول مجلس التعاون وخصوصا المملكة السعودية.
فليس من باب الصدفة أن تطالب الرياض في وقت ما بضم المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي رغم وقوعها في اقاصي بلاد المغرب، وهي المتباعدة جغرافيا عن جزيرة العرب وبلدان الخليج. فالمغرب هو الوجهة المحبذة للمستثمرين الخليجيين التي يفضلونها على بقية بلدان المنطقة.
خارج السرب
لذلك ليس مستهجنا ما كشفته صحيفة “الصباح” المغربية عن إرسال الرباط 1500 جنديا من قوات الصفوة في الدرك الحربي فضلا عن فرق من المظليين للمشاركة في العداون على اليمن، خاصة وأن للمغرب سوابق فهي قد شاركت عام 1990 في التحالف الدولي ضد العراق بتعلة تحرير الكويت. وقد تم ذلك على الرغم من أن الجزائر وتونس وليبيا عبرت صراحة عن رفضها لتواجد قوات أجنبية في جزيرة العرب ودعت إلى حل الخلاف العراقي الكويتي في الإطار العربي ودون الحاجة إلى التدويل.
المغرب
وفي السنوات الأخيرة، وقبل اندلاع الفوضى الخلاقة المسماة ربيعا عربيا، بقي المغرب الرسمي يغرد خارج السرب بعد أن حصل تقارب وتنسيق غير مسبوق بين كل من ليبيا وتونس والجزائر في السياسات الخارجية. حتى أن البعض تحدث عن محور ثلاثي مغاربي متين أزعج دولا عديدة ومنها فرنسا التي أغدقت على المغرب بكثرة الاستثمارات كرد على انخراط تونس في هذا المحور المغاربي.
الأراضي المحتلة
وفي هذا الإطار ترى الشاعرة والناشطة الحقوقية الصحراوية النانة الرشيد أنه كان على المغرب، وبدل إرسال جيوشه لدك أشقائه اليمنيين في عقر دارهم أن يبادر إلى تحرير مدينتيه المحتلتين سبتة ومليلية. فالمغرب بحسب، الحقوقية الصحراوية هو الدولة المغاربية الوحيدة التي لم تحرر كامل أراضيها من الإستعمار الغربي.
وترى النانة رشيد أن مصاب اليمنيين والصحراويين واحد لأن الجيش الذي يدك أرض اليمن السعيد بأسلحته الفتاكة هو ذاته الذي يحتل الأراضي الصحراوية منذ أربعين سنة ويشرد أهلها في مخيمات على الأراضي الجزائرية.
وبالتالي فإن انخراط الجيش المغربي في حرب تسفك فيها الدماء العربية أمر ليس بالجديد وليت تلك الجيوش الجرارة تذهب لتحرير سبتة ومليلية مثلما فعل الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة عندما بادر بشن حرب على الجيوش الفرنسية التي أرادت الاحتفاظ بمدينة بنزرت التونسية الشمالية وقواعدها العسكرية بعد استقلال تونس وحرر اراضيه بالكامل وبسط سيادته على إقليمه.
خطأ فادح
ويرى محمد درغام، الناشط الحقوقي التونسي، أن مشاركة المغرب في هذا التحالف بخلاف الإجماع المغاربي هو خطأ فادح على غرار خطأ المشاركة في التحالف الدولي ضد العراق سنة 1990. لقد كان من المفروض أن تكون للبلدان المغاربية سياسة خارجية موحدة أساسها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين وفض النزاعات بالطرق السلمية خاصة إذا تعلق الامر بأشقاء عرب.
فالحوثيون هم إخوة لنا، بحسب درغام، وكذلك باقي أطياف الشعب اليمني، وإذا اقتتل إخوة لنا فمن المفروض أننا نتدخل للصلح بينهما لا أن ننتصر لفريق على حساب آخر. فأهل المغرب العربي كانوا على الدوام يحظون بالاحترام بسبب مواقفهم المبدئية المساندة لأهم القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وبسبب وقوفهم على مسافة واحدة من جميع الفرقاء إذا تعلق الأمر بخلاف عربي عربي دون أن تحركهم طائفة أو مذهب، لكن المغرب وللأسف يشذ عن القاعدة ويغلب ارتباطاته مع أطراف خليجية ويغرد خارج السرب.