أفق نيوز
الخبر بلا حدود

بين الوطنية والخيانة.. خيطُ رفيع لايراه إلا الأوفياء

211

عبدالصمد الخولاني

أصبح من المؤكد أننا نحتاج إلى تعريف الخيانة حتى لا نتجادل في بيئة خطابية غير قابلة للتداول وكل منا يغني على ليلاه خاصة ونحن في زمن انقلبت فيه المفاهيم وسقطت فيه القيم وانهارت فيه المنظومة الأخلاقية.
وأصبحنا نحتاج فيه أن نعّرف المعرف ونشرح المسلم به وذلك بسبب غسيل المخ والدماغ الذي يحاول أن يمارسه البعض علينا، في ظل النفاق الاجتماعي والسياسي الذي يطفو على السطح من حياتنا اليومية.
وتتعدد صور الخيانة بتعدد المعفول به، أي بتعدد من وقع عليه فعل الخيانة وأقبح صور الخيانة هي خيانة الوطن لأن من وقع عليه الفعل هنا هو الوطن فعندما تكون الخيانة بحجم الوطن تكون الدناءة والانحطاط واللؤم والخسة التي تنطوي عليها نفس الخائن ومن هنا كانت خيانة الوطن خيانة عظمى.
والخائن هنا فيه ورم سرطاني لا علاج له سوى الاستئصال فكيف تصبح الخيانة وطنية؟ عندما ينطمس معنى الوطن والوطنية في الأنفس والقلوب والعقول والوجدان فلا غرابة عندما تقع الخيانة فالوطنية كلمة لا معنى لها في أخلاق كائنات بشرية تظهر بيننا كالفقاعات بين الفنية والأخرى لأن الوطن عندهم ليس ذلك الوطن السليب الذي يعاني شعبه ويلات الغزو والعدوان والعمالة والارتزاق.
لأن الولاء عند هؤلاء هو الريال والدولار فلا ولاء ولا انتماء الأرض أو وطن وإنما مطلق الولاء والانتماء للذاتية والبحث عن السلطة بأي ثمن.
كل شيء يهون إلا خيانة الوطن فهي جريمة كبرى لا تغتفر كون المجني عليه هو الوطن وكل عمل مشين يمكن للمرء أن يجد مبرراً لفاعله إلا خيانة الوطن لا مبرر لها ولا شفاعة لمرتكبها مهما كانت منزلته ومهما كان السبب الذي يدفع لها فهو ابدا لا يشفع أن تبيع وطنك وتتآمر عليه، فالوطن بمنزلة العرض والشرف للإنسان ومن هان عليه وطنه يهون عليه عرضه وشرفه.
وما من عُرف أو دين أو عقيدة أو فكر يبرر لك خيانة الوطن.. إنه العار نفسه أن تخون وطنك ومهما كان عذرك للخيانة فلا عذر لك فالخيانة من خيانة وجه قبيح لا يجمله شيء والوطن لا ينسى من غدر به وخانه سراً أو علنا.. وإن صفحت السلطات عن خائن فالوطن والتاريخ لا يصفح أبدا ويظلان يذكران الخائن بعد موته فهما لا يغفران لخائن أبداً.
وخائن الوطن يكون مطية لاعداء الله في تنفيذ مخططاتهم وما فيها من دمار للبلاد والعباد أو دليلا لهم على عوراتها والعرب قبل الإسلام كائت ترى خيانة الوطن جرماً يستحق صاحبه فيه الرجم.. وليس أدل على ذلك من (أبي رغال) الذي كان الدليل لأبرهة الحبشي لهدم الكعبة وعندما توفي بالطريق دُفن هناك ولا يزال قبره يرجم إلى يومنا هذا بالمغمس بالجمرات.
وكذلك ابن العلقمي لعنه الله الذي كان دليلاً لهو لاكو على عورات بغداد وتدمير دولة الإسلام. فكم بيننا اليوم من أبي رغال وأبن العلقمي والشريعة الإسلامية أوجبت على كل مسلم أن يشارك إخوانه في دفع أي اعتداء يقع على وطنه.
والخيانة للوطن من الجرائم البشعة التي لا تقرها الشريعة الإسلامية والتي يترك فيها لولي الأمر أن يعاقب من يرتكبها بالعقوبة الزاجرة التي تردع صاحبها وتمنع شره عن جماعة المسلمين وتكفي لزجر غيره.
والخائن العميل يبقى ذليلاً قميئا ولو وضعوا على رأسه كل تيجان العالم، ويبقى صغيرا واطئا مهما نفخوا في أوداجه وجعلوه رئيساً أو وزيراً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com