أفق نيوز
الخبر بلا حدود

اليمن… هدن متلاحقة وصيغة قانونية لليمن مجهولة الهوية

289

أفق نيوز../

شهدت الأشهر السابقة هدنةً مزمنةً، بين سلطة صنعاء من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى؛ برعاية أممية وموافقة أمريكية وترحيب بريطاني، ما زالت تلك الهدنة تجر وراءها هدناً متلاحقة، مما مكن أنصار الله القيام بترتيب صفوفهم وعروضهم العسكرية الضاربة، كدولة وسلطة شرعية حافظت على الأرض التي تحت سيطرتها من الاحتلال السعودي والإماراتي، بينما يشهد جنوب اليمن حروباً طاحنةً، بين قوات الانتقالي بقيادة (عيدروس الزبيدي) رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس المجلس الرئاسي الذي يتلقى أوامره من دولة الإمارات، وبين ما يطلق عليها قوات الشرعية التابعة (للعليمي) التي كونتها ودعمتها الإمارات والسعودية منذ عاصفة الحزم، تلك الحروب تحت غطاء القضاء على حزب الإصلاح والتنظيمات الإرهابية في شبوة وأبين ومازال الزحف باتجاه حضرموت والمهرة، متناسيين بأن ما يسموه حزب الارهاب شريك فعلي كان تحت مظلة السلطة الشرعية بقيادة (هادي) المعاق سياسياً منذ توليه على كرسي الرئاسة بعد أحداث 2011 والذي أسقط شرعيته بتكليف مجلس رئاسي من سبعة نواب وثامنهم (رشاد العليمي) كرئيس لهذا المجلس غير الشرعي حسب الدستور اليمني وإدخال اليمن مرحلة جديدة ما بعد الهدنة .

هنا نقف عند أراء بعض المتابعين والمحللين السياسيين لتلك الأحداث المتلاحقة، وأسباب الهدنة؟ وكيف تنظر الأطراف اليمنية المتصارعة إلى أحقيتها في السلطة الشرعية على أرض الواقع وتحت مظلة الجمهورية اليمنية؟ وما الدور الذي لعبته السعودية والإمارات وما آلت إليه اليمن وخاصة المناطق الجنوبية منه؟ وكيف ينظر المجتمع الدولي إلى اليمن بصيغته القانونية كجمهورية يمنية في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة من أرض الواقع؟

فهناك من يرى أن من أسباب الهدنة؛ هو السلاح الذي توفر لدى أنصار الله واستخدمته بكفاءة عالية وهاجمت؛ مواقع حيوية في العمقين السعودي والإماراتي، وكشفت هاذين البلدين إستراتيجياً، هشاشة الشراكة القائمة بينهما وبين الغرب، هو ذاته السلاح الذي فرض الهدنة الحالية القابلة للتجديد والتعميق والتوسيع بحسب المفاهيم التي يكرسها المجتمع الدولي لتبرير عجزه عن فرض سلام حقيقي ومستدام لليمن.

-وعلى نفس الصعيد هناك من يرى أن ما وراء الهدنة، هو تحقيق الإنجازات الدبلوماسية بالنسبة لواشنطن والأمم المتحدة، ومبعوثيهما.  استنادا إلى استعدادات مفتوحة من السعودية والامارات لتقديم المزيد من التنازلات لانصار الله وتمكينهم الكامل من الشمال، ويبقى الجنوب  مرتعاً خصباً للفوضى والنزاعات والاقتتال الدائم كي يسهل على الاحتلال السعودي والاماراتي، استغلال ثروات جنوب اليمن، والشاهد أن الإمارات عقدت مؤخراً مع شركات المانية ودول أوروبية أخرى كي توفير لهم الغاز الطبيعي، من مقدرات الأرض اليمنية التي تحتلها في (شبوة)، وتعطيل موانئه والسيطرة على باب المندب  واستثمار جزيرة سقطرى وسلخها من يمنيتها.

هذا الاحتلال والسطو من قبل الإمارات على مقدرات اليمن جعل من خارجية صنعاء في (7/9/2022 ) أن تحذّر من إبرام أي اتفاقيات أو مشاريع نفطية في المناطق المحتلة، فبعثت برسائل إلى كافة وزارات خارجية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، أكدت فيها أن أي اتفاقيات أو مشاريع تقوم بها دول العدوان أو الحكومة الموالية له تُعد باطلة ولاغية، وليس لها أي صفة قانونية تمثل الجمهورية اليمنية “ وإن حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء ستضطر إلى اتخاذ جميع الإجراءات القانونية، سواء في الوقت الحالي أو في مرحلة ما بعد العدوان والاحتلال”.

ولهذا نجد أن ما وراء العروض العسكرية في المناطق التي تحت سيطرة أنصار الله وتلك الرسالة لوزارة خارجية صنعاء، بمثابة رسالة واضحة أن الشرعية هي شريعة الأمر الواقع على الأرض التي حاربت من أجلها، وصدت الاحتلال السعودي الإماراتي وتهدف إلى تحرير كافة الأراضي اليمنية، من الشمال حتى الجنوب، الذي أعتبره الاحتلال السعودي والإماراتي، إشكالية جنوبية وأنه لم يعد يعني دولة راسخة الجذور في عمق التاريخ أسمها اليمن، واسمها القانوني المعاصر الجمهورية اليمنية، وخاصة بعد تنازل هادي من شرعيته وأوكلها بتكليف إلى ما يسمى مجلس رئاسي ليس له صلاحية التحكم بزمام إدارة الأمور، ويقبع تحت سلطة الانتقالي الذي تديره القوات الإماراتية والسعودية المحتلة للجنوب!

وهنا يتصدر السؤال العريض المبهم، كيف ينظر المجتمع الدولي لليمن بصيغته القانونية؟ صحيح أن اليمن لا يزال على الخارطة دولةً ذات حدود معترف بها، غير أنه من وجهة نظر لجنة الخبراء في الأمم المتحدة بات تقريباً أكثر من دويلة أو حكومة في داخله، دولة  تحكمها حركة أنصار الله في شمال البلاد، وأخرى متنازع عليها بين أنصار الله والحكومة التي تحت رحمة الدعم السعودي في كل من محافظات مأرب شرقاً وتعز إلى الوسط، وسلطة ثالثة أو حتى رابعة تغلب السيطرة فيها لقوات متحالفة مع الإمارات، أهمها المجلس الانتقالي في جنوب البلاد وما تسمى قوات حراس الجمهورية في الساحل الغربي تنتظر أوامرها من دويلة الإمارات وفاقد الشيء لا يعطيه.

وتحت شعار الاستمرار في محاربة الإصلاح كأبرز ممثل للإسلام السياسي فإن (الانتقالي) قد يكون قاب قوسين أو أدني من الوصول إلى عاصمة الوادي في محافظة حضرموت وآخر معقل للحكومة الفارغة من مهامها في المحافظة النفطية والتي تمثل ثلثي من مساحة الجمهورية اليمنية، ليكمل الانتقالي بذلك سيطرته الكاملة على جنوب البلاد، ليتربع على عرش جنوب اليمن كسلطة أمر واقع، لكن تحت الاحتلال الإماراتي،… فيما لم يتبق لأنصار الله سوى الإجهاز على مدينة مأرب النفطية ومناطق أخرى في وسط البلاد لإكمال هيمنتهم على شمال اليمن ليصبح التقسيم القائم أكثر وضوحاً بحدوده الشطرية السابقة.

إذن نقف على أعتاب هذا التقرير أو القراءة التحليلية، أو ربما على مرحلة جديدة لليمن،  بعد أن أدرك الجميع المخطط الدولي لليمن الذي تقوده أمريكا وبريطانيا وينفذه وكلاءهما في المنطقة (السعودية والإمارات ) بحق اليمن، وخاصة بعض القوى السياسية والحزبية التي تجلببت بالعباءة السعودية والإماراتية وما قامت به مؤخراً في جنوب اليمن، ُدشنت مؤخراً حملةً وطنيةً، لاستعادة سيادة الدولة وتحقيق السلام يوم الأحد 11 سبتمبر, 2022، في المناطق التي تسمى محررة وهي تقبع تحت الاحتلال الاماراتي السعودي في كل من تعز، وحضرموت والمهرة وتم التوقيع على وثيقة من عدة نقاط أبرزها وأهمها: توحيد أجندة القوى السياسية وحماية سيادة اليمن ووحدة أراضيه، والتعاطي المسؤول مع دور التحالف في اليمن ورفض أي تدخلات أو ممارسات تتعارض مع الدستور والقانون من أجل الخروج من الأزمة التي تعيشها اليمن.

وهنا نقرا ما وراء ذاك التدشين الذي أحدث ترحيب عند كل القوى اليمنية في الداخل والخارج الذي تمثل في ذاك التدشين وأدرك ذلك المخطط التدميري لليمن، وفصل شماله وإبقاء جنوبه كما هو عليه الحال الآن تحت الاحتلال، وما على تلك القوى اليمنية بشكل عاما التقاط هذه الإشارات الخطيرة واستجماع قواها وقلب الطاولة على المتدخلين السيئين في الساحة والأدوات التي تعبث باسمهم، تحت مظلة واحدة اسمها الجمهورية اليمنية ومحاربة الاحتلال الاماراتي والسعودي في أي منطقة أو بقعة من اليمن.

 

*عبدالرزاق الباشا – رأي اليوم

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com