تصعيد أمريكي بريطاني جديد في اليمن .. ما هي الأهداف ؟
أفق نيوز../
يوماً بعد اخر تتضح تفاصيل العدوان على اليمن والتي تتقاطع فيه مؤشرات مصالح قوى دولية كبرى مثل أمريكا وبريطانيا، حيث تستخدم هاتين الدولتين كلاً من السعودية والإمارات كأدوات لتحويل اليمن إلى ساحة حرب دولية. في هذا السياق ومنذ البداية يرى مراقبون أن العدوان السعودي الأمريكي لم تكن غايته إلا إعادة وتمكين القوات الأَمريكية لاحتلال اليمن من جديد بعد خروجها يوم 21 مارس 2015م، فمنذ الساعة الأولى من عشية العدوان على اليمن، أصدر البيت الأبيض بياناً، أوضح فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية ستقدمُ الدعمَ اللوجيستي لتحالف العدوان السعودي، حيث وضعت الولايات المتحدة الأَمريكية نفسها في مواجهة الشعب اليمني، وأعلنت بشكل رسمي اشتراكها المباشر في العدوان على اليمن وهنا يمكن القول يكذب على نفسه من لا يزال يظن أن أمريكا لا تشارك في العدوان على اليمن، ولا سيما أن “كيري” لم ينتظر طويلاً لتأكيد ذلك بعد أن أقرّ بمشاركة بلاده في العدوان على اليمن، واستمرارها في تقديم الدعم والإسناد للنظام السعودي وحلفائه، ما يؤكد أن العدوان على اليمن هو قرار أمريكي بالدرجة الاولى لقتل الشعب اليمني وارتكاب ابشع المجازر الوحشية بحقة.
من جهةٍ اخرى ومنذ البداية كان الدعم البريطاني لـ “الإمارات”واضحاً للتحرك في جنوب اليمن كيفما تشاء، بما في ذلك دعمها للانفصال، ولابد من الإشارة إلى أنه ومنذ إعلان العدوان على اليمن كانت بريطانيا هي الشريك الخفي الآخر للولايات المتحدة الأمريكية، حيث حاولت بريطانيا، كثيرًا، إخفاء دورها الفعلي في مشاركتها في العدوان على اليمن، إلا أن مشاركتها العسكرية والاستخباراتية فضحت في محطات متعددة وانكشفت، آخرها كان بعد إعلان المحكمة الجزائية في صنعاء محاكمة جواسيس تابعين لجهاز الاستخبارات البريطاني.كما تتجلى مشاركة بريطانيا العسكرية في العدوان على اليمن، في تولي كوادرها في السلاح الملكي البريطاني العمل بشكل مباشر مع إدارة مركز عمليات التحكم والسيطرة العسكري السعودي، وتحديد بنك الأهداف في عمليات القصف، وطبيعة المهمات، وكذا الأسلحة التي ستستخدم في هذه المهمات. هذا الدور الجلي في المجال الجوي، يؤكد أن بريطانيا هي من تتولى زمام أمور المعركة الجوية، التي خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين في اليمن، إلى جانب الدور اللوجستي الأميركي.
تصعيد أمريكي بريطاني جديد في اليمن
على الرغم من أن السعودية والإمارت تنفذان الأجندة الأمريكية البريطانية في اليمن وعلى الرغم من أن لدى أمريكا وبريطانيا ايضاً أدوات في الداخل اليمني ولديهم الإمْكَانياتُ والوسائل لتحقيق تلك المخططات البريطانية في اليمن ، الا أن أتلك الأدوات ليست هي الخيارَ الوحيد بيد أمريكا وبريطانيا حيث أثبتت التقارير أن أمريكا وبريطانيا تعملان على زيادة الوجودي العسكري لهما في اليمن بشكل مباشر إلى جانب الأدوات التي تستخدمهما والمرتزقة. في هذا السياق أكّد عضو المكتب السياسي في حركة أنصار الله، علي القحوم، أنّ هناك تحركاتٍ أميركية وبريطانية وفرنسية في الجزر اليمنية، هدفها إحكام السيطرة على مضيق باب المندب.وقال القحوم خلال التصريحات الاخيرة إن “الإمارات تسعى لإحداث تغيير ديمغرافي في جزيرة ميون، ونحن نراقب هذا السلوك العدواني عن كثب ولن نقبل بتمريره”، مشدداً على أنّ “أنصار الله تمتلك قدرات عسكرية تحفظ لليمن قدراته وسيادته واستقلاله“.
من جهةٍ اخرى أضاف إن “المؤتمر اليمني المرتقب حول الأمن المائي من شأنه تقديم صورة واضحة بشأن امتلاك بلادنا عناصر القوة”، مؤكداً على أنّ “حكومة صنعاء ملتزمة بحماية الملاحة الدولية وفق القانون الدولي“.كما صرح القحوم بقوله إنه يجب “على العدو أن يفهم أن اليمن يمتلك قدرات عسكرية متعاظمة تجعله مؤهلاً لحماية مياهه وهويته الوطنية“.ولفت إلى أنّ هناك “حضورا عسكريا أميركيا مباشرا في اليمن، وتدفقٌ للقوات الأميركية وتحديداً في حضرموت”، مضيفاً: “هناك تدفّق أيضاً للقوات البريطانية إلى محافظة المهرة“. في هذا السياق أشار ايضاً إلى وصول وفود عسكرية أميركية وبريطانية إلى اليمن هذا الأسبوع، وهي تعمل على ترتيب جولة تصعيدية، مشدداً على أنّ “اليمنيين مستعدون للدفاع عن كرامتهم وعن كل شبرٍ في بلادهم“.
الوجودُ الأمريكي البريطاني في اليمن.. ماهي الأهدافٌ ؟
ثماني سنوات من العدوان على اليمن خلفت الكثير من المآسي والدمار الهائل لم نجد لها تفسيرا منطقياً سوى التستر خلف الأهداف الاستعمارية العميقة لكل من أمريكا وبريطانيا حيث ظهرت الأطماع الاستعمارية لهاتين الدولتين من خلال الأهداف والوسائل والأساليب في ابتزاز وسلب ثروات اليمن. نعم ذلك هو سلوك الولايات المتحدة للبحث عن فضاءات تعتاش عليها في تغطية أزماتها الداخلية وهي غالبا ما تلجأ إلى سياسة إنتاج الحروب وإشعال الأزمات هنا وهناك للبحث عن المواد الخام وهوس استمرار هيمنتها.
في هذا السياق يمكن القول إنه ومن الواضح أن أهداف الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا باتت واضحة اليوم في اليمن حيث إن التورط الأمريكي البريطاني في العدوان على اليمن يتصل بالنفط والغاز أولاً: ذلك كان هو العامل الذي يجعل اليمن مهمة وثمينة للغاية لنهب ثرواتها وثانياً: موقع اليمن ومنافذه وجزره المهمة الواقعة على خط الملاحة الدولية وثالثاً: إصرار السعودية أن لا تحيد اليمن قيد أنملة عن مسارها لاستمرار الهيمنة والتدخل في شؤونها وفرض الوصايا عليها. حيث تكشف الدراسات الحديثة عن مناطق النفط والغاز في اليمن وتشير إلى أنها بكميات كبيرة في اليابسة والمياه تلك المعلومات كانت حصريا لدى شرائك التنقيب والمسح الجيولوجي ولدى الأنظمة الغربية وعندما تبدلت أوضاع اليمن ذهبت أمريكا لإنتاج تحالف العدوان فعمدت سرا لتشكيل أطرافه لتأمين مصالحها بتحالف عسكري جديد لضرب اليمن وبسط نفوذها والسيطرة عليها بواسطة الوكلاء الاقليميين وكانت الإدارة الأمريكية تدرك حجم الفاتورة لاستثمار الحرب لملء خزينتها المنهارة وهي تدفع بالسعودية إلى مستنقع اليمن وتحميلها فواتير باهظة لتغطية جرائمها في اليمن.معادلة الحرب لم تمض على تلك الوتيرة فقد تغيرت طبيعة الحرب بظهور الأسلحة التكتيكية والاستراتيجية التي بدلت الكثير من المعطيات على الأرض لمصلحة الشعب اليمني وجيشه ولجانه في حسم الصراع المكلل بالانتصارات وتكبيد العدو الخسائر الكبيرة والهزائم المتلاحقة في كل الجبهات ومع كل هذه التحولات لم يصبح العدو آمنا على قواعده ومراكزه القيادية ومنشآته العسكرية التي أصبحت في متناول الأسلحة الاستراتيجية اليمنية.
مخطط تدمير اليمن
لقد كانت الادارة الأمريكية حاضرة في قلب مشهد مخطط تدمير اليمن وفي رسم سيناريو العدوان وفي تشكيل ما يسمى التحالف العربي الذي شن هجماته المباغتة على اليمن وضرب البنية التحتية ودمر المؤسسات الدفاعية والأمنية والاقتصادية، ومنذ الوهلة الأولى سارع تحالف العدوان السعودي الإماراتي للعب بأوراق مختلفة لتبرير عدوانهم وفكفكة النسيج المجتمعي ونسف وحدته وتمزيق أواصر لحمته وإغراق البلد في لجة الفساد السياسي والاقتصادي. ولا شك أن العدوان شاركت فيه قوى دولية كبرى تحت قيادة الولايات المتحدة تحت شعار مايسمى بـ”عاصفة الحزم” في إحداث الصدمة والرعب فالصدمة قد حدثت أما الرعب فما زال مستمرا والرعب الحقيقي هو الحصار الاقتصادي جوا وبرا وبحرا وإغلاق الفرصة أمام الوطن من استعادة دوره في الحياة السياسية الداخلية والخارجية.
وما تجدر الإشارة اليه أن التدخلات العسكرية الأجنبية المباشرة للقوات الأمريكية والبريطانية ووجودها في محافظتي حضرموت والمهرة. فقد شهدت محافظة المهرة وصول قوات بريطانية وأمريكية إلى مطار الغيضة وذكرت مصادر محلية أن القوات البريطانية والأمريكية انضمت إلى قوات سابقة متواجدة هناك، واستخدمت بريطانيا تسريبات صحفية معهودة من قبل المملكة لتبرير تواجد قواتها الخاصة في المهرة اليمنية وذلك بحجة القبض على مهاجمي الناقلة “ميرسر ستريت” الاسرائيلية في خليج عمان وعادة ما تستخدم بريطانيا صحافتها لتسريب مثل هكذا معلومات عبر وسيط الصحيفة لديها .
وفي السياق نفسه تمارس واشنطن مع وصيفتها السعودية في عدوانها على اليمن أبشع الوسائل والأساليب اللاأخلاقية واللاإنسانية في الحرب الاقتصادية وفرض الحصار على اليمن الذي تزامن منذ بدء الشرارة الأولى للعدوان في 2015م وكان الهدف منه تركيع الشعب اليمني أو قتله جوعاً وقد بدأت الحرب الاقتصادية على اليمن منذ أن فرضت دول التحالف حصارا خانقا على البلاد جواً وبراً وبحراً ونقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن ومن ثم طباعة أوراق نقدية دون غطاء لمئات المليارات وانهيار العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية حيث تجاوز سعر الدولار الواحد 1050 ريال يمني وتزامن ذلك مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية ولعل هذا التدمير الممنهج اقتصاديا إلا ضرباً من الحرب الاقتصادية الضارية بحق اليمن وشعبه ويعد الحصار الاقتصادي استراتيجية أساسية في أجندات العدوان للسيطرة على المنافذ البحرية ومنع وصول الاحتياجات وفرض الحظر على أكثر من 400 صنف من المواد الغذائية والسلع ورفع التعرفة للدولار الجمركي إلى 500 ريال يمني كل ذلك يتزامن مع استهداف العملة وطباعة الأوراق النقدية وهو ما يزيد الوضع أكثر تأزما يتحمل تبعاته شعبنا اليمني.مضاعفة حجم المأساة.
في الختام لا يخفى على أحد أن العدوان السعودي الأَمريكي على اليمن، جاء بعد أَيام قليلة، من رحيل آخر جندي أَمريكي من صنعاء، وفي توقيت كان الجيش واللجان الشَّـعْـبية يحققون انتصاراتٍ وانجازات كبيرة في الحرب ضد التنظيمات التكفيرية، المُصنفة عالمياً بالإرْهَــابية، وتطهير أغلب المحافظات الـيَـمَـنية من تلك التنظيمات والتي كانت في النزاع الأخير، وخُصُـوْصاً في محافظات جَنُـوْب ووسط الـيَـمَـن” شبوة وأبين والبيضاء ولحج وعدن وَالضالع ،فدخول العُـدْوَان السعودي الأَمريكي على الخط، لمواجهة الجيش واللجان الشَّـعْـبية، وفي توقيت كانت التنظيمات الإرْهَــابية تحتضر وتنهار، ما هو إلا من أجل إنقاذها، وإعادة انتاجها من جديد ضمن المُخَطّـط الأَمريكي في الـيَـمَـن، الذي بدأت تتجلى ملامحه وأَهْـدَافه في إعادة احتلال الـيَـمَـن من جديد، تحت هذا العنوان وهذه الذريعة. وما تجدر الإشارة اليه أن الولايات المتحدة تسعى من خلال احتلالها لأرخبيل سقطرى، لعسكرة ومراقبة الطرق البحرية الرئيسة، الذي يصل هذا الممر المائي الاستراتيجي بين البحر المتوسط وجَنُـوْب آسيا والشرق الأقصى، عبر قناة السويس والبحر الأحمر وخليج عدن، وهو طريق عبور رئيس لناقلات النفط، حيث تمر حصة كبيرة من صادرات الصين الصناعية إلَـى أوروبا الغربية، عبر هذا الممر المائي الاستراتيجي، كما تمر التجارة البحرية من شرق وجَنُـوْب أفريقيا إلَـى أوروبا الغربية، على مقربة من جزيرة سقطرى، عبر خليج عدن والبحر الأحمر.
المصدر: الوقت التحليلي