مخطط أمريكي منظم لتأليب الشارع اليمني ضد أنصار الله بعد فشل العدوان عسكرياً
362
Share
أفق نيوز | عكست الاعترافاتُ الوارِدةُ على لسان أعضاء شبكة التجسُّس الأمريكية الإسرائيلية، حجمَ المخطّطات والمؤامرات القذرة والخبيثة التي ظلت عقوداً من الزمن تستهدفُ اليمن أرضاً وإنساناً، في شتى المجالات “اقتصاديًّا وثقافيًّا وسياسيًّا وعسكرياً” أفرزت العدوانَ الظالمَ على بلادنا في الـ26 من مارس 2015 بأيادٍ سعوديّة إماراتية وضوءٍ أخضرَ أمريكي بريطاني صهيوني.
الوضعُ السياسيُّ في اليمن يشغلُ وزيرَ الخارجية الأمريكية:
تتوالى اعترافاتُ أعضاء خلية التجسس المقبوض عليها من قبل الأجهزة الأمنية، في أقوى وأنجح عملية بتاريخ اليمن القديم والحديث، حَيثُ يكشف الجاسوس هشام الوزير، تفاصيلَ المؤامرة التي استهدفت بلادنا أثناءَ زمن العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، مبينًا أنه ومع بدء مفاوضات الكويت واقترابها والعملية السياسية انتقل للعمل تحت إشراف “كريس جينينز” في عملية تهدفُ إلى توفير المعلومات السياسية والاقتصادية والعسكرية وعمل التحليلات وكذلك الاستعداد لبدء دعم العملية السياسية التي كان متوقعًا أن تنتجَ عن مفاوضات الكويت وبرمجة المشاريع الخَاصَّة بالوكالة لدعم هذه العملية بناءً على أهداف الحكومة الأمريكية.
ويتحدث الجاسوس الوزير، أنه عمل كذلك مع “كريس جينينز” في ذلك الوقت على إعادةِ تجهيز مشاريعَ تابعة للوكالة؛ لتستأنف دورها مرة أُخرى وتكون في طور الاستعداد، بحيث إذَا تم الاتّفاق على العملية السياسية ينطلق عمل هذه المشاريع بشكل مباشر ومنها كان مشروع “استجابة RGP و NDIمشروع المعهد الديمقراطي ومشروع الميرسي كور ومشروع الأمديست” وقد تم تجهيز هذه الوثائق وتجهيز هذه المشاريع، وكانوا منتظرين فقط لبدء الإشارة من واشنطن، حَيثُ كان وزير الخارجية الأمريكية “كيري” يبدي اهتماماً ومتابعة كبيرة للموضوع.
وأضاف: بعد انهيار المفاوضات في اللحظات الأخيرة، تلقى الجاسوس الوزير اتصالًا بعد أشهر عن طريق “جولي بيكوسكي” ولاحقاً “كليستريك لاند” وكان دوره في ذلك الوقت توفير مستجدات وتقديم تحليلات عن الأوضاع داخل اليمن وكان من ضمن الأعمال التي كُلِّفَ بها من قِبَلِ الأمريكيين تقديمُ تحليل شفوي لـ “برتني زلكسر” بخصوص فتنة ديسمبر وسبب هزيمة عفاش.
اللا حرب واللا سلم.. استراتيجيةُ واشنطن الفاشلة في اليمن:
وفي اعترافاته، تطرق الجاسوس هشام الوزير، إلى استراتيجية “حالة اللا حرب واللا سلم” الأمريكية التي بدأت معالمها تتضح وتتبلور في العام 2016 أثناء مفاوضات الكويت وكان مقرَّرًا لها أنها تبدأ بالتطبيق في ذلك الوقت لكن خسارة الديمقراطيين في الانتخابات أَدَّى إلى عدم تطبيقها.
وأشَارَ الجاسوس الوزير أنه بدأ الاستعداد مباشرة لهذه الحالة مرة أُخرى مع قرب الانتخابات الأمريكية في عام 2020، حَيثُ بدأت الوكالة مرة أُخرى تعيد الموضوع وتعيد النقاشات فيه وتقييمه ودراسته وتم هذا بالتنسيق مع الخارجية الأمريكية، وحتى وزارة الحرب الأمريكية “البنتاغون” التي كانت مشاركة في هذا الموضوع، مبينًا أنه كان يتم استدعاؤه لاجتماعات عبر الانترنت بهذا الخصوص مع كُـلٍّ من “كريس جينينز” و”والسون ماينر” المسؤولة عن مكتب اليمن في الوكالة الأمريكية للتنمية ومسؤولة مكتب اليمن كذلك في الخارجية الأمريكية “لورا مكادمس” وممثلين عن وزارة الدفاع الأمريكية.
وبيَّن عضو شبكة التجسس، أنه تم اعتمادُ الموضوع وإقراره بشكل مباشر مع وصول الرئيس الأمريكي “جو بايدن” للحكم، موضحًا أن تعيين المبعوث الأمريكي “تيم ليندركينغ” هو من أهم ملامح هذا المشروع من ناحية فنية تخص حكومة الولايات المتحدة؛ لكي يكون شخصًا مشرفًا على ما يسمى بالعملية السياسية ومشرفًا على جهود الوكالة الأمريكية للتنمية والخارجية الأمريكية والسفارات الأمريكية في صنعاء والرياض وأبو ظبي وعَمان.
ولفت الجاسوس الوزير إلى الدور الخاص بالمبعوث الأمريكي “تيم ليندركينغ” ومن يعملون جميعاً تحت إدارته؛ باعتبَاره مبعوث الرئيس الأمريكي ولديه الصلاحية الكاملة بالتواصل مع البيت الأبيض مباشرة عبر “جاكو سليفن” المسؤول عن شؤون الأمن القومي وكذلك بارتباط حتى مع محطة الـ CIA المسؤولة عن هذا الموضوع.
وأوضح أنه في الوقت الذي تم فيه إقرار هذا المشروع بقيادة أمريكا والتنسيق مع المانحين ابتداءً أولًا ببريطانيا عبر سفارة بريطانيا وسفيرها والمسؤول عن وكالة التنمية البريطانية، فقد تم حبسُه، لافتاً إلى أن الاتّحاد الأُورُوبي عيَّن سفيراً له كمبعوث أممي على هذا الأَسَاس ليعمل على نفس العمل وهو شخص مشارك كان في هذه العملية في ذلك الوقت من خلال دوره كمسؤول عن سفارة الاتّحاد الأُورُوبي الخَاصَّة باليمن والمتواجدة في عمّان الأردن، بالإضافة إلى الدور التقليدي التابع والمكمل من ناحية توزيع الأدوار لكُلٍّ من سفارة هولندا وسفارة ألمانيا ووكالة التنمية الخَاصَّة بها وفرنسا جزئياً، حسب الإمْكَانيات المتاحة لها.
مخطّطٌ أمريكي قذر لتأليب الشارع ضد أنصار الله:
ونوّه الجاسوس الوزير إلى استمرار عملية الضغط على أنصار الله؛ بحكم أنه المكون السياسي الأَسَاسي الذي يرفض الانصياع لكل المطالب الأمريكية والغربية، بينما بقية المكونات السياسية مستعدة أنها تخوض في العملية السياسية بناءً على ما طُرح من قبل الأمريكيين والغربيين.
وأفَاد بأنه لا يوجد الآن ضغط عسكري على أنصار الله، فيتم الاستعاضة بالضغط الشعبي على عليهم، فيتم نشر الشائعات والعملُ على اختلاق مشاكلَ وتكبيرها وهي تكون مشاكلَ بسيطة، مثل التركيز على فساد مشرفين تابعين لأنصار الله ونشر قصص عنهم في مواقع التواصل الاجتماعي والدفع بالشارع عبر تلك المواقع وعبر الواتساب وعبر الحديث في المجالس، مبينًا أن “الحديثَ في المجالس هو من أهم الأشياء التي عمل عليها معهد الـ NDI بواسطة كُلٍّ من “رباب المضواحي ومراد ظافر” من خلال شخصيات اجتماعية صغيرة ومتوسطة لا زالت متواجدة في البلاد حضرت تدريبات تابعة لمعهد الـ NDI وترتبط هذه الشخصيات بالأحزاب السياسية كالمؤتمر والإصلاح والحزب الناصري”.
وأردف الجاسوس الوزير قائلاً: “هذه الشخصيات وهؤلاء الناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي يتم تهييج هذه الأمور (المشرف فلان يخزّن بـ 15 ألف في اليوم والشعب ميِّت جوع هم معهم زلط بيصرفوا والناس ما معهم شيء وعادهم يشتوا يرجعوا لنا الحرب، ما اكتفوا أن احنا سكهنا ما عاد فيش غارات وما عاد بش قصف، لا، عادهم يشتوا يرجعوا الحرب؛ بحجّـة إنه ما هم قابلين بالشروط التي تطرحها أمريكا والدول الغربيةـ ليش ما يقبلوا بها، هذا أفضل من لا شيء إلى متى نستمر في الحرب هم أضعف من أنهم ينجحوا أنهم يفرضوا على أمريكا والغرب وعلى السعوديّة والإمارات الذي هم يشتوه ما بلا يشتوا يقتلوا عيال الناس في الجبهات وينهبوا موارد البلاد ويستنزفونها بحجّـة الحرب ولكن ما هم مستعدين لعملية سياسية ولا هم حق سياسة”.
وأشَارَ إلى أن “من الأشياء التي كانوا يروّجون لها بدعم أمريكي لتأليب الناس ضد أنصار الله، التطرق إلى المشاكل وإثارة المناطقية والفتنة، مثلاً شخص من تعز قُتل في صنعاء لأي سبب من الأسباب يتم الترويجُ له في المجالس ومواقع التواصل: (“قُتل لأَنَّه من تعز وأنصار الله متواطئين في هذا الموضوع ووزارة الداخلية التابعة لوزير الداخلية عبد الكريم الحوثي هي متواطئة في هذا الموضوع؛ لأَنَّهم ما يشتوا حَـلّ في البلاد، يشتوا مشاكل، يشتوا حروب، هذا هدفهم)”.
وأكّـد أن “العملية تتم بشكل منظَّم وممنهج، ومن ضمن القضايا التي كانت تثار لتأليب الناس موضوع المشتقات النفطية، فيتم الحديث أن (هؤلاء لصوصَ المشتقات النفطية يقومون بيعها بأسعار خيالية بينما سعرها الحقيقي لا يتجاوز ستة آلاف ريال للدبة أَو سبعة آلاف والمستفيدون هم فلان وفلان وعلى رأسهم محمد علي الحوثي)؛ يعني ممارسة أكبر قدر ممكن من الضغط على أنصار الله شعبيًّا، بحيثُ إن هذا الضغط الشعبي يجبرهم أنهم يستمرون في العملية السياسية مهما كانت هذه العملية السياسية مجحفة من قبل الأمريكيين.
والأهمُّ من كُـلّ هذا العمل هو زرع الغضب بشكل دائم ومُستمرّ في الشارع والتركيز على مظالمَ حقيقية وأَسَاسية وربطها بأنصار الله، مثلاً: مثل موضوع المعاشات يلومونهم هم على موضوع المعاشات، سواءً أنه ما تم الاتّفاق (ليش ما تم الاتّفاق على موضوع المعاشات ودفعها للناس السبب أنصار الله، السبب أنهم يشتوا هم يدفعوا معاشات للمجندين التابعين لهم الذي أضافوهم من بعد 2014 وهذا مخالف للاتّفاق السياسي الذي ينص على الدفع لموظفي الدولة حسب كشوفات 2014) ويتم نشر هذه الشائعة بشكل كبير جِـدًّا أن هذا هو السبب الذي لم يؤدِّ لاتّفاق إلى دفع موضوع المعاشات”.
تركيزٌ واهتمامٌ واسعٌ على دور المرأة في تثوير المجتمع:
وقال الجاسوس هشام الوزير، في ضوء اعترافاته: “إن الوكالة الأمريكية كان لها ارتباطٌ بعدد من الشخصيات ومنظمات المجتمع المحلي والأحزاب السياسية وعلى رأسها حزب الإصلاح أَو حزب المؤتمر؛ وذلكَ بهَدفِ الحشد الشعبي والحشد المجتمعي في هذا الاتّجاه لتأليب الناس ضد أنصار الله، والترويج أن الناس تعبوا من هذا الشعار، وتحديداً في مناطق سيطرتهم، ومثال آخر يتم تدريب الشباب على دورات المهارات الحياتية وأثناء التدريب يتم فتحُ هذه النقاشات كنقاشات جانبية ليس كجزءٍ من التدريب، التدريب يكون على مهارات الكمبيوتر أو مهارات الحياة، لكن أثناء التدريب يتم فتحها والتركيز على القيادات الشبابية التي تكون مؤثِّرة في المجتمع القيادات النسائية ويسهل استقطابها”.
ونوّه عضو شبكة التجسس، إلى أنه كان “يتم التركيز على النساء بشكل مهم وكبير؛ باعتبَارهن أكبر شريحة متضررة من الحرب؛ فهي التي فقدت مثلاً الشهداء وأصبحت مسؤولة عن إعالة الأسرة جراء فقدان الرجال في الحرب، فيتم التركيز عليهن بشكل كبير، والأهم من كُـلّ هذا هو دور النساء في تثوير المجتمع من ناحية اجتماعية في البيوت مثلاً من خلال اللقاءات الاجتماعية ودورهن في نشر الشائعات والأخبار المغرضة؛ يعني هذه هي الطريقة الذي يتم استخدامها ويتم الاعتماد عليها في حالة اللا حرب واللا سلم”.
وبيَّن الجاسوس الوزير، أن “هناك أدواراً فنيةً يقوم بها قسم تابع للسفارة مثل القسم الإعلامي عن طريق “إبراهيم الخضر وهشام العميسي” من خلال المساعدة في تمويل الأشخاص الذين ينشرون هذه الأخبار ويركزون عليها في مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن يتم تدريبهم على هذه التقنيات واستخدامها”، مُشيراً إلى دور المعهد الديمقراطي عن طريق “رباب المضواحي” المتواجدة في مصر، والتي كان دورها تفعيل العلاقات مع الأشخاص المرتبطين بمعهد الـ NDI وتدريب الشخصيات كذلك وتوفير تمويلات بسيطة لهم، وأخذهم إلى دورات تدريبية خارج البلاد لهذا الغرض.
إدخَالُ اليمن في حالة اللا حرب واللا سلم أطولَ فترة ممكنة:
وسلَّط الجاسوس هشام الوزير في اعترافه الأخير الضوءَ على برامج الأمم المتحدة التي كان لها دور في هذا الموضوع، وتحديداً البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، ووكالة التنمية الألمانية، من خلال دعم السلطة المحلية في هذا الموضوع، بالإضافة إلى دور الاتّحاد الأُورُوبي، من خلال دعم منظمات المجتمع المحلي ودعم مشاريع المجالس المحلية والسلطة المحلية عبر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة.
وأكّـد أن الاهتمام الذي توليه المنظمات الدولية بالقيادات المجتمعية الذي يكون لها دور شبيه بهذا الدور، مثلاً يكثّـف مسؤولو منظمة رنين ومسؤولو منظمة RDD لقاءاتهم بالقيادات الشابة، التي تعد من أهم الجهات الفاعلة في هذا الموضوع، من ناحية عملها على الشباب والبنات، من خلال ما يسمى بالمهارات الحياتية؛ لأَنَّ هذه عملية مُستمرّة للقيادات الشابة ولها دور أَسَاسي في هذا الموضوع، وهذا من أبرز ملامح حالة اللا حرب واللا سلم.
وذكر الجاسوس الوزير أن الأمريكيين أطلعوه بشأن الاستراتيجية المعتمدة لهم، وأنهم على قناعة أن الحرب لم تؤدِّ النتائج المناطة بها ولم تحقّق الأهداف المناطة بها، بل على العكس زادت أنصار الله قوة وأصبحت قوتهم غير مقبولة، وبالتالي فَــإنَّ الهدف الأَسَاسي للأمريكان هو إطالة حالة اللا حرب واللا سلم إلى أطول فترة ممكنة.
وَأَضَـافَ أن “الضغط على أنصار الله كان الغرض منه تحقيق هدفَينِ أَسَاسيَّينِ: الهدف الأَسَاسي والأول والأولوية الأولى هو دفعهم للقبول بعملية سياسية حسب ما هو مقدَّمٌ لهم ومطروح مهما كان مجحفًا، وفي نفس الوقت استمرار عملية تعبئة الشارع خلف العملية السياسية وتعبئة الشارع من ناحية الغضب تجاه أنصار الله لاستغلال الفرصة المناسبة لتفجير الشارع متى ما أُتيحت هذه الفرصة والظروف”.
وأكّـد الجاسوس الوزير اطلاعه بهذا الموضوع، من خلال ارتباطه المباشر بالوكالة الأمريكية للتنمية تحت إشراف مديره “جينفر لينك” و”سيبلز زقلر” ولاحقاً “سوفيا كسادا” وارتباطه المباشر كذلك بـ “كريس جينينز” وهو من أهم الأشخاص المسؤولين عن هذا الموضوع بدرجةٍ أَسَاسية.