لماذا يصر الاحتلال الصهيوني على حشر الفلسطينيين النازحين في مساحات ضيقة؟
أفق نيوز – تقرير – عباس القاعدي
يواصلُ كيانُ العدوّ الإسرائيلي ارتكابَ أفظع الجرائم ضد المدنيين في قطاع غزة، والتي منها جريمة التهجير القسري والنزوح الإجباري لأكثر من 1,700,000 مواطن فلسطيني.
وأجبر الاحتلال الصهيوني المدنيين في قطاع غزة على النزوح ومغادرة منازلهم ومناطق سكنهم، تحت تهديد القتل والقصف والسلاح المحرم دوليًّا، والتي تعد جريمة ضد الإنسانية؛ وهذا ما يؤكّـد بما لا يدع مجالاً للشك بأن الاحتلال يُمعن بشكل مقصود، ووفق خطة مرتَّبة بخنق المدنيين بغزة في مساحة ضيقة جِـدًّا، لا تتجاوز عُشر مساحة القطاع؛ بهَدفِ ارتكاب المجازر الجماعية.
وفي هذا الصدد يقول الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، الرائد محمود بصل: إن “الاحتلال الإسرائيلي يقوم منذ بداية العدوان بتهديد الفلسطينيين بالسلاح وإخراجهم من منازلهم ومناطقهم التي عاشوا فيها طوال حياتهم، وبدأ تحت القصف بدعوة الناس للخروج من مناطق شمال قطاع غزة، ثم انتقل إلى المناطق الجنوبية”.
ويضيف: “بعد ما كان المواطنون يعيشون على مساحة قدرها 230 كيلومتراً مربعاً، بات هناك تقليص واضح لهذه المساحة حتى وصلت إلى 35 كيلومتراً مربعاً، وهي مساحةٌ لا تكفي سكان غزة؛ فكل مواطن موجود في القطاع، سواء في المناطق الجنوبية أَو الشمالية، لديه فقط ربع متر واحد يعيش فيه”.
وبحسب الرائد بصل، فقد أصبح 4 مواطنين يعيشون في متر واحد فقط، بعد ما كان المواطن الواحد يعيش في مساحة قدرها من مترين ونصف متر إلى 3 أمتار، مؤكّـداً أن العدوان والتقليص جعلا سكان غزة يعيشون في بقعة جغرافية ضيقة جِـدًّا بلا مقومات للحياة.
مخطّط الاحتلال لخنق النازحين:
وفي السياق ذاته يستعرض المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، التسلسل الإرهابي الإجرامي الذي سار فيه كيان العدوّ الإسرائيلي وفق خطته الرامية لخنق 1,700,000 مواطن فلسطيني مدني جنوب وادي غزة في مساحة لا تزيد عن عُشر مساحة قطاع غزة، وذلك على النحو التالي:
في مطلع نوفمبر 2023 زعم الاحتلال أن المنطقة الجنوبية مساحة إنسانية آمنة بلغ مساحتها 230 كم مربع، وكانت توازي 63 % من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضيَ زراعيةً وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع.
وفي ديسمبر 2023 قلَّصَ الاحتلالُ المناطق التي يدَّعي أنها إنسانية آمنة بعد اجتياح خان يونس لتصل إلى 140 كم مربع بما نسبته 38,3% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضيَ زراعية ومقابرَ وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع.
وفي مايو 2024 قلَّص الاحتلال المنطقة التي يدَّعي أنها إنسانية آمنة إلى 79 كم مربع بما نسبته 20% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضيَ زراعية ومقابرَ وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع.
وفي منتصف يونيو 2024 قلَّص الاحتلال المنطقة التي يدَّعي أنها منطقةٌ إنسانية آمنة لتصل إلى 60 كم مربع، بما نسبته 16,4% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضي زراعية ومقابر وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع.
وفي منتصف يوليو 2024 قلص الاحتلال المنطقة التي يدعي أنها منطقة إنسانية آمنة إلى 48 كم مربع، بما نسبته 13,15% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضي زراعية ومقابر وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع.
وخلال الشهر الجاري أغسطُس 2024 قلَّص الاحتلالُ المنطقةَ التي يدَّعي أنها منطقةٌ إنسانية آمنة إلى 40 كم مربع، بما نسبتُه 10,9% من إجمالي مساحة قطاع غزةَ، وتشمل أراضيَ زراعيةً ومقابرَ وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع.
وما بعد منتصف أغسطُس قلص الاحتلال المنطقة التي يدعي أنها إنسانية آمنة إلى 36 كم مربع، بما نسبته 9,5% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضي زراعية ومقابر وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع.
وبالإضافة إلى تقليصِ مساحة وجود الفلسطينيين، يقوم كيان العدوّ الإسرائيلي باستهداف المناطق التي يلجؤون إليها، والتي يزعم هو نفسه أنها مناطق آمنة وإنسانية؛ ولهذا فَــإنَّ ما لا يقل عن 84 % من مساحة قطاع غزة أصبحت ضمن منطقة الإخلاء، التي تمت وفق توجيهات العدوّ والتي تصل عددها إلى 13 أمراً بالإخلاء منذ 22 يوليو الماضي، وفقاً لإحصاء أسوشيتد برس؛ مما أَدَّى إلى تقليص كبير في حجم المنطقة الإنسانية التي أعلنها العدوّ الإسرائيلي في بداية الحرب، في حين دُفع المزيد من الفلسطينيين إليها أكثر من أي وقت مضى.
التمهيدُ لمجازرَ جديدة:
وبخصوص ما وراء دعوات الاحتلال للفلسطينيين على النزوح من مناطقَ صنَّفها سابقًا بأنها “إنسانية وآمنة”، يقول عضو المكتب السياسي للحركة، عزة الرشق: إن “إجبار الاحتلال للمواطنين على النزوح إلى ما يُسمى بمناطق إنسانية وآمنة، ليس إلا وسيلة أُخرى لتعميق العقاب الجماعي والإبادة التي يتعرض لها المدنيون، ومحاولة لكسر إرادتهم المدنيين وزيادة معاناتهم الإنسانية”.
وتابع: “لقد شاهدنا، وشاهد العالم بأسره، كيف استهدف الاحتلال هذه المناطق التي يدعي أنها آمنة مرات عديدة، وارتكب فيها أبشع المجازر بحق الأبرياء”، مؤكّـداً أن “الاحتلال لا يسعى فقط إلى إخلاء المناطق، بل يهدف من خلال هذه السياسة الممنهجة إلى تمهيد الأرضية لمجازرَ جديدة بحق الشعب الفلسطيني الصامد”.
يشار إلى أن إجبار الآلاف من المدنيين على النزوح المتكرّر أَدَّى إلى تكدسهم في ظروف قاسية تهدّد حياتهم وتفاقم الأزمة الإنسانية، في انتهاك صارخ للاتّفاقيات والقوانين الإنسانية الدولية، وبذلك يقلص الاحتلال الإسرائيلي مساحة المنطقة الإنسانية المكتظة بمئات الآلاف من النازحين الذين بات عدد كبير منهم يقيمون في الطرقات دون أية خيام أَو مأوى؛ بسَببِ تصاعد أوامر الإخلاء والهجمات الإسرائيلية، خُصُوصاً بالأسابيع الأخيرة.