المسخ الشامل
أفق نيوز- بقلم – أحمد الزبيري
غالبية البلدان العربية كلها مستعمرة ومحتلة والاستعمار القديم أهون من الاستعمار الجديد الذي اتخذ اشكالاً وصورا لا تخطر حتى على بال ابليس .. هذا هو الاستنتاج الذي يخرج به المتابع لاعترافات جواسيس المخابرات الامريكية في اليمن .. تجسس عسكري .. تجسس أمني .. تجسس اقتصادي .. تجسس تعليمي وتربوي وعلمي ومعرفي.
كانت سيطرة كاملة بدأت من الاعلى الى الادنى .. رؤساء جمهوريات وحكومات ووزراء لتصل الامور حتى الى الادارات العامة وماهو ادنى منها والهدف السيطرة والهيمنة.. وتذهب فيما بعد المخططات الى ما هو ابعد .
اللعب على التناقضات الداخلية والمجتمعية وخلق صراعات وفتن مناطقية وطائفية ومذهبية وعرقية وطرح مشاريع تؤدي الى اضمحلال هويات ومجتمعات كبيرة وصغيرة داخل البلد الواحد .
الاسواء انهم دخلوا بكل مفاصل التربية والتعليم وهي واحدة من اخطر ممارسات الهيمنة الاستعمارية الامريكية الغربية الصهيونية الثقافية وهم يعلمون بحقيقة ان الغزو العسكري يمكن مواجهته ولكن الغزو الثقافي والفكري والمعرفي خاصة اذا وصل لابناء هذه المجتمعات منذ المراحل الاولى للتربية و التعليم وصولاً الى الشهادات العليا وكل هذا مسخ لكل المبادئ والقيم والاخلاق الدينية والوطنية والقومية والانسانية .
اذا اردت تدمير اي شعب من الشعوب فاستهدفه في لقمة عيشه وفي تربيته وفي تعليمه وهذا بالنسية للكثيرين من الذين لهم اهتمامات في هذا المجال او تلك كان مدركا وكان الحديث ان مدارسنا وحتى جامعتنا تخرج اشباه أميين والامية مستويات مع ان هناك أميين يفهمون بما لا يقارن افضل من دكاترة مرحلة الهيمنة الامريكية .
انه الدمار الشامل عبر القوة الناعمة ويبدو لي انهم نجحوا الى حد ما ووصلوا الى غسل أدمغة الكثيرين عبر عمل تراكمي عمره ليس سنوات وليس عقد من الزمن بل لعقود وهو عمل تامري خبيث كما كنا نقول دائماً.
المسالة لا تتوقف عند اليمن بل تمتد الى كل بلدان شعوبنا العربية الاسلامية ويكفي لمعرفة هذا ننظر الى موقف ليس الانظمة ولا نخب المجتمع السياسية والفكرية والثقافية والاقتصادية بل الى الشعوب والمجتمعات في كليتها مما تتعرض له فلسطين عامة وغزة خاصة وكيف ان الناس في الغرب الاستعماري يخرجون في مظاهرات تمتد من الجامعات الى الشوارع الى كل مكان في حين ابناء الامة من العرب والمسلمين في غفوة وسبات الا من رحم ربي .. صحيح ان هناك اسباب وعوامل اخرى لهذا الموت العربي والاسلامي السريري ولكن الدور الاساسي كان لهذا النهج الممنهج لذا علينا ان لا نستغرب عندما نشاهد اكثر من البعض يتلذذون بالعدوان على اوطانهم وتدمير شعوب أمتهم ومقدراتها ويستمرون نهب الثروات وتقسيم الاوطان. الحديث يطول والقضية اكبر من ان تكتب في مقال علينا ان نعيد النظر في كل شي والقضية اكبر من القاء القبض على خلايا تجسسية بل وباء قد عم والمعالجة تحتاج الى ارادة ووعي وإخلاص وصبر والا فأن التوقف في نصف الطريق لن يؤدي الا الى الاسواء والحليم تكفيه الاشارة