تعتبر الضرباتُ الأمريكية الأخيرة على اليمن موضوعًا معقَّدًا يتداخل فيه العديد من الأبعاد السياسية والعسكرية، ويعكس حالة من الضعف والانزعَـاج لدى واشنطن نتيجةً للعمليات العسكرية المتزايدة التي تنفذها القوات اليمنية، والتي تستهدف الأهداف الإسرائيلية داخل فلسطين المحتلّة، منذ بداية معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدَّس”، وَأَيْـضًا كانت الولايات المتحدة متورطة بشكل مباشر وغير مباشر، حَيثُ دعمت التحالف العربي بقيادة السعوديّة في حربه ضد أنصار الله. ومع ذلك لم تخضع اليمن بل اخضعت التحالف السعوديّ الإماراتي، والآن تصاعد العمليات العسكرية اليمنية التي تصل إلى العمق الإسرائيلي والبحر الأحمر يطرح تساؤلات حول استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة.
إن العمليات العسكرية اليمنية تأتي في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز موقفهم الإقليمي؛ فمنذ بداية معركة (طُـوفَان الأقصى)، واستهداف أنصار الله للأهداف الإسرائيلية، سواء عبر الهجمات الصاروخية والمسيّرة أَو العمليات البحرية، يعكس قدرتهم الكبيرة والمتزايدة على تنفيذ عمليات معقدة تتجاوز الحدود اليمنية؛ مما يثير قلقًا كَبيرًا في دوائر صُنع القرار الأمريكي والإسرائيلي.
إن أنصار الله يدركون أن تحقيق نصر في غزة سيكون انتصارًا عظيمًا ليس فقط محليًّا وإنما أَيْـضًا إقليميًّا. فهم يسعون إلى استغلال هذه الفرصة لتعزيز تحالفاتهم مع القوى المناهضة للنفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة. وبالتالي، فَــإنَّ العمليات العسكرية اليمنية لن تتوقفَ حتى إيقاف الحرب على غزة ولبنان.
في النهاية، تُظهِرُ الضربات الأمريكية على اليمن حالةً من الضعف والانزعَـاج من تصاعد العمليات العسكرية اليمنية التي تعكسُ تحولًا في ميزان القوى في المنطقة؛ مما يتطلب من الولايات المتحدة إعادة التفكير في استراتيجياتها.
وإذَا استمرت الضغوط العسكرية دون وجود رؤية شاملة لحل النزاع، فَــإنَّ الضربات اليمنية لن تتوقف أبدًا حتى الانتصار؛ مما يجعل من الصعب على القوى المستكبرة استعادة السيطرة على الموقف. وإن التحديات الجديدة التي تطرأ على الساحة العالمية تستدعي استجابة أكثر شمولية، تأخذ بعين الاعتبار الحقائق الجديدة في المنطقة، وتعمل على تقليل التوترات بدلًا من تفاقمها وعليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار القوة اليمنية المتزايدة.
يبقى السؤال حول كيفية التعامل مع هذه الديناميات المتغيرة مفتوحًا، ويتطلب تحليلًا دقيقًا وفهمًا عميقًا للأبعاد المختلفة للأزمة.
إن الاستجابة السريعة والفعالة للموقف الراهن قد تكون حاسمة في تحقيق السلام الدائم في المنطقة، وتجنب التصعيد العسكري الذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المستوى الإقليمي والدولي وليعلم الجميع أن اليمن لن يتراجع ولن يتخاذل عن قضيته الحقّة وعليهم أن يعوا أنه ما دامت العمليات الإسرائيلية مُستمرّة فَــإنَّ الضربات اليمنية ستتصاعد ولن يثنيَ الموقف اليمني ضربات العدوان الأمريكي وإن اللهَ على نصرهم لقدير.