إن الله يقول للناس: اهتموا جداً بإصلاح أنفسكم، بإعداد أنفسكم، وبتهيئة ما يمكنكم إعداده، ولتكن ثقتكم بالله كبيرة، وهو من سيكون معكم، وهو من سيتولى أيضاً أن يزرع الرعب في قلوب أعدائكم، وهو من يعمل الكثير إلى درجة أن يكشف لكم واقع عدوكم، ألم يوفر الله على أوليائه الكثير, الكثير من العناء؟ ألم يصنع الكثير الكثير مما يطمئنهم؟ ألم يعمل الكثير, الكثير مما يؤيدهم, ويشد من أزرهم؟.
بلى, لكننا نحن متى ما انفردنا بأنفسنا وابتعدنا عن الله ستجد كل شيء مخيفاً، وتجد كل شيء مقلقاً، وتجد الآفاق مظلمة، والأجواء قاتمة، وتجد قلبك يمتلئ رعباً متى ما انفردت بنفسك.. لكن عد إلى الله، وعد إلى كتابه ستجد ما يجعل كل هذه الأشياء لا وجود لها في نفسك.
فالإنسان الذي يقلق, أو يرتبك, أو يضعف, ليعرف أنه في تلك الحالة وهو يرتبك أنه يجلس مع نفسه، وهو كإنسان ضعيف، لكن اجلس مع الله ستجد نفسك قوياً. فعندما ترى نفسك ضعيفاً لا تعتقد أن تلك هي الحقيقة، وأن ذلك الحدث هو فعلاً إلى الدرجة التي تجعلني ضعيفاً في واقعي, لا, ليست تلك حقيقة، ذلك هو فقط نتيجة جلوسك مع نفسك, وابتعادك عن الله..
فرأيت كل شيء مرعباً، وكل شيء مخيفاً، وكل شيء ترى نفسك أمامه ضعيفاً، وقدراتك كلها تراها لا تجدي شيئاً، وكلامك تراه كله لا ينفع بشيء! فتصبح أنت من ترى عدوك ذلك العدو الذي قال عنه: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (آل عمران:111) أنت من ستجده كتلاً من الصلب والحديد, وحينها ستجد قلبك, وعلائق قلبك أوْهى من بيت العنكبوت، ويصبح صدرك خواء.
الله قال عن نوعية من هذه في غزوة [الأحزاب], ذكر عن صدورهم {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} تكاد قلوبهم أن تخرج: {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}(الأحزاب: من الآية10).لماذا زاغت الأبصار؟ ولماذا كادت القلوب أن تخرج لو أن الحناجر تتسع لخروج القلب لخرج من الرعب والخوف؟ لماذا؟ هناك ظنون… أولئك أناس جلسوا مع أنفسهم، لم يكونوا من تلك النوعية التي قال عنهم: {فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}. ظنوا بالله الظنون السيئة! يوم ابتعدوا عنه فامتلأت صدورهم رعباً, وزاغت أبصارهم، ثم أيضاً ظنوا بالله ظناً سيئاً. هكذا يجني الإنسان على نفسه إذا ابتعد عن الله، لكن عد إلى الله، عد إلى كتابه، تجد أولئك الذين قال الله عنهم: {وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً}(الأحزاب:22) يزداد المؤمنون إيماناً أمام أي موقف، سواء موقف تشاهده، تحرك لعدوك, أو تسمع عنه، أو يقوله المرجفون لك.
إن الله أراد لأوليائه أن يكونوا بالشكل الذي يُعْيي الآخرين تماماً، لا مرجفون يؤثرون، ولا منافقون يؤثرون، ولا عدوًا يستطيع أن يرهبني, ولا شيء في هذه الدنيا يمكن أن يخيفني، هكذا يريد الله لأولياؤه، وهكذا قامت تربية القرآن الكريم أن تصنع المؤمنين على هذا النحو، تربية عظيمة جداً، وهي تربطك بمن يستطيع أن يجعل نفسك على هذا النحو، وأن يجعل الواقع أيضاً أمامك على هذا النحو، يبدو ضعيفاً أمامك, وفعلاً يكون ضعيفاً {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}(النساء: من الآية76).
ألم يقل كل شيء عن أعدائنا؟ أعداؤنا هم أولياء الشيطان على اختلاف أنواعهم وأصنافهم، أليسوا أولياء الشيطان؟ بصورة عامة {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}(النساء: من الآية76).
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]