أفق نيوز
الخبر بلا حدود

لو أن التعليم صحيح بالشكل الذي يجعلنا واعين لما قال لنا أعداؤنا تعلّموا !

33

أفق نيوز | من هدي القرآن الكريم |

فرح الناس عندما أصبح لدينا عطلة يومين, فرحوا, بينما كانوا في ألمانيا وفي اليابان العمال يصيحون: لا, عندما تكون ساعات العمل قليلة, لا, يريدون أن تكون ساعات العمل طويلة! في اليابان عندما كانوا يرسلون طلاباً كان اليابانيون يحرصون على أن يحافظوا على هويتهم, وتقاليدهم كشعب متميز بتقاليده وهويته، هو شعب ظُلم من قبل الآخرين, من قبل الغرب, ظلم من قبل أمريكا, فيرسلوا طلاباً على مستوى من الوعي, يفهم من هو, ويفهم ما هي مهمته, هو أن يسافر في رحلة ومنحة دراسية وأن يتعلم حتى ولو عند أعدائه لكن يتعلم ليعرف في الأخير كيف يضربهم, يتعلم ليعرف كيف يبني بلاده، فيصبح ذلك الشعب الذي قهر على أيديهم يقهرهم هو في ميادين الإقتصاد.

 

الدولة نفسها كانت تهتم بالطلاب اليابانيين, تعطيهم مساعدات كبيرة, ورعاية كبيرة, كذلك الصين كانت تعمل فيعود الياباني وهو ياباني لم يتأثر, يعرف ما حصل في [هيروشيما] وفي غيرها, ما حصل من تدمير لدولة كانت تمثل إمبراطورية كبرى في شرق آسيا, فعادوا وهم لم يتأثروا, عادوا وهم يحملون اهتماما بأمتهم, ويعملون بجد من أجلها.

نفس الدولة إذا كان الكبير هو يحمل نفس المشاعر حتى ولو بدى في الصورة مستسلماً, وهو الشيء الذي نقول: نحن لم نلمس شيئاً, فمتى ما صدرت كلمات براقة من زعيم, أو كذا.., أنظر إلى الواقع ستلمس إذا كانت هذه الكلمات لها أثرها, هي كلمات تنطلق من أعماق نفسه, أو أنها فقط قد تكون خداعاً أنظر إلى الواقع ماذا يعمل على صعيد الواقع, وهو من يملك القرار في هذا الشعب أو ذاك, ماذا يعمل!.

 

كانت تبدو حكومة اليابان حتى في أثناء الإستسلام كانوا يحرصون على أن تبقى لهم هويتهم, كل شيء ممكن لكن هويتهم, ومَلِكُهم, قد يبدو الملك, قد تبدو الحكومة مستسلمة، أليس الإستسلام هو حاصل؟ لكن من الداخل هو يعرف كيف يعمل, من الداخل يثور, مستسلم وممكن يقف مع أمريكا في مواقف لكنه من الداخل يعرف أنه على رأس شعب قهر, وأن من واجبه أن يصعد بهذا الشعب ليكون هو الذي يقهر أعداءه ولو في أي ميدان من الميادين؛ هم يعرفون أن الصراع هو صراع شامل, لم يعد فقط صراعاً عسكرياً, صراع شامل, وأبرز ما فيه الصراع الإقتصادي فيما بين الدول.

 

اتجهوا نحو البناء فعلاً وهو أن يقفوا على أقدامهم, ما الذي حركهم؟ مشاعر داخلية نحو وطنهم, مشاعر داخلية من العداء لأولئك, شعور بأنهم قهروا. روحية افتقدها الناس, المسلمون أنفسهم وهم من يمتلكون دين العزة, وهم من يمتلكون القرآن الذي فيه ما يكشف لهم واقعهم في أي عصر من العصور, يبين لهم ما هم عليه, يبين لهم لدرجة أن القرآن يبدو وهو كتاب مخطوط حي وواعي أكثر منا فيما نحن عليه في كل عصر يستطيع أن يكلمك بما أنت عليه, وواقعك عليه, وكيف واقعك.

عاد اليابانيون وهم مجاميع كثيرة، وبنوا بلادهم فعلاً حتى أصبحوا دولة صناعية كبرى, دولة تملك رأس مال رهيب جداً, لها ثقل اقتصادي عالمي, أصبحت منتجاتها تغرق الدنيا وهي بلد صغير!

 

لدينا من التربة أكثر مما لديهم, بلدنا أوسع من بلادهم. من أول المشروبات التي كانت تصل إلينا مشروبات يابانية نشربها من شركة [متسو بيشي] عصاير, هم كانوا يزرعون في قوارب في البحر, لاحظ كيف الرجال يعملون, ليست لديهم تربة, أراضي ضيقة, أراضي جُزُر هكذا مفككة, فكانوا يستغلون أن يصنعوا قوارب من الخشب أو من أي مادة ويبحثوا عن كيف يملأونها بالتراب؛ لأنه لا يوجد لديهم مساحات كافية لأن تزرع, بلد ضيق, يزرعون في البحر, يملئون الزوارق بالتراب ويزرعونه, يزرعون حتى في شرفات منازلهم, الأسرة نفسها تزرع الباميا والبطاط والطماطم في شرفات المنازل, تعمل على اكتفاء نفسها من الخضار من الأسطح لضيق الأرض لديهم, ومن البرندات, شرفات المنازل.

 

ما الفارق بيننا وبينهم؟ هو أنهم يعرفون من هم, ويعرفون الآخرين الذين كانوا يرسلون أولادهم إليهم من هم, ويرعون الطلاب عندما يسافرون إلى أولئك, فلا يمشي إلا وقد هو فاهم. أصبحنا لا نعي من نحن, فما الذي تعرف بعد أن تكون لا تعرف من أنت؟ إذا أنت لا تعرف من أنت, ولا تعرف الآخرين من حولك فلا تستطيع أن تبني نفسك فعلاً.

وجدنا كيف أنفسنا أراضي كثيرة مهملة, ساحات واسعة صالحة للزراعة مهملة, ونستورد, نستورد كل شيء حتى [الملاخيخ], نستورد كل شيء حتى [القلوة]! ألسنا نستوردها؟ يذهب واحد يشتري كم [فشار]! وهكذا وضعية البلدان الأخرى. تدخل سوق الملح, أسواق صنعاء, وترى فيها فاصوليا, وعدس, وترى فيها فول, وترى فيها مختلف الحبوب, هذا من استراليا, وهذا من الصين, وهذا من تركيا, وهذا مدري من أين..!

 

اليمن صخرة لا يصلح أن يزرع فيه شيء!! أصبح وكأنه صخرة واحدة, ولو كان صخرة واحدة لاستطاع الناس كما عمل اليابانيون أن يزرعوا فوق أسطح المنازل وفي شرفات المنازل, ألم يكن بالإمكان أن يزرعوا فوق الصخرة؟ يعمل قليل تراب فوق الصخرة هذه ويزرع فيها أي شجرة مفيدة؟.

فعندما يفقد الناس الهوية فعلاً وتصبح وضعيتك بالشكل الذي تخدم عدوك, سيأتي عدوك ليقول: تحرك, تعلَّم, تعلَّم؛ لأنهم من وضعوا كل شيء لنا, هم من عرفوا كيف سنكون عندما نتعلم, لو أن هناك تعليم صحيح يبني فعلاً هل يمكن أن نسمع من جانبهم كلمة تعلّم؟.

 

لكنهم لا يعملون على أن نزرع, حتى الصندوق الاجتماعي ممكن يبني مراكز صحية, ممكن يبني مدارس, ممكن يبني حواجز مائية, لكن جانب الخدمة في الزراعة. لا, خزانات يشرب منها الناس, لكن يسقُّون منها. لا, لا يريدون أن نزرع؛ لأنهم يعرفون ماذا يعني أن نزرع, متى ما زرعنا ملكنا قوتنا, متى ملكنا قوتنا استطعنا أن نقول: لا, استطعنا أن نصرخ في وجوههم, استطعنا أن نتخذ القرار الذي يليق بنا أمامهم, فما دمنا لا نملك شيئاً لا نستطيع أن نقول شيئاً.

لهذا تجد الزراعة في اليمن مهملة, الزراعة مدمرة, وهكذا تجد في بقية الشعوب الأخرى في السودان في مصر, كل البلدان هذه. الزراعة لا يهتمون بها, هيا تعلموا لكن لا تزرعوا! لو أن التعليم صحيح بالشكل الذي يجعلنا واعين, نعرف من هم ومن نحن، وكيف يجب أن نكون؛ لما تكلموا بكلمة واحدة: تعلّموا.

 

دروس من هدي القرآن الكريم

 

من ملزمة من نحن ومن هم

 

‏ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي

 

بتاريخ شهر شوال 1422ه

 

اليمن – صعدة

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com