أفق نيوز
الخبر بلا حدود

صوت النصر يملأ فضاء غزة والارتباك يحاصر “النتنياهو”

52

افق نيوز |تقرير

 من بين الركام وشظايا الصواريخ والقنابل ورائحة البارود احتفل الشارع الغزي ومعه المقاومة بالإنجاز المشرف للصمود الفلسطيني. كان الأمر بمثابة لبنة جديدة في ساحة الثبات والتأكيد على أنه لا تراجع عن القضية المصيرية المتمثلة بالأرض والوطن. وكان الأمر بمثابة الرسالة بأن شعب الجبارين لن يتوقف عن زراعة الزيتون وحمل السلاح حتى إعادة الهوية الفلسطينية لكل الأراضي المحتلة.

في الأثناء وفي الجانب الآخر المحتل، كانت تتجاذب قادة الصهاينة مشاعر متناقضة، متضاربة، ليس من بينها أي مستوى من الشعور بالرضى عن إنجاز ما، وإنما مشاعر بين القبول على مضض، وعدم القبول. الفريق الأول بزعامة النتنياهو رأى أن القبول بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى كان أمرا حتميا لا مفر منه مع استهلاك كل الخيارات التي كانت تمنيهم بالقدرة على استعادة الأسرى والخلاص من المقاومة إلى الأبد، أو على أقل تقدير إعادة احتلال قطاع غزة من جديد. يقابلهم فريق الرفض والاستياء من الاتفاق الذي سحق معنوياتهم وبدد آمالهم في التمكن من فصائل المقاومة.

كل الحسابات وتحالفات الصهاينة وكل النوايا المبيتة والرغبات المكبوتة ذهبت هباء، وبقي صوت الفلسطينيين يملأ فضاء غزة يصم آذان المستوطنين في “الغلاف” وقادتهم وعلى اختلاف مستوياتهم.

إصابة العدو في مقتل

الإنجاز المشهود الذي ثبّت حق الشعب الفلسطيني في أرضه ودولته وأسمع كل العالم حقيقة الاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية كان ثمنه كبيرا لكنه يؤسس لما بعده، وسيضيف التاريخ صفحة جديدة إلى صفحاته توثّق الدموية المستمرة للكيان الصهيوني منذ أكثر من 75 عاما ضد أبناء الأرض الذين احتل أرضهم وحاول فك ارتباطهم بها، وتدمير تاريخهم، كما توثّق في عين الوقت تشبث هذا الشعب الباسل بحقه.

 وقال الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس أبو عبيدة “إننا أصبنا أسس ما يسمى بأمن العدو القومي، وتم فرض التهجير والنزوح على مناطق واسعة، وفتح جبهات قتال متعددة، في مؤشرات على زواله الحتمي، فالحصار بحرًا، واضطرار العدو للتستر والاختباء والاستنجاد بقوى دولية للدفاع عنه، كلها دلائل على ضعفه وانكساره، وهذه الحرب ستظل عنوانًا للعزة والكرامة، وستكون منارة لكل الأحرار، وكل هذا مرورًا بفضح الاحتلال وإظهاره كيانا وحشيا مجرما، وتشويه وجهه، وفضح من يقف وراءه من طغاة العالم ومنظماته الشكلية، وصولًا إلى نبذه وملاحقة قادته وجنوده بكونهم مجرمي حرب مطلوبين للعدالة، وكل ذلك وغيره الكثير جعل شعوب العالم تدرك حجم جريمة هذا الاحتلال”.

خلال (15) شهرا عاث العدو في غزة، فقتل ودمر وصنع كل أشكال المعاناة للنساء والأطفال والمُسنين، لكنه كان دائما يفشل في إركاع أصحاب الأرض، مع ذلك فإن المشهد الذي كان يتابعه كل العالم على الهواء مباشرة، مثّل حجة على كل المتخاذلين وفي المقدمة العرب الذين أشاحوا بوجوههم عن ما يجري وذهبوا يحتفلون بالمناسبات وكأن ما يجري ليس بالشيء الذي يستحق الانتباه، فكيف والمأمول كان تحركا عمليا لنجدة هذا الشعب الذي كان يُباد؟!.

المستوطنون: ماذا كان يفعل جنودنا منذ عام؟

 

اليوم يجني الشعب الفلسطيني ثمرة صموده وثباته انتصارا على أعتى قوى الإجرام، أمريكا و”إسرائيل”، وباتت هذه الحقيقة تتردد لدي كل العالم، بل وحتى داخل كيان الاحتلال، حيث لا تزال المرارة تعتصر الصهاينة الذين لم يخجلوا يوما من التعبير صراحة عن رغبتهم بإبادة كل أهالي غزة بالسلاح النوويِ. وعلى ضوء هذه النتيجة يبدو المشهد قاتما أمام الأعداء، فيما يرتفع رصيد المقاومة.

يقول الكاتب “الإسرائيلي” ألون مزراحي: “حماس أسطورة لأجيال قادمة، ولقد انتصرت علينا بل على كل الغرب وصمدت في المواجهة”، وقد هال الصهاينة التحرك السريع لعناصر المقاومة والانتشار في كل أجزاء القطاع في أول أيام تطبيق الاتفاق، بل ومثّل ظهور عناصر من نخبة حماس أثناء تسليم الأسيرات الثلاث – الأحد- في ساحة السرايا بمدينة غزة صفعة مؤلمة في وجه العدو، حيث وصفت القناة الـ12 الصهيونية الحدث بأنه دليلٌ على أن حماس “احتفظت بقوتها وموجودة في كل مكان وتفرض سيطرتها على القطاع رغم الحرب الطويلة”.

وقال موقع “روتر” الصهيوني، “لقد أظهرت حماس أداءً وحوكمة استثنائيين منذ صباح الأحد، وكأنها لم تمر بعام ونصف من الحرب”.

وتساءلت منصات المستوطنين، “من أين خرجوا ومن أين أتى عددهم هذا وأين كانت كل هذه المركبات وماذا كان يفعل جنودنا منذ أكثر من سنة هناك؟ هذا جنون ولا يستوعبه العقل”.

وفي وصفه لمشهد انتشار عناصر المقاومة بكل ثقة وثبات، قال مراسل إذاعة “جيش” العدو الإسرائيلي: “عناصر حماس، في الشاحنات، مع الأشرطة الخضراء على رؤوسهم، وكذلك رجال شرطة حماس الذين يرتدون زي شرطة غزة، ينفذون إعادة انتشار في جميع أنحاء القطاع.”، وأضاف: “حماس، التي لم تفقد في أي لحظة من الحرب سيطرتها أو قبضتها على أي جزء من القطاع  تستغل هذه الساعات للتعزيز وإحكام قبضتها وحكمها.”، وخلص مراسل إذاعة “جيش العدو” إلى القول: “حتى بعد سنة وثلاثة أشهر، لم تنجح “إسرائيل” في تفكيك حكم حماس في غزة، وإيجاد بديل حكومي له.”

أما معلق الشؤون العربية في “قناة i24News ” العبرية “تسفي يحزغالي” فقال “هناك في غــزة بالفعل احتفالات فرح. الأمر الأصعب بالنسبة لي هذا الصباح هو رؤية هذه المشاهد. النخبة عادت على المركبات، تلك المركبات التي ذبحتنا، هؤلاء الأشخاص الذين ذبحونا.”

 

ارتباك في صفوف الصهاينة

 

ارتبكت حسابات العدو صبيحة الأحد موعد بدء سريان وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، فأعلن “وزير الحرب” الصهيوني “إيتمار بنغفير”، استقالته مع وزراء حزبه “القوة اليهودية” من “حكومة” نتانياهو احتجاجا على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ولاحقا نقلت صحيفة “معاريف” العبرية عن بنغفير قوله: “أبلغت نتنياهو أنني سأعود للحكومة بشرط استئناف الحرب بكل قوة دون مساعدات إنسانية”. وأكد بنغفير للصحيفة ان “إسرائيل ستدفع الكثير من الدماء والكثير من الألم بسبب صفقة الاستسلام مع حماس” , وفق قوله.

في السياق أيضا، أكد ما يسمى بوزير الخارجية الإسرائيلي “جدعون ساعر”، أن الصفقة التي تم توقيعها مع حماس لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى تكلف كيانه غير الشرعي “ثمنا باهظا”، وقال المدعو ساعر إن “إسرائيل ملتزمة بتحقيق جميع أهداف حربها ضد حماس، بما في ذلك تفكيك قدراتها الحكومية والعسكرية”، وأضاف أنه “إذا كان المجتمع الدولي يريد وقف إطلاق نار دائما، فلابد أن يشمل ذلك تفكيك حماس كقوة عسكرية وإيجاد كيان حاكم في غزة”، .وتابع أن “وقف إطلاق النار مؤقت”، وأن “هدنة أكثر ديمومة لن يتم التفاوض عليها إلا بدءًا من اليوم السادس عشر من الاتفاق” مضيفا: إنه “إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مناسب لإسرائيل – بما في ذلك الإطاحة بحماس وإعادة جميع المختطفين – فإن القتال سيستأنف”. حسب قوله.

غير أن الرئيس السابق لما يسمى” مجلس الأمن القومي” الإسرائيلي غيورا آيلاند، أكد الأحد، أن الحرب انتهت وحماس انتصرت ومنعت “إسرائيل” من تحقيق أهدافها. وزاد القول: “هذه الحرب فاشلة لسبب بسيط للغاية، وهو أن حماس من وجهة نظرها، لم تنجح فقط في منع إسرائيل من تحقيق أهدافها، بل حققت هي أهدافها وبقيت في السلطة”. واعتبر ايلاند أن الاتفاق “لا يمنع حماس من إعادة تعزيز قوتها”، مضيفا: “إذا حدث ذلك وتحركت إسرائيل ضدها فإنها ستكون بذلك تنتهك الاتفاق”.

إلى ذلك أكد ما يسمى “وزير مالية” العدو الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أنه في حال انتهت الحرب بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى دون عودة للقتال، فهذا “إنجاز استراتيجي للعدو (حماس) وهزيمة مروعة وهائلة لنا”، وقال سموتريتش لصحيفة “معاريف” العبرية، الأحد “هذه الصفقة هي خطأ خطير للغاية ترتكبه دولة إسرائيل ودفعة لحماس”.

استقالات عسكرية

وتوالت اليوم، الثلاثاء، سلسلة الاستقالات في “جيش” العدو الإسرائيلي بينهم “رئيس أركان جيش” العدو الإسرائيلي هرتسي هليفي والذي ذمر في رسالة استقالته أن “الجيش الإسرائيلي” فشل في مهمة الدفاع عن “إسرائيل” و”إسرائيل” دفعت ثمنا باهظا، وأضاف “أتحمل المسؤولية عن فشل “الجيش” في 7 أكتوبر 2023 ومسؤوليتي عن الفشل الفظيع في 7 أكتوبر 2023 ترافقني يوما بيوم وساعة بساعة”.

كما أعلن “قائد المنطقة الجنوبية” في “جيش” العدو ” يارون فنكلمان” عن استقالته قائلا: “في 7 أكتوبر، فشلت في الدفاع عن النقب الغربي وسكانه وهذا الفشل سيبقى في داخلي لبقية حياتي”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com