أفق نيوز
الخبر بلا حدود

طيش في كل الاتجاهات.. نوايا ترامب لا تُضمر خيرا لسلام البشرية

80

أفق نيوز | تقرير

الموقف المخزي الذي أوقع ترامب نفسه فيه بإعلان تهجير الفلسطينيين من غزة والاستيلاء على أراضيهم يضيق بحلقاته عليه، فيما المكابرة تجلده عن التراجع، فإعلانه يعد أول تحرك عملي له في سياق الحملة التي وضع تفاصيلها اللوبي الصهيوني وبدأ بشنها ترامب على كل دول العالم بلا هوادة وبمنهجية دكتاتورية.
ومنذ تسريبات جس النبض للتحرك ضد الفلسطينيين امتدادا لدعم الكيان الصهيوني، حسمت الكثير من دول العالم موقفها الرافض لهذه البلطجة الأمريكية، فيما لحقت بها الأخرى عقب إصرار ترامب على السير في مسعاه، بعد أن تبين لها أن نوايا هذا الرجل للسلام العالمي لا تراعي سلاما.

ترامب يسقط أخلاقيا في غزة

لم يكن مثيرا أو مستفزا قرار ترامب تجاه غزة استنادا إلى مخالفته للقوانين الدولية فحسب أو حتى كونه تعديا سافرا على حقوق الإنسان، وإنما لكونه أيضا “عملا شنيعا من الناحية الأخلاقية” حسب  هيومن رايتس ووتش.
لذلك أظهرت جرأة ترامب تنافر الداخل الأمريكي مع مثل هذه التحركات غير المسؤولة والتي قد تهبط بسمعة الكيان الأمريكي أكثر، وكشفت قناة “كان” العبرية بأن: خطة ترامب أثارت زوبعة كبيرة داخل الولايات المتحدة نفسها، فقد عدّه أحد المشرعين الأمريكيين انعكاسا لشخصية مختلة عقليا، إذ قال السناتور الأمريكي الديمقراطي كريس ميرفي: “لقد فقد عقله تماما. سيؤدي غزو الولايات المتحدة لغزة إلى مذبحة لآلاف الجنود الأمريكيين وحرب في الشرق الأوسط لعقود. إنها مثل مزحة رديئة”. ومجموعة “عرب أمريكيين لأجل ترامب” غيّرت اسمها إلى “عرب أمريكيين لأجل السلام”، وأعلنت عن رفضها لتهجير قطاع غزة.
صحيفة نيويورك تايمز وصفت الأمر بالوقاحة وقالت “هذه واحدة من بين الأفكار الأكثر وقاحة التي طرحها زعيم أمريكي منذ سنوات – ترامب سيقوم بشيء سيكون جالبًا لمشاكل جيوسياسية وكارثية مع تداعيات بعيدة المدى في الشرق الأوسط”.
فيما اتهمت صحيفة وول ستريت جورنال ترامب بالكذب والانتهازية بالقول: “هناك تناقض بين تصريحات أدلى بها ترامب سابقًا بشأن تقليص الدور الذي تلعبه واشنطن على الساحة الدولية، وبين أقواله منذ توليه المنصب، وهذا يدل على نيته توسيع النفوذ الأمريكي في أنحاء العالم”.
كما اعتبرت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في فلسطين، “فرانشيسكا ألبانيز” أن الأمر اجمالا غير أخلاقي، وقالت: “خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين هي “مجرد هراء ومنافية للقانون وغير أخلاقية وغير مسؤولة على الإطلاق، وستزيد الوضع سوءًا”.

تنسيق أمريكي صهيوني لاستهداف العالم

التركيز على البعد الأخلاقي في إعلان رئيس البيت الأبيض هيمن على كثير من التصريحات الداعمة لحق الفلسطينيين في البقاء على أرضهم والرفض واستهجان ما قد يتم وضعه من “سيناريو” لهذا الغرض. خصوصا وأنه يأتي ضد شعب تعرض طيلة (15) شهرا لحرب إبادة أقرّ بها كل العالم، وعقب تدمير ما توفر لهم من بنية تحتية، كما ويأتي ليعبر عن استخفاف واستعباط للعالم بكله من خلال محاولة تمرير الهدف الصهيوني بذكاء “ترامبي” لإعادة احتلال القطاع، في انتهازية مقيتة للوضع الإنساني الذي لا يزال يعيشه الغزيون بسبب المؤامرة الأمريكية الصهيونية عليهم.
منذ بدأت أمريكا العمل وفق قواعدها الخاصة، كان تَحرُكها دائما متحللا من أي التزام، وغالبا ما كانت تتعمد لغة الفرض لتمرير إرادتها، ما يقف بكل العالم على نتيجة أكيدة بتعمد الأمريكان هذا المنطق في التعامل مع باقي الدول بقضاياها المختلفة ومحاولة الاستفادة إلى أقصى حد من كل ما يحدث.
وفي القرار الخاص بأبناء غزة، وما تبعه من رد فعل عالمي مستنكر هذه الضآلة في التفكير، عزز ترامب نواياه الخبيثة تجاه القضية الفلسطينية وتجاه الثوابت الدولية في العلاقات أو على الأقل ملف حقوق الإنسان، بتحرُك غريب حيث وقّع الثلاثاء الماضي أمرا تنفيذيا لانسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وحظر تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وبعدها بيومين أعلن ما يسمى بوزير الخارجية الصهيوني، جدعون ساعر، عن انسحاب كيانه المُحتل رسميًا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وذلك وفقًا لما نقلته القناة 12 الصهيونية، ما يشير إلى تنسيق صهيوأمريكي، ومخطط يستهدف كل العالم، يتجاوزون خلاله كل المواثيق والأعراف، وهو الأمر الذي يكشف عن اشتغال مجلس اللوبي الصهيوني داخل أمريكا منذ وقت مبكر للوصول إلى هذه النتيجة.

أمريكا تخسر الكثير من رصيد الهيمنة

يتفق العالم اليوم بأن أمريكا كائن أصبح يشكل خطرا على البشرية، كما بات العالم على قناعة بأن اشتغال قوى الشر المبكر على ضرب البشرية بشرورهم لا يعني الاستسلام، لذلك بدأت الكثير من الشعوب تسجل موقفا مغايرا، ورافضا أحيانا لمواقف أمريكا تجاه قضايا دولية، كما بدأت تنشأ الكيانات خارج إطار الإرادة والمشيئة الأمريكية، وإلى ذلك أيضا استمرار الحرب الباردة غير المُعلنة وسباق التسلح، وجميعها مؤشرات على أن أمريكا خسرت الكثير من رصيدها في الحضور والهيمنة الدولية، وهو ما يعني في مدلوله أن إمكانية حشر الكيان الأمريكي وعزله لم يعد بالأمر الخارج عن الطبيعة.
أمريكا مع كل تهور في سياق تعاطيها للقضايا الدولية وإخضاع التقييم للمصالح الأمريكية والإسرائيلية، كانت تسقط أكثر، ما تسبب في تآكل تلك الهالة التي كانت مرعبة للبعض والكثير، فكانت الشيطنة الأمريكية وحدها من تقف خلف هذا السقوط والذي دائما لا ننسى حضور مجلس اللوبي الصهيوني في التفاصيل..
اليوم يأخذ الفعل ذروته باستهداف شعب يُمارس بحقه التطهير، وتتبلور النتيجة بصوت عالمي يرفض جملة وتفصيلا هذا التعدي الأخلاقي.

“ماسك” “ترامب” في المشهد

لا شك بأن ثمة أمورا غير طبيعية تحدث في الداخل الأمريكي لجهة وضع الـ”سيناريو” الأكثر قابلية من أجل استعادة المكانة الأمريكية التي تواصل الانحدار بشكل مخيف. إذ ما بقي من حضور التأثير الأمريكي إلا خشية انفلات الأمور عن السيطرة، فالدولة “العميقة” التي يمثلها ترامب بصورة حرفية تشعر بأنه خلال فترة بايدن الرئاسية ضعفت أمريكا كثيرا، لذلك فترامب الذي يميل أكثر لممارسة أعلى مستوى من الانتهازية بقصد جني الأموال، لا يُستبعد أن يلجأ إلى السلوك الإرهابي في استهداف محدود يوصل من خلاله رسائله وحسب. مع ذلك فإن ترامب المجرّب من الفترة الرئاسية السابقة لا يُؤمن جانبه، فإذا ما تعلق الأمر بمخاطر تهدد بقاء كيانه الأمريكي على ذات الصدارة، ربما يؤجل حينها طموحاته لبعض الوقت في تحقيق فائض اقتصادي جديد للدولة الاتحادية. ينسجم مع هذا القول تداول الوسط النخبوي الأمريكي عن نشاط للملياردير ماسك بشكل قوي داخل تفاصيل الدولة بغطاء سياسي من ترامب. وقد كشف عن ذلك الكاتب “الإسرائيلي أورييل داسكال”، فيما كشفت نيويورك تايمز عن مصادر داخلية أن ماسك يتمتع بمستوى من الاستقلالية لا يمكن لأحد السيطرة عليه، وهو ما يجعله الرئيس الفعلي، بينما ترامب يوفر له الغطاء السياسي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com