“كوزو أوكاماتو” مناضلا يابانيا في حب فلسطين
أفق نيوز | عبدالله علي صبري
في ظهور نادر شارك الياباني “كوزو أوكاماتو” قبل سنتين في إحياء ذكرى مرور 50 عاماً على عملية مطار اللد. فما هي العملية، وما قصة أبطالها؟.
وقعت عملية اللد في 30 مايو 1972 في مطار اللد (بن غوريون) بالقرب من يافا/ “تل أبيب”. وشارك في العملية ثلاثة يابانيون ينتمون إلى منظمة” الجيش الأحمر“، وكان بينهم كوزو أوكاماتو الناجي الوحيد بين المنفذين الثلاثة للعملية.
في ذلك اليوم غادر الثلاثة الأبطال مدينة روما الإيطالية على متن الطيران الفرنسي، متجهين إلى مطار اللّد. وفور وصولهم تسلم أوكاماتو ورفيقاه في الجيش الأحمر الياباني حقائبهم، وسرعان ما أخرجوا منها رشاشات وقنابل وبدأوا بإطلاق النار، ما أدى إلى مقتل 26 شخصا، بينهم عالم الأسلحة البيولوجية البروفيسور اليهودي هارون كاتسير، الذي كان الهدف الرئيس للعملية الفدائية حسب المصادر.
مع انتهاء العملية فجر المنفذون الثلاثة أنفسهم، فقتل اثنان منهم، لكن أوكاماتو لم يمت، فقد أصيب بجروح قبل اعتقاله، واقتياده إلى سجون الاحتلال للتحقيق والمحاكمة.
في ذلك اليوم أيضا، كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تزف الخبر على لسان المتحدث باسمها المناضل الأديب غسان كنفاني، حيث أعلن رسميا تبني الجبهة لعملية مطار اللد بالتعاون مع الجيش الأحمر الياباني.
كان أوكاماتو وعدد من رفاقه قد وصلوا لبنان عام 1971 هربا من ملاحقة السلطات اليابانية لقيادة تنظيم الجيش الأحمر وأعضائه، وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على تواصل مع المنظمة عبر وديع حداد وغسان كنفاني. وقد أرادت الجبهة الشعبية توظيف هذه العلاقة وتنفيذ عملية كبيرة في مواجهة الاحتلال الصهيوني. وبالطبع ما كان لهذه العملية أن تنجح لولا إيمان أوكاماتو ورفاقه بالقضية الفلسطينية، واستعدادهم للتضحية حتى الموت في سبيلها، ما يؤكد أن فلسطين كانت وستبقى بوصلة لأحرار العالم، وقضية إنسانية جامعة، وإن تخلى عنها الأعراب، وغدر بها الصهاينة العرب.
في قاعة المحكمة صرح أوكاماتو قائلا: إنني بصفتي جنديا في الجيش الأحمر الياباني أحارب من أجل الثورة العالمية، وإذا متُ فسأتحول إلى نجم في السماء.
صدرت بحق أوكاماتو أحكام بالسجن المؤبد، وقضى 13 عاما في السجن الانفرادي تحت التعذيب، قبل أن تنجح الجبهة الشعبية في تحريره من خلال صفقة أو اتفاق جبريل في مايو 1985م.
بعدها أقام “المقاوم الياباني” في البقاع شرق لبنان، وتزوج خلال إقامته من ابنة فوساكو شيغينوبو مؤسس الجيش الأحمر.
ظهر بطل عملية اللد منهك القوى فاقدا للتركيز بعد خروجه من سجون الاحتلال، وذلك بسبب التعذيب المستمر على أيدي الجلادين اليهود، إلا أنه ظل وفيا ومؤمنا بالقضية الفلسطينية، وقد بادلته المقاومة الفلسطينية الوفاء والتقدير ولا تزال.
إلا إن حكايته لم تنتهِ هنا، فبعد عدة سنوات يجد أوكاماتو نفسه خلف القضبان مجددا، لكن في السجون العربية هذه المرة، فقد رضخت السلطات اللبنانية لضغوط الحكومة اليابانية، واعتقلت أوكاماتو وعددا من عناصر الجيش الأحمر، واستمر حبيس المعتقل ثلاث سنوات، وقد كادت السلطات اللبنانية أن تسلمه إلى “طوكيو” لولا التظاهرات التي شهدتها بيروت، وتدخلات الفصائل الفلسطينية، التي فرضت على لبنان الإفراج عن أوكاماتو ومنحه اللجوء السياسي.
وفي عام 2020، تقدمت الحكومة اليابانية مجدداً، بطلب رسمي إلى السلطات اللبنانية بتسليم أوكاماتو لليابان، لكن الأمن العام اللبناني أبلغ السلطات اليابانية أن الرجل في خريف العمر، وأن السلطات اللبنانية لا توافق على تسليمه.
ويبقى أوكاماتو رمزا إنسانيا شاهدا على عدالة القضية الفلسطينية وعالميتها.