أفق نيوز
الخبر بلا حدود

قائدٌ بحجمِ ألف عـــام

57

الشيخ عبدالمنان السنبلي

عندما أَتَـحَدَّثُ عن السيد حسن نصر الله، فأنا لا أتحدث عن رئيس أَو زعيم عربي جاء بمؤامرةٍ أَو انقلاب..

لا أَتَـحَدَّثُ عن مـلك أَو أميرٍ ثـري أمضى صبـاه وشبـابه متسكعًا ولاهيًا هناك في أُورُوبا وأمريكا قبل أن يأتيَ على بساط أمريكي ليرِثَ الحكمَ عن أبيه..

أنا أَتَـحَدَّثُ هنـا عن قائدٍ عربيٍّ فذ..

قائدٍ وُلِدَ مقاومًا..

وعاش عُمُرَهُ كُلَّه مقاومًا..

واستشهد مقاوِمًا..

قائد جاء في زمن وعالم عربي كان ولا يزالُ رصيدُه من الانتصارات والبطولات صفرًا..

فأسَّس مقاومةً من الصفر..

وبدأ رحلتَه معها من الصفر..

وواجه العدوَّ من المسافة صفر..

واستشهد ورصيدُه من الهزائم صفر..

قائدٍ كان إذَا أطلَّ يومًا بخطابٍ من على الشاشة تتوقَّفُ عقاربُ الساعة هناك في “إسرائيل” وترتعدُ فرائصُها..!

تتمنى لو أنـها تـعودُ إلى الوراء عـقودًا طـويلة، حَيثُ لم يكن هذا القائدُ قد وُلِدَ أَو وُجِدَ أصلًا..

فهذا القائد لا ينطقُ كذبًا..

ولا يتوعَّدُ أَو يهدّدُ جُزافًا..

هذا الرجل إذَا قال فعل، وَإذَا توعَّد أنجز..

أو هكذا عرفوه دائمًا..

لذلك، لم يكن يخيفُهم شيءٌ كما تخيفُهم كلماتُه..

ولا يرعبُهم شيءٌ كما ترعبهم تهديداتُه..

قائد عربي جاء في وقتٍ كان العربُ فيه قد بدأوا بإلقاءِ السلاح جانبًا؛ قناعةً منهم باستـحالة انتزاعِ أَو استعادةِ أي شـبر من الأراضي العربية المحتلّة بالقـوة..

وفي زمن كان العدوُّ الصـهيوني قد اجتاح جنوب لبنان وأصبحت قواته على مشارف بيروت..

راهن العربُ يومَها على المفاوضات وخيارات الخنوع والخضوع والاستسلام..

وراهن هذا القائد البطلُ على المقاومة كخيارٍ استراتيجي لا بديلَ عنه لتحـرير الأرض..

خسر العربُ كعادتهم الرهان..

وكسب هذا القائدُ المجاهد البطل..

كسب الرهانَ معلنًا بذلك «جنوبَ لبنان» كأول أراضٍ عربية محتلّةٍ منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي يتم تحريرُها من قبضة العدوّ الصهيوني بقوة السلاح..

وكسب الرهانَ أَيْـضًا يوم أن انتصر في حـرب تمــوز 2006 معلنًا بذلك نفسَه كأول قائد عربي يسجل انتصارًا عربيًّا حقيقيًّا على “إسرائيل”، ويمرِّغُ أنفَ جيشها الذي “لا يُقهَرُ” في الوحل والطين..

نعم، كسب الرهانَ يومَها..

وكسبه مجدّدًا اليومَ عندما انتصر لغزة..

وقاتل؛ مِن أجلِ غزةَ..

ودفع حياتَه ثمنًا وقُربانًا لغزة..

وسيكسبُه غدًا كذلك عندما يرى العالَمُ كله كيف أن رجالَ مقاومته، وقد تحوَّل كُـلُّ واحد منهم إلى حسن نصرالله آخر، قد واصلوا المشوارَ على خطاه وأكملوا الدربَ الذي بدأه وبالصورة التي كان يريدُها هو..

ذلكم هو الشهيدُ القائد حسن نصرالله..

قائدٌ بحجمِ ألف عـــام..

أفلا على مثلِه تبكي البواكي..؟!

وعلى رحيلِه تنوحُ النوائح..؟!

الـــوداع يا نصرَ الله..

الـــوداع يا سيدَ الشهداء والمقاومة..

وإلى اللقاء مع انتصار الدمِ على السيف..

إلى اللقاء في جوارِ الأحبة..

إلى اللقاء يا نصرَ الله..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com