أفق نيوز
الخبر بلا حدود

اللدّد في الخصوم

203

أفق نيوز – بقلم – أحمد يحيى الديلمي

رحم الله الشيخ الجليل محمد حسين مخلوف شيخ الأزهر الأسبق في عقد الثلاثينيات من القرن الماضي، عندما زاره الملك فيصل بن عبدالعزيز وكان يومها وزيراً للخارجية، استنكر عليه عندما شاهد أعلام كل الدول الإسلامية إلا السعودية، فأجابه بثقة العالم ورؤية المُفكر بلدكم ليست دولة يكفي أنها تعتنق المذهب الوهابي، وهذا المذهب يُكفر عامة المسلمين، وقبل أن يجيب فيصل شاهد علم اليمن آنذاك، خاطب الشيخ قائلاً: حتى علم اليمن موجود، قال نعم، اليمن دولة إسلامية عربية وأهلها يعتنقون مذهباً عادلاً وهو مذهب الإمام زيد بن علي، فاشتد غضب فيصل وغادر المكان، قال الشيخ مخلوف لمن حوله دعوه يغادر فالسعودية الآن تعتنق نبتة شيطانية ستحاول أن تدمر كل المسلمين وتنشر الضغائن والأحقاد بينهم، إنها في حالة لدد واللدّد صفة مذمومة خاصة إذا خالطت الدين أو كانت باسمه فإنها تتحول إلى نقمة، تذكرت هذا الكلام وأنا أستمع إلى رد أحد المواطنين أنا أعرفه أنه على خلق ويرتاد المساجد دائماً، استغربت عندما رأيته يتقهقر إلى الخلف ويغادر المسجد، سألته لماذا؟ قال أنا لا أصلي خلف الحوثة المنافقين حسب وصفه، استغربت كثيراً واستفزني الكلام وكدت أدخل في مشادة قوية معه لأن الرجل مدفوع من أشخاص حاقدين موتورين لا يدري ماذا يقول مع أنه يسيء إلى أعظم صفة تحلى بها اليمنيون على مر الدهور، وهي صفة التسامح والخلق القويم التي نالت إعجاب الكثيرين.

قال الشيخ أمير الدين الأميري – وهو من مؤسسي حركة الإخوان المسلمين، أثناء لقائه بمفتي الجمهورية الأسبق العلامة أحمد محمد زبارة «طيب الله ثراه» – لقد أعجبني كثيراً هذا التسامح والتآلف الموجود بينكم في المساجد خلافاً لما سمعته من إخواني في مصر والسعودية، ضحك المفتي زبارة وأجاب : إخوانك هؤلاء تأثروا بالوهابية التي تنفث الأحقاد والسموم في كل مكان ولا تتورع في توزيع التهم، وكذلك أشاد بالتآلف بين اليمنيين الشيخ راشد الغنوشي زعيم الإخوان المسلمين في تونس إلى حد أن أصحابه إخوان اليمن ضاقوا ذرعاً بأقواله وتركوه دون أن يودعوه، وهذا هو حالهم دائماً يكرهون الحق وينصرون الباطل، وليتني كنت أعرف ذلك الرجل الذي رفض الصلاة في المسجد المجاور لكي أفهمه أنه إنما حاول الإساءة إلى أعظم صفة تحلى بها اليمنيين وعرفوا بها منذ زمن مبكر، وهذا كان ناتجاً عن سماحة وقوة المذهب الزيدي الذي أجاز الصلاة خلف أي إمام يأتم به الناس دون البحث عن المذهب الذي ينتمي إليه .

وكما قال فقهاء المذهب إن هذه القاعدة جاءت من الإمام زيد عليه السلام حفاظاً على وحدة المسلمين وعدم التفريق بينهم، وكم أتمنى لو أن الكثير من المسلمين تخلوا عن التعصب المذهبي وانحازوا إلى الإسلام بصفاته العظيمة ومنهجه القويم الذي لا يفرق بين أحد، حتى أن الإمام علي لم يفرق بين المسلم وغير المسلم في اعتناق الدين، فقال عليه السلام ( الناس جميعاً سواسية أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ) أو كما قال .

فعلاً لقد كان الإمام علي إمام المتقين ويعسوب الموحدين نبراس الحقيقة ومنبع الإيمان الصادق، فهو الذي منه اغترف الكثير من الأئمة ومنه تعلم أئمة المذاهب، أقول المذاهب الإسلامية كما أسسها من ابتدأها بأن تكون مصدر إلهام وإثراء للفكر الإسلامي، لكن من جاءوا في الأخير حولوها إلى متارس وطلبوا من المصلين أن يحملوا البنادق كلما دخلوا المساجد، إنها مرحلة تدل على الخزي والعار الذي بلغنا إليه في ظل الفكر المتطرف، ومن أراد أن يعرف أكثر في هذا الجانب فعليه أن يتابع مسلسل معاوية بن أبي سفيان «عليه اللعنة»، أقول عليه اللعنة استناداً إلى ما ثبت عن الإمام العظيم الحسن البصري رضي الله عنه، حيث قال «لقد استحق معاوية لعن المسلمين لو لم يكن إلا أنه أمّرَ ابنه يزيد على رقاب الناس وهو يعلم ما هو عليه من الفسق والفجور وهذه صفة تكفي لأن يستحق اللعنة إلى يوم الدين» .

وفي الأخير أطلب من الجميع أن يعودوا إلى رُشدهم وأن يتركوا التعصب المذهبي والمناطقي وأن يكونوا فعلاً مسلمين كما أرادهم الله سبحانه وتعالى، أسأل الله الهداية لعامة المسلمين إنه على ما يشاء قدير.. والله من وراء القصد …

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com