قمة القاهرة الأخيرة .. مخرجات مخيبة للآمال وصنعاء تحذّر من استئناف عملياتها
أفق نيوز //
جاءت مخرجات القمة العربية التي عُقدت في العاصمة المصرية القاهرة الأربعاء الماضي مخيبة لآمال الشعوب العربية والإسلامية التي تتطلع إلى التحرر من قوى الهيمنة العالمية بقيادة “أمريكا وإسرائيل”، خصوصا في ظل المرحلة الحرجة التي تمر بها المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ورغم استمرار العدو الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا وأوروبيًا في خرق وقف إطلاق النار في غزة ولبنان وسوريا، كان يُفترض بالقادة والزعماء المشاركين في القمة اتخاذ مواقف أكثر حزما تجاه الكيان الصهيوني، الذي أدخل المنطقة في دوامة من الصراعات والعنف وارتكاب الجرائم والمجازر منذ أكثر من ثمانية عقود، راح ضحيتها مئات الآلاف، معظمهم في فلسطين.
صحيح أن القمة، التي أُطلق عليها “قمة فلسطين”، ركزت على القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للعالم العربي، إلا أن مخرجاتها اتسمت بنفس الخطاب الخجول والتقليدي الذي يؤكد على قيم التسامح والتعايش والاحترام المتبادل، في وقت لا يفهم فيه العدو الإسرائيلي ومن يقف وراءه سوى لغة القوة والمواجهة.
لم يستفد القادة العرب من دروس الماضي، حيث استمروا في الرهان على وعود أمريكية جوفاء بشأن حل الدولتين، وهي وعود أثبتت التجربة أنها مجرد تصريحات للاستهلاك السياسي لا أكثر، وقد جاء بيان القمة ليؤكد مرة أخرى على انتظار المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، للقيام بدوره في تنفيذ حل الدولتين، رغم أن المجتمع الدولي لم يُقدم خلال العقود الماضية أي حلول حقيقية للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي أو لأي أزمة دولية أخرى.
وفي حين يتمسك القادة العرب بما يسمى “مبادرة السلام العربية” المقدمة عام 2002م، والتي لم تعد صالحة في ظل المستجدات الحالية، يُواصل العدو الإسرائيلي وحلفاؤه الأمريكيون والبريطانيون جرائم القتل والتهجير القسري للفلسطينيين ونزع سلاح المقاومة والتوسع الاستيطاني، غير آبهين بكل تلك المبادرات الدبلوماسية.
لم تكتف القمة بتأكيدها على مبادرة السلام العربية، بل جددت رفضها لما وصفته بالعنف والتطرف والإرهاب، وهي عبارات أصبحت تستخدم لتجريم كل أشكال المقاومة المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي، في تناقض واضح مع مبادئ العدالة الدولية وحقوق الشعوب في الدفاع عن نفسها.
وبالنظر إلى تاريخ القمم العربية، نجد أن البيانات الختامية وخطابات القادة العرب، لا تجرؤ على توجيه انتقادات مباشرة للولايات المتحدة وإسرائيل أو التصدي لمخططاتهما الاستعمارية لكنها غالبا ما تأتي بصياغات دبلوماسية هزيلة لا تخرج عن دائرة التودد للغرب، وكأن هذه المخرجات تضع من قبل جواسيس أمريكا وأدواتها الاستخباراتية.
في مقابل هذا التخاذل، تبرز صنعاء بقيادتها الثورية والسياسية والعسكرية بموقفها الواضح والثابت تجاه القضية الفلسطينية، حيث أثبتت منذ ثورة 21 سبتمبر 2014 قدرتها على فرض معادلات جديدة على الأرض، بدءا من طرد القوات الأمريكية من اليمن، وصولا إلى دعم المقاومة الفلسطينية ميدانيًا.
وفي خطوة عملية، تدخلت صنعاء عسكريا إلى جانب المقاومة الفلسطينية عبر استهداف العدو الإسرائيلي بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، ومنعت مرور السفن المرتبطة بإسرائيل وأمريكا في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، في رسالة واضحة بأن مرحلة الهيمنة الغربية المطلقة على المنطقة قد انتهت.
ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، واصل العدو الصهيوني انتهاكاته، حيث سجل أكثر من 900 خرقا في قطاع غزة منذ 19 يناير الماضي، بالإضافة إلى استمرار إغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية، ما دفع صنعاء إلى تحذير إسرائيل من استئناف عملياتها العسكرية إذا استمر التصعيد ضد الشعب الفلسطيني.
وبهذا الموقف، تظل صنعاء ترسم الخطوط العريضة لمستقبل المنطقة بإرادة ثابتة لا تعرف المساومة، وبينما تتردد العواصم العربية في اتخاذ قرارات حاسمة، تؤكد صنعاء أن المقاومة الفعلية، وليس الخطابات، هي السبيل الوحيد لفرض معادلات جديدة على الأرض، فالتاريخ لا يرحم المتخاذلين، والشعوب لا تنسى من خذلها، والمستقبل لن يكون إلا لمن يمتلك قراره ويدافع عن حقوقه بكل قوة.