تمكن الجيش اليمني واللجان الشعبية من إسقاط اسطورة “بلاك ووتر” كبرى الشركات الأمنية في العالم على الإطلاق.
نشأت شركة بلاك ووتر عام 1997 كجيش خاص أسسه المسيحي المتطرف (أريك برانس) مع عدد من المنتمين لليمين المسيحي الأصولي المتطرف مثل “كوفر بلاك “الرئيس السابق لوحدة محاربة الإرهاب في “المخابرات المركزية الأمريكية” و”روبرت ريتشر” نائب رئيس الاستخبارات سابقا و”جوزيف شميتس” المفتش العام في البنتاجون سابقا. ، أما رئيس الشركة هو جاري جاكسون فهو أحد أفراد القوة الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية، وهم مرتبطون بالصهيونية العالمية.
وبحسب تقارير نشرت عام 2011، فإن الشركة تمتلك 2300 جندي خاص تم ترحيلهم إلى تسع دول، وتمتلك قاعدة بيانات ما يقارب 2100 جندي من القوى الخاصة السابقة وبما فيهم من عملاء قانونيين سابقين وتمتلك الشركة ما يقارب 20 طائرة بما فيها طائرات الهليكوبتر القنص، وعشرات المدرعات وتقوم على مساحة من الأرض مساحتها الرئيسية فقط 7000 هكتار في ولاية نورث كارولينا الأمريكية.
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الشركة في العراق إبان غزوها له في العقد الأول من هذا القرن، لتتخلص من الحرج الذي كانت تلاقيه الإدارة الأمريكية بسبب الخسائر في صفوف الجيش الأمريكي.
استخدمت الإدارة الأمريكية هذه الشركة في عدة دول أبرزها العراق وأفغانستان وسوريا، وأكرانيا، وشوهد مقاتلو بلاك ووتر يقاتلون بجوار الجماعات التكفيرية من “داعش” في العراق وسوريا واليمن.
وعرفت بلاك ووتر المنظمة الأخطر والأكثر سرية بارتكاب عدة جرائم ومجازر في العراق وأفغانستان، ولم يقدم عناصرها للمحاكمة لمنحهم حصانة من الملاحقة القضائية.
استعانت الولايات المتحدة بهذه الشركة لعدة أسباب أهمها، أن إدارة “البنتاغون” المخابرات الأمريكية لها لا تظهر إلى العلن، كما أنها أداة عملية وغير مكلفة سياسيا لفرض السياسة الأميركية في وقت لم يعد التدخل العسكري المباشر ممكناً لعوامل داخلية تتعلق بالرأي العام الأميركي من جهة، ولعوامل خارجية تتعلق بالقواعد التي يفرضها توازن القوى الدولي وانعكاساته في مناطق النزاع وفي مجلس الأمن، بالإضافة أن الإدارة الأمريكية لا تتحمل أي تبعات نتيجة فشل أو هزيمة أو مقتل عناصر الشركة في أماكن النزاعات التي تديرها.
الإمارات وبلاك ووتر
ارتبط “مؤسس شركة بلاك ووتر”ايرك برانس” بعلاقات شخصية مع الشيخ محمد بن زايد ولي عهد إمارة أبو ظبي، وانتقل للعيش في الإمارات في مارس 2010 هارباً من الملاحقة القانونية التي تعرضت لها شركته في الولايات المتحدة ، وأسس قوة سرية من المرتزقة، برأس مال قدره 21 مليون دولار في الإمارات.
وهو ما كشفته صحيفة نيويورك تايمز في 14 مايو 2011 حيث ذكرت أن ولي عهد أبو ظبي الشيخ تعاقد مع مؤسس شركة بلاك ووتر الأميركية إيريك برنس مقابل 529 مليون دولار لتشكيل قوة سرية من المرتزقة مؤلفة من 800 عنصر أجنبي لمساعدة الإمارات على التصدي لأي تهديد داخلي أو خارجي.
وبحسب الصحيفة فإن هدف تشكيل هذه القوة هو القيام بمهام عملياتية خاصة داخل الإمارات وخارجها وحماية أنابيب النفط وناطحات السحاب من أي هجمات إرهابية إضافة إلى إخماد أي ثورة داخلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإمارات يمكن أن تستعين بهذه القوة لمواجهة أي اضطرابات داخل المخيمات المزدحمة للعمال في الحقول النفطية أو مظاهرات مطالبة بالديمقراطية على غرار تلك التي اجتاحت العالم العربي ذاك العام.
واعترفت الإمارات بعد التزام الصمت لأشهر عدة بوجود جيش مصغر من العسكريين الأجانب تدير كتائبه شركات عدة أجنبية وخاصة. ففي منتصف مايو 2011 نقلت وكالة الأنباء الإماراتية بياناً رسمياً قالت فيه إن «المتعاقدين الأجانب أساسيون لتطوير القدرة العسكرية الإماراتية»، ولدعم جهود «القوات المسلحة الإماراتية في تدريب قوات الأمن العراقية والأفغانية للمساهمة في الاستقرار بالدولتين»
وما يثير الاستغراب أن الأمارات قالت بحاجتها للتعاقد مع شركات عسكرية وأمنية خاصة لحماية مؤسساتها ومبانيها، وفي الوقت نفسه تقوم بإرسال أكثر من 500 عنصر في قوات أمنية وعسكرية لمشاركة القوات السعودية في إنهاء الحراك الشعبي في البحرين.
الإمارات تجلب قتلة بلاك ووتر إلى اليمن
بعد الخسائر الجسيمة التي تلقتها الأمارات في عدوانها على اليمن، وبعد مقتل 67 من العسكريين الإماراتيين بينهم “أُمراء” في ضربة توشكا صافر بمأرب في 4 سبتمبر 2015 قررت أبو ظبي الاستعانة بمرتزقة بلاك ووتر للقتال عنهم في اليمن، وعقدت الإمارات والشركة صفقة بتوريد مئات المرتزقة من عصابات أمريكا الجنوبية مقابل مبالغ خيالية، وبحسب موقع “ديلي ماسنجر” فإن مقاتلي بلاك ووتر يتقاضون ألفَ دولار أسبوعياً كراتب معتمد لقتالهم في اليمن.
واشترطت بعض دول العدوان أن تكون مشاركة بلاك ووتر سرية لكي لا تثیر استیاء الشعب الیمني والشعوب العربیة نظراً للسمعة السیئة للشرکة وجرائمها في العراق وأفغانستان.
وتم اختيار800 من المرتزقة الكولومبيين الذين أرسلوا لليمن من بين 1.800 جندي من أمريكا اللاتينية تلقوا تدريبا في قاعدة عسكرية في صحراء الإمارات، وقبل سفرهم إلى اليمن تم منح كل واحد منهم رقما ورتبة عسكرية في الجيش الإماراتي. وهو ما أكدته جريدة “التايمز” البريطانية في الـ 29 من أكتوبر الماضي.
وكشفت مصادر صحفية في 20 ديسمبر عن إرسال الإمارات سرا تعزيزات إضافية بنحو 300 من المرتزقة الكولومبيين للقتال نيابة عن جيشها في اليمن، ضمن تحالف العدوان السعودي الأمريكي.
ورغم تكتم دول العدوان الشديد على مشاركة هذه الشركة في العدوان على اليمن إلا أن الخسائر البشرية الكبيرة لهذه الشركة أجبرت وسائل الإعلام العالمية للحديث عن سبب تواجد هذه الشركة في اليمن.
خسائر بلاك ووتر في اليمن
تمرغ أنف “بلاك ووتر” الأمريكية بالتراب اليمني، وحقق المقاتل اليمنية ما لم يستطع أحد قبله أن يفعله من قبل وأسقط أسطورة بلاك ووتر الأمريكية” وكبدها مئات القتلى والجرحى، وهو ما اضطرها إلى إعلان الانسحاب من اليمن.
وتؤكد المعلومات أن عشرات من كبار ضباط وجنود الشركة بلاك ووتر قتلوا في مواجهات مع المقاتلين اليمنيين في مناطق عدة أبرزها العمري وذباب القريبة من باب المندب ومناطق أخرى بين لحج وتعز جنوب اليمن.
وفي فبراير من العام الحالي سحبت شركة “بلاك ووتر” الأمريكية مرتزقتها من الأرض اليمنية، رغم الإغراءات المالية الكبيرة الإضافية التي عرضتها الإمارات، لتؤكد حجم الخسائر التي تلقتها الشركة خلال المواجهات.
وكشف موقع “نوفاروسيا” في 17 من فبراير الماضي إن مجموعة بلاك ووتر الأمريكية قد تخلت عن جبهة تعز في غرب اليمن بعد معاناة خسائر فادحة خلال شهرين.
وأكد الموقع على أنه قتل أكثر من 100 جندي من مرتزقة بلاك ووتر في جبهة تعز، من اثني عشر جنسية، من بينها الجنسية الكولومبية والأرجنتينية، ومع ذلك، كانت هناك أيضا خسائر من الولايات المتحدة، وأستراليا، وفرنسا وبريطانيا.
يشار هنا لدور المهم لقوة الاستطلاع والرصد في الجيش اليمني واللجان الشعبية في كشف خسائر دول العدوان، كما كان للدور الاستخباري أهمية كبيرة في كشف أسماء القتلى وجنسیاتهم بل ورتبهم العسكریة ما جعل العدوان في مأزق حقيقي.
وفيما يلي بعضاً من قتلى بلاك ووتر الذين قضوا في شهري ديسمبر ويناير وفبراير 2015م
ففي 8ديسمبر لقي مصرعه 14من عناصر بلاك ووتر بينهم قياديان، الأول مستشار بريطاني برتبة كولونيل، والآخر استرالي، إضافة إلى بريطاني آخر، وفرنسي وجنسيات أخرى.
وفي 9 ديسمبر قتل مسئول عمليات مرتزقة شركة بلاك ووتر الأمريكية من الجنسية المكسيكية ويدعي “ماسياس ياكنباه” في جبهة العمري أثناء مواجهاتٍ مع الجيش واللجان الشعبية، وفي 10 من الشهر نفسه قتل في جبهة كرش “فرناند لاموس ” أرجنتيني الجنسية .
وفي 11 من ذات الشهر، لقي مصرعه أحد عناصر الشركة ويدعى “ايزال فولدنشتاين”، خلال قصف مدفعي للجيش واللجان الشعبية استهدف تجمعاتهم في كرش .
وقتل في 14من الشهر نفسه الأمريكي “جورج إدغر ماهوني” أحد المتورطين في الجرائم التي ارتكبتها الشركة إبان تواجدها في العراق، كما قتل قائد كتيبة مرتزقة بلاك ووتر، الكولومبي كارل في ضربة صاروخ “توشكا” بالقرب من باب المندب، بالإضافة إلى إسرائيلي من أصل روسي يدعى “موشي كاسبروف” .
وشهد 17 ديسمبر مقتل أربعة من مرتزقة الشركة وهم إيطالي يدعى “ابيكي كاربوني ” ومرتزق من جنوب أفريقيا يدعى “مازول كنياتي” وعريف أمريكي من أصول باكستانية يدعى جاوير الطاف خان ومرتزق آخر يدعى صموئيل بريبوتاتانا رواندي بلاك وتر باتجاه منطقة حبيل سلمان وحول المرور في تعز.
ولقي أحد عناصر الشركة مصرعه ويدعي اليخاندرو تورينوس في 22 ديسمبر في منطقة الذباب، ولقي حتفه النقيب السابق في البحرية البريطانية “وليام كاسل” في اليوم التالي متأثرا بجراح أصيب بها، كما أصيب جنديان من الغزاة أحدهما أمريكي والآخر أفريقي، في قصف على تجمع للغزاة بمديرية ذباب.
وفي 2 يناير لقي أمريكي برتبة نقيب مصرعه وأصيب آخر فرنسي الجنسية في ذباب أيضا، وفي 7 من الشهر قتل عدد من مرتزقة شركة بلاك ووتر الأمريكية على أثناء تطهير السلسلة الجبلية في منطقة العمري جنوب.
وأصيب قائد القوات الإماراتية الغازية في اليمن وفرنسي تابع لشركة “بلاك ووتر”، واثنان آخران في 8 من الشهر نفسه في منطقة الصنمة غرب الوزاعية بتعز.
وقتل في 15 من ذات الشهر ثلاثة من عناصر الشركة بينهم ضابط بريطاني يدعى “دومنيك ستيلارك” في منطقة الصنمة بمديرية الوازعية أيضا.
وفي 31 يناير قتل عشرات المرتزقة بينهم القائد الجديد لشركة بلاك ووتر الكولونيل “نيكولاس بطرس” أمريكي الجنسية.
وفي 7 فبراير قتل 7 من البلاك ووتر لقوا مصرعهم فيما جرح 39 آخرون، كما فقدت البلاك ووتر كولومبيا وفنزويلياً واستراليا وكان الجيش واللجان الشعبية قد أعلن مقتلهم بمواجهات عنيفة في جبهة العمري.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” في 9 فبراير عن مصدر عسكري يمني أن شركة البلاك ووتر سحبت مرتزقتها من جبهة العمري في محافظة تعز، إثر خسائرها الفادحة، وهو ما حدث بالفعل .
شكلت الخسائر التي تلقتها بلاك ووتر صفعة قوية للإمارات الشريك الرئيس للعدوان الصهيوأمريكي على اليمن، وخيب أملها من جديد في تحقيق أي تقدم في جبهات القتال.
وخسرت الشركة الأمريكية “بلاك ووتر” سمعتها أمام قوة وصلابة المقاتل في الجيش اليمني واللجان الشعبية في و تثبت للجمیع أن الیمن لیس كغيره من البلدان، و أن المقاتل الیمنی یمتلك من الخبرة القتالیة و الكفاءة العسكرية والشجاعة ما يؤهله لدحر قوات الغزو مهما اقتنت من معدات حربية متطورة.