السعودية تزيح الستار عن مشروع يحقق حلمها القديم الجديد في بلوغ بحر العرب عبر اليمن “تقرير”
204
Share
تقرير -عبدالله بن عامر
بلوغ أقصى جنوب الجزيرة العربية حلم سعودي قديم بدأ مع تأسيس المملكة في ثلاثينات القرن الماضي .
ويتمثل الحلم السعودي في التمدد جنوباً حتى الوصول إلى بحر العرب عن طريق ضم أجزاء من اليمن في إطار ما كان يسمى بالسياسة التوسعية للمملكة والتي قادت في مراحلها الأولى لضم اجزاء واسعة من الجزيرة العربية الأمر الذي أحدث خلافات حدودية بين المملكة وكلاً من اليمن وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت .
ومع نجاح الثورة الإسلامية في إيران 1979م تضاعفت المخاوف السعودية من إقدام نظام طهران على إغلاق مضيق هرمز ما يهدد النفط الخليجي عموماً والسعودي تحديداً ويعيق حركة التجارة ويضع دول الخليج تحت رحمة النظام الإيراني .
لم تخفي المملكة رغبتها في الوصول إلى بحر العرب كبديل يضمن لها الخروج من هيمنة إيران على مضيق هرمز إلا أن التحولات السياسية في اليمن حالت دون هيمنة المملكة السعودية على الشطر الجنوبي الذي أصبح مطلع السبعينات من ضمن المعسكر الشرقي مع ما كان يُعرف بالإتحاد السوفياتي حتى العام 1990م .
أعقب إعلان الوحدة اليمنية أزمات سياسية مع المملكة السعودية بدأت بموقف الرياض من الوحدة وأيضاً من حرب صيف 1994م ناهيك عن الخلافات الحدودية والضغوطات السعودية الهادفة لتخلي اليمن عن المطالبة بما كان يعرف بالمخلاف السليماني (عسير ونجران وجيزان) .
المشروع من السرية إلى العلن :
ورغم أن الدراسات والأبحاث حول إمكانية مد أنبوب نفطي من آبار النفط السعودية في المنطقة الشرقية إلى شواطئ البحر العربي ظلت طي الكتمان إلا أن ما كشفه موقع ويكليكس أكد إستمرار المملكة في العمل من أجل تهيئة الظروف لمشروع تمددها جنوباً حتى يصبح حيز التنفيذ .
من الوثائق المنشورة في ويكليكس عن التوسع جنوباً وثيقة تتحدث عن لجنة شكلها النظام السعودي تولت دارسة المشروع تضم قيادات رفيعة من الإستخبارات والجيش والأمن والخارجية .
حينها كانت المملكة تعزز من حضورها في حضرموت اليمنية عبر منح الحضارم إمتيازات بلغت حد منح الجنسية مستغلةً حالة الصراعات المستمرة بين مختلف الأطراف اليمنية إلا أنها لم تتمكن من فرض مشروعها لتبحث عن بدائل أخرى كمد أنابيب إضافية إلى البحر الأحمر سيما في مراحل الخلافات المستمرة التي تطورت إلى حرب الوديعة والشرورة مع اليمن الديمقراطية 1969م وإشتباكات حدودية 1993م مع دولة الوحدة أنتهت بوساطة الجمهورية العربية السورية.
لتعود المملكة مجدداً للحديث عن الوصول إلى بحر العرب ففي الثلاثاء 19إبريل 2016م نشرت صحيفة عكاظ السعودية تقريراً حول إستكمال الخطوات الإجرائية لدراسة مشروع القناة البحرية التي تربط الخليج العربي ببحر العرب والتي سيطلق عليها إسم “قناة سلمان”.
ووصفت الصحيفة في تقريرها المشروع بأنه سيكون القناة المائية الأكبر في تاريخ القنوات المائية الصناعية في العالم حيث يبلغ طول القناة 1000كيلومتر منها 600كيلو متر داخل الأراضي السعودية وحوالي 400كيلو متر ضمن الأراضي اليمنية .
من مد أنابيب نفط إلى قناة مائية :
تتحدث مصادر تاريخية من أن المملكة كانت ترغب في مد انابيب نفطية عبر الأراضي اليمنية الى البحر العربي ما سيحقق أرباحاً إقتصادية ويوفر مليارات الدولارات للمملكة قبل أن تعلن وسائل إعلامية سعودية عن مشروع قناة مائية بحسب دراسة أصدرتها الهيئة السعودية للمهندسين وهي الدراسة الثانية المعلنه عن نفس المشروع .
ومن المتوقع ان تخترق القناة المائية الأراضي اليمنية من جهة محافظتي المهرة وحضرموت وذلك لصعوبة تنفيذ المشروع من الأراضي العُمانية لأسباب جغرافية وسياسية .
ويأتي إهتمام المملكة بحضرموت شرق اليمن حسب آراء كتاب يمنيين ضمن المحاولات المستمرة لتهيئة الظروف لتنفيذ المشروع والتي كان آخرها فرض تقسيم اليمن إلى أقاليم عبر مؤتمر الحوار بحيث تصبح حضرموت والمهرة في أقليم واحد ما يحقق للمملكة هدفها بالنظر إلى نفوذها الكبير وعلاقاتها مع القبائل الحضرمية .
ويمنح “النظام الإتحادي” حسب مشروع مخرجات الحوار الأقاليم صلاحيات واسعة قد تقود في نهاية المطاف إلى البعية الكاملة لأي قوة أو دولة أقليمية أو عالمية .
لا تعليق من الجانب اليمني :
منذ سنوات والجانب اليمني الرسمي يرفض التعليق على الطموح السعودي في الوصول إلى بحر العرب غير أن تناولات تاريخية وفكرية وسياسية تطرقت إلى ما أسمتها “الأطماع السعودية في حضرموت” والتي بلغت حد تمويل ودعم لتحالفات قبلية في حضرموت ورعاية تجمعات كبيرة لحضارم في المملكة السعودية سيما مع إنطلاق مؤتمر الحوار الوطني 2013م .
ويُعد تطرق التلفزيون اليمني في ستمبر 2015م لمحاولة السعودية التوسع نحو بحر العرب ضمن أسباب الحرب الأخيرة هو التناول الإعلامي الوحيد حتى اللحظة من الجانب اليمني الرسمي حيث لم يسبق لصنعاء التعليق على المشروع السعودي القديم الجديد ولا يوجد أي أبحاث أو دراسات أو حتى مواقف يمكن التطرق إليها ونحن بصدد رصد أي ردة فعل من الجانب اليمني .
أسباب إقتصادية للحرب :
تحاول المملكة بعد تدخلها العسكري في اليمن وعبر الأطراف اليمنية الموالية لها التأكيد على تنفيذ مخرجات الحوار منها ما يتعلق بالتحوّل إلى النظام الإتحادي الذي يقسم اليمن إلى 6أقاليم وهو ما ترفضه قوى يمنية.
ولم تستبعد مصادر سياسية في صنعاء أن يكون حديث الإعلام الرسمي في السعودية حول مشروع قناة سلمان وفي هذا التوقيت له علاقة بالمشاورات والتفاهمات الجارية سيما بعد أن تحدثت وسائل إعلامية عن حصول الإمارات العربية على إمتيازات كبيرة في جزيرة سقطرى اليمنية وبعد حديث مستشار الملك السعودي أنور عشقي عن مشروع آخر للربط بين قارتي آسيا وأفريقيا عن طريق مد جسر بين اليمن وجيبوتي عبر مضيق باب المندب وإفصاحه عن حقل نفطي واعد يقع في منطقة الربع الخالي بين السعودية واليمن .
كل ذلك دفع إلى تعزيز الربط بين الحرب الدائرة في اليمن وبين الطموحات السعودية وعلى رأسها الإقتصادية والمتعلقة بالثروات الطبيعية والموقع الإستراتيجي المهم لليمن .
صعوبات أمام المشروع :
تقف الظروف المعقدة التي يعيشها اليمن من صراعات بين مختلف الاطراف عائقاً أمام الحلم السعودي ناهيك عن الصعوبات السياسية والجغرافية والإقتصادية والأمنية والتي كان للتدخل العسكري بقيادة السعودية الأثر الكبير في تعقيد المشهد وتأجيج الصراع وهو ما شكل في نهاية المطاف مواقف تتبناها قوى لها حضور كبير في الخارطة السياسية ترى للمملكة كدولة معادية ناهيك عن إعتبار غالبية اليمنيين السعودية دولة توسعية لها اطماع في بلادهم وينبغي مواجهتها .
وأخيراً ..
على ما يبدو للمتابع أن دول ما يسمى التحالف قد بدأت بالفعل تتوزع الكعكة اليمنية فيما تحاول المملكة الإستحواذ على نصيب الأسد سيما بعد أن تمكنت الإمارات من بسط نفوذها على جزيرة سقطرى وعلى بعض المناطق في المحافظات الجنوبية منها ميناء عدن .