مجزرة الصراري.. شاهد جديد على العدوان السعودي “تقرير”
يمانيون../
مجزرة جديدة تشهدها الأراضي اليمنية في قرية الصراري بمحافظة تعز؛ عمليات خطف وإعدام وحرق للمنازل والمقابر والأضرحة، ترتكبها جماعات متطرفة تابعة للتنظيم الإرهابي داعش، فبعد عام من حصار القرية حصارًا خانقًا وضربها بمختلف الأسلحة الثقيلة لمدة أسبوعين متتاليين، جاء الوقت ليكتمل إرهاب المتطرفين، فاختاروا اقتحام القرية بمئات المسلحين وارتكاب مجازر بحق من بقى من أهلها ليسقط أكثر من 50 مدنيًّا حرقًا وذبحًا.
ونفذت مؤخرًا الجماعات المسلحة المتطرفة اقتحامًا على حدود قرية الصراري قبل أيام، حيث تعرضت القرية خلال الأسبوع الماضي إلى وابل كثيف من القصف الصاروخي والمدفعي ومختلف أنواع الأسلحة، قادته جماعات مسلحة في محاولة لاقتحام القرية والسيطرة عليها، لكن مجموعات الأهالي بمساندة الجيش واللجان الشعبية، تمكنت مرارًا من إفشال هذه المحاولات، لكن كثرة المحاولات ودعم التحالف السعودي لهذه الجماعات المسلحة أدت في النهاية إلى إنجاح محاولاتهم والتمكن من دخول القرية.
عقب اقتحام الجماعات المسلحة لقرية الصراري بدأت حملات الاعتقال لما تبقى من رجال القرية وخطف نسائها وأطفالها، حيث اقتادت الجماعات المسلحة أكثر من 45 رجلًا من أهالي المنطقة إلى جهة مجهولة من ضمنهم 15 مسنًّا، فيما تم تجميع النساء والأطفال في مبنى المدرسة في القرية، واحتجز 35 امرأة مع أطفالهم الرضع في مدرسة حصبان وعدد آخر من النساء والأطفال الرضع في منطقة التربة، كما تم خطف 45 طفلًا من أمهاتهم إلى جهة مجهولة، إضافة إلى إحراق عشرات البيوت في القرية المنكوبة، كما حفر الإرهابيين قبر الشيخ الصوفي، جمال الدين، المتوفى منذ نحو 440 عامًا وأخرجوا جثمانه واحرقوه، قبل أن يدمروا الضريح مع إحراق المسجد المقام فوقه.
بعد ساعات من اقتحام القرية، خرجت تسجيلات فيديو وزعها التكفيريون تظهر المسلحين الذين عقدوا مؤتمرًا صحفيًّا للاحتفال بإسقاط القرية، وكشفت التسجيلات عن أن قادة الجماعات المسلحة الذين يخوضون الحرب في تعز هم المسؤولون المباشرون عما يجري، وأبرزهم حمود المخلافي الذي يتبع السعودية، والداعشي عادل عبده فارع، الملقب بأبو العباس، الذي يتبع لدولة الإمارات، وهو يتولى المسؤولية الميدانية المباشرة عن عملية الاقتحام والتهجير والقتل والاعتقال، وأيضًا القيادي السابق في تنظيم القاعدة، المدعو عدنان زريق، الذي عينه الرئيس اليمني الفار، عبد ربه منصور هادي، قائدًا لما يسمى المقاومة الشعبية في تعز.
وحمَّل المجلس السياسي لأنصار الله مسؤولية مجزرة الصراري لتحالف العدوان السعودي، حيث قال المجلس: إن التحالف السعودي الأمريكي ومرتزقته وكل المنضوين تحته من الأحزاب السياسية، تتحمل كامل المسؤولية عن الجرائم الوحشية التي ارتكبت في قرى الصراري وما سبقها في مشرعة وحدنان، وحذر المجلس السياسي من ارتكاب أي جرائم بحق المختطفين، مؤكدًا أنها لن تمر دون عقاب ولن تسقط بالتقادم، وطالب الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بسرعة النهوض بمسؤولياتهم تجاه الجرائم والممارسات الوحشية التي يتعرض لها الشعب اليمني عامة وقرى الصراري خاصة.
من جهته، أكد الوفد اليمني، المشارك في مشاورات الكويت، احتفاظه بحق اتخاذ الموقف الذي يراه مناسبًا خلال الأيام المقبلة تجاه التصعيد الخطير من قِبَل العدوان ومرتزقته الذي يحظى بتواطؤ دولي فاضح، بارتكاب الجرائم الوحشية في قرى الصراري، واستنكر الوفد تقاعس الأمم المتحدة عن القيام بدورها وتحمل مسؤوليتها في هذا الشأن، خاصة أنها ترعى مشاورات السلام الجارية في الكويت، ناهيك عن رعايتها لاتفاق وقف الأعمال القتالية المعلن في العاشر من أبريل الماضي، الذي لم يلتزم به العدوان ومرتزقته منذ اليوم الأول.
الانتقادات اليمنية الداخلية لم تتوقف عند ممثلي أنصار الله والوفد المفاوض في مشاورات الكويت، بل وصلت إلى المجلسين الإسلاميين الصوفي والشافعي، اللذين أصدرا بيانًا مشتركًا أدانا فيه الأحداث المؤسفة التي ارتكبها مجرموا الدواعش، حملة الفكر الوهابي المدمر بحق أبناء قرية الصراري والقرى المجاورة لها، وقال المجلسان: إن الدواعش ارتكبوا أبشع الجرائم، من تهجير أهل القرى وأسر أعداد كبيرة من الناس، وتهديم البيوت وإحراقها وعلى رأس جرائمهم إحراق الزاوية المحمدية ومكتبتها العظيمة التي تعتبر أكبر مكتبه علمية صوفيه شاملة في مدينة تعز وفي اليمن، وكذلك إحراق مسجد ولي الله جمال الدين، المسجد التاريخي في المنطقة، ونبش قبر هذا الولي الكريم.
يأتي هذا العدوان الذي ضرب قرية الصراري على مسمع ومرآى من دول العالم أجمع، في الوقت الذي من المفترض أن تسود فيه الأجواء اليمنية هدنة واتفاق وقف إطلاق النار أعلنت كل القوى السياسية والعسكرية الالتزام بها تحت رعاية الأمم المتحدة، الأمر الذي دفع لجنة التهدئة في اليمن إلى تحميل الأمم المتحدة مسؤولية ما يجري في قرية الصراري، كونها لم تقم بواجبها في حماية المدنيين وتنفيذ الاتفاقات، وطالبت اللجنة الأمم المتحدة والمنظمات للتحرك الجاد والسريع وتحمل مسؤليتها تجاه أبناء الصراري، وبالتدخل السريع لإيقاف المجازر والمذابح بحق أبناء البلدة.
مجزرة قرية الصراري بمحافظة تعز لم تكن الأولى التي تشهدها الأراضي اليمنية، فقد سبقتها العديد من المجازر والمذابح في تعز وصنعاء ولحج والحديدة، ورغم ارتفاع عدد الضحايا، إلَّا أننا لم نر أي خطوة دولية تم اتخاذها من قِبَل المنظمات الأممية والحقوقية، أو حتى لم نسمع صوتًا دوليًّا منددًا أو مستنكرًا لها.
البديل | هدير محمود |