أفق نيوز
الخبر بلا حدود

في وداع سهيل اليماني

232

 

عباس الديلمي

حقــا إن المصائب قد تأتي مجتمعة، فها أنا أفقد الجناح الذي حملني محلقاً في ســماء الوطــن العربي من محيطه إلى خليجه..

وواحدا من أوفى الأصدقاء وأصدقهم.. وشريكا في ترتيل الكلمات لأنبل هدف وأعظم انتصار يحرزه اليمن. رحــل ذلكم المبدع الإنســان فأحسســت أن ُ جناحــا قويا ينكسر وينتــزع من بني أضلعي وأن أحــد عــشر كوكبــا تبكــى معــي.. بل أن ألفــاً وثلاثمائــة كوكــب تبكى فراقــه معي ..

لعل الكثيرين عرفوا مــن أعني، إنه صديقي الحميم الموسيقار سهيل عرفة، النجم الذي كان ضــوؤه يشــع مــن ســماء الشــام ولكنــي قلــت له ذات يــوم..

إن حبك لليمــن يجعلني أعتقــد أن إمــام شــعراء التصــوف الفلســفي محيي الدين بن عربي، يقصدك أنت بالقول “وسهيل إذا استهل يماني”.

بعــد أن عرفتم من أبكى فراقه أقول من هي الأحد عشر كوكبا التي تبكيه معي إنها القصائد الغنائية التي أسعدني بتلحينها وإطلاقها في سماء الوطن العربي من محيطه إلى خليجــه وإلى مــا هو أبعد مــن ذلك وأما الألــف والثلاثمائة كوكــب التــي تشــاركني البــكاء فألحانــه التــي ابدعها في مســيرته الفنية وزين بها كثيرا من الفنانــني العرب..

ولهذا أقــول أن صديقــي لم يمــت بل ســيظل في القلــوب مخلدا كأمثالــه مــن المبدعــني الذيــن لا يموتون ولكنهــم يرحلون بأجســادهم عن الناس حتى يتم اللقاء في يوم موعده عند الله وحده لا شريك له.

موقفــان لن أنســاهما له أولهمــا عند فوز قصيدتــي “المحبــة” ألحــان أحمد بــن غودل وأداء الفنــان نجيــب ســعيد ثابــت بالجائزة الأولى في مســابقة مهرجــان الأغنية العربية عــام 2008م وكيف أحسســت وهــو يبارك لي ذلــك الفوز أنــه اصدق من يهنئ ويشــاركني فرحة الفوز.

أمــا الثاني فــكان قبل أيام عندمــا رن هاتفي وعرفت أن المتصــل هو ســهيل عرفة أجبته بحــرارة وشــوق فإذا بي أســمع صوتا حزينا يطلب مني أن أحدثه وهو يستمع عبر ســماعة الهاتف لأنه يريد ســماع صوتي، ولا يســتطيع أن يتكلــم ..

فحزنــت لذلك كثيرا وقــد تمازج حزنــي بإجلالي لوفــاء صديق يحــرص أن يســتمع صوت صديقــه قبل أن يفــارق الحيــاة إنه لموقف عظيم لرجل نبيــل كيف لا أبكيه وأحزنه.

إنه شريكي في حب اليمن ومناجاة وحدته المباركــة منــذ العــام 1982م عندمــا كانــت البدايــة بنشــيد “تفديــك يــا يمن” التــي جاء فيهــا في وحدة تقودنــا إلى النهوض بالوطن: تقدمــي مشــاعلاً مشــعة عــلى الوطــن.. وبوركت مســيرة عــلى طريق ذي يــزن فقال لي :

إنــك تخاطــب وحــدة اليمــن وكأنهــا قد تحققت فقلت له: لأني على ثقة تامة من أنها ســتتحقق وســيكون هــذا النشــيد في صدارة المســتقبلني لنصرهــا.. هكذا أجبتــه وهذا ما تحقق في الـ22 مايو 1990م.

الرحمة تغشــاه فمنذ بدأ التآمر على ســورية واليمن في العــام 2011م وهو لا يحدثني عــبر الهاتف إلاّ ويقول: نحن في خنــدق واحــد ..

حقا إنه ســهيل اليماني ولــو لم يكن ما أبدعه في حــب اليمن ووحدتــه إلاّ “صباح الخــير ياوطنا” و”نفديــك يــا يمــن” و”يمــن الشــموخ” و”يمــن الأمجاد” قــال لي ونحــن في منتــزه الزيدالي بدمشــق ُ و”جاء نصر الله” لكفي لقولنا: سهيل منا أهل اليمن.

: أريــد أن الحــن أغنيــة بالعاميــة اليمنيــة فقلــت له وأنا أريد أن اكتــب غنائية باللهجة الســورية، فتم الاتفاق فكتبــت له غنائية “ما كان عــلى بالي” بالعامية الســورية، وســلمته غنائيــة “في مزهريــات روحي” التــي غناها الفنــان أيوب طــارش، فقــام بتلحينهما وتم اختيار ابنته أمل لأدائهما.

رحــم اللــه عاشــق اليمــن .. والنجــم الذي اســتحق أن وعزائي لأبنائه وكل محبيه وخســارننا لاتقل عن خسارة ُي ُ ســمى ســهيلاً “نجــم الخــير وعطــاء الســماء في اليمن” الشام.

صحيفة الثورة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com