وكالة بلومبيرغ الامريكية .. تكشف أن السعودية خدعت ترامب بشأن قطر بهذه الطريقة
يمانيون – وكالات
طغى التركيز على شهادة جيمس كومي، المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي، في مجلس الشيوخ الأمريكي الأسبوع الماضي، وكشفه أن الرئيس دونالد ترامب طلب منه التخلي عن التحقيق في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، طغى هذا على تطور آخر مثير للقلق متصل بترامب: التفكك بين السعودية وثلاثة شركاء عرب من جانب، وقطر، حليف الولايات المتحدة القوي، من الجانب الآخر.
لقد تسبب ترامب في المشكلة، بعد أن تلاعب به السعوديون -بحسب وكالة بلومبيرغ– ثم تفاخر بذلك على تويتر. ويتمثل التحدي الآن في معرفة كيفية إصلاح الكارثة الدبلوماسية المصغرة دون إعلان ترامب عن تغيير موقفه، وهي خطوة لم يبد ميلاً لاتخاذها.
لفهم ما حدث- وكيفية إصلاحه- عليك أن تبدأ من قطر، التي تستضيف قاعدة جوية أمريكية ضخمة، وهي مركز انطلاق حملات الجيش الأمريكي على أفغانستان وسوريا والعراق.
حتى الآن، لعبت قطر دوراً في إحداث توازن إقليمي ضد الهيمنة السعودية على الخليج العربي. والأهم من ذلك أنها تستضيف قناة الجزيرة، وهي الشبكة الإخبارية العربية الرائدة.
وكان عذر السعودية الظاهري لقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر هو رعايتها للإرهاب. ولكن السبب الحقيقي -بحسب وكالة بلومبيرغ– هو أن تعليقات ترامب على زيارته للمملكة العربية السعودية في مايو/ أيار أعطت المملكة ذريعة لاتخاذ خطوات ضد منافس تعتبره شوكة في جانبها ومصدر خطير للأخبار الحرجة.
لم يكن ترامب يقصد أن يتسبب في قطع العلاقات – على الأقل ليس في البداية. في الواقع، من الواضح من تعليقاته على تويتر الأسبوع الماضي أن السعوديين خدعوه، بحسب الوكالة.
فقد قال ترامب خلال زيارته للشرق الأوسط إنه أبلغ القادة العرب أنه يريد وقف “تمويل الأيديولوجية الراديكالية”.
لكن القادة الحاضرين، على حد قول ترامب، أشاروا على الفور إلى قطر.
During my recent trip to the Middle East I stated that there can no longer be funding of Radical Ideology. Leaders pointed to Qatar – look!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) June 6, 2017
وترى وكالة بلومبيرغ، إن ترامب لم يكن ذكياً بما فيه الكفاية لكي يدرك أن هذه كانت وسيلة لصرف الانتباه عن السعوديين في الوقت الذي يلمح فيه إلى إمكانية اتخاذ إجراءات ضد قطر. وبذلك ابتلع ترامب الطعم.
لقد أعطى ذلك للسعودية من الثقة ما يكفي في دعم ترامب لعزل قطر، وهو أمر سبق أن امتنع عن القيام به بسبب التحالف العسكري الأمريكي الوثيق مع ذلك البلد.
لقد نجحت الخطة السعودية. وبدلاً من الإعراب عن الفزع إزاء الخلاف بين الحلفاء الإقليميين الرئيسيين، بادر ترامب على الفور بالاعتراف بالخطوة السعودية.
يمكن التدليل على أن هذه لم تكن خطة ترامب بثلاثة أشياء:
أولاً، وصف ترامب لقطر في خطابه بالسعودية بأنها “شريك استراتيجي هام”.
ثانيا، هناك القلق الذي أعرب عنه الجيش أمريكي بعد الخطوة السعودية وتأييد ترامب لها. وقال متحدث باسم الجيش في البداية إنه لا يستطيع “التوفيق” بين “تغريدة” ترامب والسياسة الأميركية. وفي وقت لاحق، واصل البنتاغون التأكيد على “التزام قطر الدائم بالأمن الإقليمي”. مما يعجب له: تمركز أكثر من 11،000 من جنود القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها في القاعدة الجوية الاستراتيجية في قطر.
ثالثاً، دعا وزير الخارجية ريكس تيلرسون الدول العربية إلى وقف الحصار على قطر بينما يواصل ترامب الإشادة بهذه الخطوة، وهو تناقض أشار إليه السيناتور كريس مورفي، نائب كونيتيكت، على تويتر.
Tillerson strongly opposes blockade. @POTUS tweeted enthusiastic support. I don't think this is how foreign policy is supposed to work. https://t.co/Iat5T8KIWv
— Chris Murphy (@ChrisMurphyCT) June 9, 2017
ومن هذا المنطلق، فإن ترامب لم ير تطورات حصار قطر قادمة. على ما يبدو أنه لم يفهم، سواء حين كان في السعودية أو بعد ذلك، مدى أهمية قطر للولايات المتحدة.
كيف يمكن إذا حل الأزمة؟
لا يمكن للولايات المتحدة أن تخسر قطر فعلياً، مهما قال ترامب في تغريداته. انها ليست من الدول المارقة. إنها حليف إقليمي ضروري. وعلاوة على ذلك، إذا أبعدت الولايات المتحدة قطر، فإن الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى ستنتهز الفرصة لتحل محلها.
وسيكون السيناريو الأسوأ هو توطيد العلاقات بين قطر وإيران وروسيا، اللتان تحاولان الاستفادة من خطأ ترامب. تركيا، وهي حليفة الولايات المتحدة تزداد قرباً من روسيا وإيران، قد ألقت بالفعل إلى قطر طوق نجاة في صورة سلع تحل محل تلك التي لم تعد تأتي من الخليج.
وتقول وكالة بلومبيرغ: تريد السعودية أن تُضعِف حاكم قطر، الشيخ تميم بن حمد الثاني، أو أن تقوم باستبداله، وهو ما سيعتبر نتيجة مفزعة، لأن تميم حليف وطيد للولايات المتحدة . إن تغيير النظام في قطر بإيعاز من السعودية سيرسل رسالة فحواها أن السعودية هي التي بيدها زمام الأمر وليس واشنطن.
من الرائع أن يتراجع ترامب في تعليقاته، لكن بالنظر إلى ممارساته السابقة فليس من المتوقع أن يحدث ذلك.
تعتبر النتيجة الأقل سوءاً هي أن تُقدم قطر تنازلات خفيفة لتُرضي بها السعودية، وتكون وسيلة لحفظ ماء وجه ترامب، والتأكيد على دعم الولايات المتحدة.
على سبيل المثال ربما توافق قطر -بحسب الوكالة- على كبح جماح علاقاتها مع حماس والتي تدعمها كما تدعم الفروع الأخرى لتنظيم الإخوان المسلمين العالمي.
وبالفعل أظهرت قطر تأثيرها المثمر على حماس من خلال حث الفلسطينيين على إعلان قبولهم بحل إقامة الدولتين فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي. قد يساعد المزيد من ضبط النفس من قبل حماس في إنجاح مبادرة السلام السعودية الأمريكية، إذا ما استمر تنفيذها.
ويعتبر الخيار الآخر لقطر. كما ذهبت إليه وكالة بلومبيرغ، هو تهدئة علاقتها مع إيران بالرغم من أن ذلك قد يكون صعباً لأن الدولتين تشتركان معاً في حصة الغاز الطبيعي.
وأخيراً هناك شبكة الجزيرة الإخبارية التي تستضيفها قطر وتُمولها، والتي تكرهها السعودية. وقد اعتادت الشبكة الإخبارية -بحسب الوكالة- على انتقاد ونشر تقارير سلبية حول من تُحبهم السعودية في المنطقة باستثناء انتقادها قطر. قد يكون من المخجل أن تتقلص مساحة الحرية المتاحة للشبكة لكن القيام بذلك قد يقلل من التوتر في العلاقات السعودية القطرية .
ويذكر هنا أن السعودية لا تهتم بتمويل قطر لـ”الإرهابيين”:، ولكن ينصب تركيزها على دور قطر الإقليمي الذي تنافس فيه السعودية على زعامة منطقة الخليج، وكذلك تهتم بالنقد العام الذي تقدمه شبكة الجزيرة.
وختمت الوكالة: ينبغي على الولايات المتحدة الآن أن تتخذ خطواتها لمعالجة الاختلافات الفعلية بين حلفائها، وإلا فقد يتسبب خطأ ترامب في الإضرار بمصالحها.