“السعودية” بين فـكي الاعتقالات والإقامة الجبرية
يمانيون – متابعات :
تتدحــرج كــرة الاعتقــالات في “مملكــة الصمت” وتتوسع يوماً بعد يوم لتطال شريحة كبيرة مــن علمــاء الديــن والمثقفين والخبراء بعد شــهر على انطلاقها بحيــث وصفت تلك الاعتقــالات بمــا يشــبه “الإخفــاء القــسري” بحســب مــا عبر عنــه بعض الناشــطون على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
وبعدما هبت عاصفــة الاعتقــالات في 9 سبتمبر 2017م في السعودية وطالت رياحها عدداً كبيراً من العلماء السعوديين والمفكرين والأكاديميــين والقضاة، بلغ عدد معتقـلي الرأي 76 شخصا من كبار الرجال البارزين في السعودية حتى تاريــخ 2017/10/31م -بحسب ما أفاد حساب معتقلي الرأي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
ولا تنتهــي الحملــة بالاعتقــالات فقــط لتتوســع الاجــراءات المتخــذة مــن السلطات السعوديــة لتصــدر قــرارات جديــدة بفــرض الاقامــة الجبريــة ومنــع السفر خــارج البلاد بحق 27 شـخصا، حيث ضمت القائمة دعاة وإعلاميين، وكتابــا، ومغردين بارزيــن، وجاء على رأسها الشيخ محمد العريفي، والإعلامي أحمــد الشــقيري.
كما ضمــت القائمة كلا من الدعــاة: ناصر العمر، محســن العواجي، عبد العزيز الفوزان، وغيرهم.
وضمت أيضا المحامي عبدالله الناصري، والإعلامي ســعد التويم، والكاتب زهير كتبي، والاقتصادي حمـزة السالم، إضافة إلى عضو مجلس الشــورى السابق أحمد التويجري، والكاتبين زيــاد الدريــس، ومحمــد معــروف الشيباني، والطبيب وليد الفتيحي.
واحتوت القائمة على ثلاث أكاديميات، هن ريم آل عاطف، ونورة السعد، ونوال العيد.
تجدر الإشارة إلى أن الحملة لم يسلم منها أفــراد العائلــة الحاكمة حيث اعتقـل جهاز أمـن الدولــة السعـودي في وقت ســابق الأمير عبدالعزيـز بن فهـد، الذي عـرف بانتقاداته للأوضاع في السعوديــة، وبعضها كان موجها بشكل غير مباشر للحكم وحلفائه.
إجراءات تعسفية بحق حقوق الإنسان و بعــد الاعتقال تقوم السلطات السعودية بإخفاء المعتقلين، في شقق سرية تابعة لجهاز أمن الدولة الذي يشرف عليه ولي العهد محمد بن ســلمان، حيث يعانــي الكثير منهم مــن تعســف في الاعتقــال، وظــروف صحيــة سيئة.
ويتــم منــع الأدويــة، عــن المعتقلين، مثل الأكاديمــي مصطفــى الحســن الــذي يعاني مــن مــرض السرطــان، والأكاديميــة رقيــة المحــارب التي منــع عنها الدواء، عــدة مرات، رغــم معاناتهــا من أمــراض مزمنــة كالضغط والسكري.
ويتعــرض السجين السيــاسي لسلسلــة مــن الانتهاكــات لحقوقه الأساســية بشــكل مستمر، وبالإمكان القــول إنها منهجية لأنها تجري بشــكل دوري ومتكــرر حتى أصبحت روتينــاً يومياً وبعلم من القيــادات العليا دون أي تدخــل لإيقــاف هذه الممارســات الخطيرة بحيــث تتعــدد هــذه الانتهاكــات لتتمثــل بالضرب والتعذيب، الحبس الانفرادي لأشهر طويلــة ، الإهمال الصحي المتعمد للمعتقل السيـاسي وكل الأساليب تصـب في انتهاك حقوق الإنسان.
تنديد بحملة الاعتقالات ومن جهتها نددت منظمة “هيومن رايتس ووتــش”، بحملــة الاعتقــالات في السعوديــة، والتي أوقفــت خلالها السلطــات عشرات من رجــال الديــن والمثقفين والنشــطاء، موجهة انتقــادات لولي العهد محمد بن ســلمان، على خلفية محاربة حرية التعبير في المملكة.
وقالت سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوســط في “هيومن رايتس ووتش”، إن “هذه الاعتقــالات التــي لها دوافــع سياســية فيما يبــدو، هي علامــة أخــرى عــلى أن محمد بن ســلمان غــير مهتــم بتحسني ســجل بلاده في حريــة التعبــير وســيادة القانــون”.
وأضافت المنظمــة التــي يوجد مقرها في نيويــورك، “إن الاعتقــالات “تتناســب مــع نمــط انتهاكــات حقــوق الإنســان ضــد المناصرين والمنشقين السلميين، بمــا فيهــا المضايقــات والترهيــب وحملات التشــهير وحظر السفــر والاحتجاز والملاحقة القضائية”.
وفي هذا السيــاق يرى مدافعون عن حقوق الإنسان في المملكــة أن حملة الاعتقالات التي شــملت العشرات تعبر عن عينــة في بلد اعتاد عــلى تجريــم دعــاة حريــة الــرأي والمطالبة بحقوق الإنسان الأساســية، تارة بتكفير ذلك واعتبــاره يدخــل في بــاب “الخــروج على ولاة الأمــر”، وأخــرى باتهامهــم بالخيانــة للوطن وقيادته.
كما رد نشــطاء حساب معتقلي الرأي على الاعتقالات بإبــراز القوانيين الدولية التي تمنع تعريض أي شخص للإخفاء القسري بقولها:” تنص المادة الأولى في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشــخاص من الاختفاء القسري على أنــه لا يجــوز تعريــض أي شــخص للإخفاء القسري بأي حجة كانت” وأضاف النشطاء قائلين:” تجرم المنظمات الدوليــة “كــل مــن يرتكــب جريمــة الإخفــاء القــسري، أو يأمــر أو يــوصي بارتكابهــا أو يحــاول ارتكابها، أو يكون متواطئاً أو يشــترك بارتكابهــا” في هــدف منهم يرمــي الى تسليط الضــوء على الانتهاكات التي مارســها النظام الملكي السعودي بحق حقوق الإنسان.
وتخلــص كــل الإجــراءات التعسفيــة مــن اعتقالات وفــرض الإقامة الجبريــة والتعذيب في السجــون بحــق معتقــلي الــرأي الى تفشي الفســاد في المملكة واثبات النظــام الملكي بأنه لا يعير انتباهــا لأي من حقوق الإنسان، وهنا يطرح السؤال نفسه. السعودية إلى أين؟؟