مستقبل القناة مجهول .. معاون بن سلمان يدير الفوضى في MBC
يمانيون – متابعات
قبل سنوات، واجه أحد مديري شبكة «MBC» مشكلة مع الولايات المتحدة، فتدخل مكتب حاكم دبي محمد بن راشد لدى القنصلية الأميركية في الإمارة لمعالجة المشكلة. وكانت الكلمة المفتاح: هذا الرجل موظف رئيسي في القناة التي تروّج لثقافتكم في بلادنا؟
القناة التي أصبحت الأكثر انتشاراً ونفوذاً في العالم العربي، توسّعت لتوفر الخدمات لجميع أفراد العائلة، من الأطفال الى كبار السن، مع اجتياح غبر مسبوق لجيل الشباب. وإذا كانت هذه المهمة قد احتاجت الى 25 سنة من الجهد والإنفاق الخيالي، إلا أنها لم تحتج الى أكثر من 5 أيام لجعلها في مهب الرياح، وتحويلها الى مسرح لأبشع عمليات انتقام بين المشرفين عليها.
مع اعتقال صاحب الشبكة الوليد الإبراهيم، انقطع الاتصال مع صاحب القرار الأوحد. حتى عائلة الرجل لا تعرف أيّ تفاصيل عنه. وتحاول نساء العائلة وكبارها التوسط لدى الديوان الملكي أو أجهزة الأمن للتثبت من مصيره ووضعه الصحي بعدما انضم الى حلقة الرهائن من خصوم محمد بن سلمان المحتجزين في فندق «ريتز كارلتون» في الرياض. المتصلون بالعائلة يتحدثون عن تحوله إلى ورقة ضغط على شقيقته الجوهرة أرملة الملك الراحل فهد بن عبد العزيز التي تعيش في جنيف حالياً، والتي يريد ابن سلمان ما بحوزتها وملفات المقربين منها الذين كانوا يستفيدون مالياً من الديوان أيام حكم فهد. وقد جرى التعرف إلى قسم من هؤلاء بعد الاستماع الى إفادة محمد سليمان (متزوج بلبنانية) الذي عمل مديراً لمكتب الملك فهد نحو عقدين من الزمن.
ابن سلمان لم يكتف بتوقيف الإبراهيم، بل قبض على 10 من إخوته، وروعي في اعتقالهم عزلهم بعضهم عن بعض لمنع التواصل بينهم. وسرت شائعات بأن ابن سلمان يدقق في معلومات عن مبالغ مالية كبيرة من خزينة الدولة تقاضاها الإبراهيم لدعم مؤسسته، مع إعفاءات من رسوم كثيرة، علماً بأن العائدات الإعلانية الكبيرة كانت تغني الـ MBC عن هذا الدعم. وتدقق السلطات السعودية في معلومات عن تحويله، في السنوات الأخيرة، نحو خمسة مليارات دولار، بعضها من عائدات عقود إعلانية، الى حسابات خاصة في أوروبا.
ومع اعتقال الإبراهيم، دب الذعر في مفاصل القناة. وعاش المديرون والمسؤولون التنفيذيون أياماً عصيبة، بعدما غابت المرجعية الحاسمة في كل شاردة وواردة. وتعززت المخاوف لدى العاملين بعد تجميد صلاحيات بعض المديرين، وإجراء تغييرات، وسط نفوذ غير مسبوق للسعودي تركي آل الشيخ الذي يعدّ من رجال ابن سلمان وأحد المستشارين في الديوان الملكي.
التغييرات بدأت بتوقيف برنامج «et بالعربي» قبل أيام من اعتقال الإبراهيم، بعد نشره خبراً عن زواج تركي آل الشيخ بمغنية مصرية. ومع اعتقال الابراهيم، فجّر تركي غضبه على القناة، وأجبر المنتجة سمر عقروق (تعمل في القناة منذ 20 عاماً) على الاستقالة، علماً بأنها زوجة الأردني أيمن الزيود مدير شركة «كاريزما» التي تتولى إنتاج «et بالعربي».
ويجري تركي تغييرات عشوائية في القناة، من دون أن يستشير أحداً، علماً بأنه يقدم نفسه كمثقف وعاشق للشعر، ويتندّر عاملون في القناة بأنه دفع مبلغاً مالياً كبيراً مقابل موافقة الفنان المصري عمرو دياب على إنتاج ألبوم من أشعاره، صدر الصيف الماضي. كما أنه كتب أخيراً أوبريت «علّم قطر» التي أدّاها مطربون خليجيون هاجموا فيها قطر بسبب «خيانتها للعرب».
مستقبل القناة مجهول لدى غالبية العاملين فيها. بعضهم بدأ يبحث عن عمل، رغم التطمينات التي صدرت عن الإدارة. لكن توقف بعض المصاريف الإنتاجية أثّر على شبكة من البرامج، وسط شائعات عن نية الحكومة إقفال مكاتبها واستديواتها في بيروت ودبي ونقلها الى السعودية. وينقل عن مسؤولين في الرياض قولهم لمراجعين من قبل القناة، إنه لن يكون هناك تغيير كبير، بل انتقال الإشراف الى رجالات البلاط السعودي، وسط تأكيدات بأنه سيصار الى الاستغناء عن خدمات أسماء بارزة، وخصوصاً من جنسيات غير خليجية.
والاحتمال الأقوى، الذي يصعب حسمه الآن، هو إخضاع المحطة بكامل قنواتها وبرامجها لسلطة «هيئة الإذاعة والتلفزيون السعودي» التي عيّن الصحافي داود الشريان رئيساً لها، علماً بأن له أصدقاء كثراً داخل المحطة، وكان يقدم أبرز برامجها السعودية المحلية «الثامنة»، وله سمعته المهنية الجيدة في الأوساط الإعلامية السعودية والعربية.
معلوم أن القرار النهائي بشأن المحطة سيكون له تأثيره على دول عربية عدة، أبرزها الإمارات العربية المتحدة، ولا سيما إمارة دبي التي اتخذت «MBC» منها مقراً رئيسياً لها، وكانت لها مساهمتها في بناء «مدينة دبي الإعلامية» التي يعتبرها حاكم الإمارة محمد بن راشد واحداً من أهم إنجازاته. ويظهر مقربون من ابن راشد خشية من قرار سعودي بضرب الواجهة الإعلامية للإمارة.
كذلك، ستكون بيروت من الخاسرين لأن القناة تشغّل عشرات العاملين، كما أن عقد التعاون الموقّع بينها وبين المؤسسة اللبنانية للإرسال سيكون معرضاً للتعطيل، بالإضافة الى احتمال التوقف عن تمويل مشاريع درامية كبيرة تنتج في بيروت وسوريا.